يحتضن رواق ديدوش مراد معرضا للفنانة التشكيلية تيجاني أمينة فريال استعرضت فيه تجربتها مع الريشة عاكسة رؤية فلسفية عميقة. قدمت الفنانة 17 لوحة زيتية تكاد تشترك كلها في الغموض والأبعاد والإضافة، وانحصرت بين الأسلوبين الانطباعي والتجريدي تاركة للمتفرج فرصة الغوص في المعاني التي حرصت على ايصالها مع التركيز على التفاصيل التي قد تضيف معاني أخرى لها أهميتها وحضورها في اللوحة. تشترك اللوحات في الإضاءة الخافتة لتبدو خلفيات بعضها وكأنها ظلام دامس، كما تبدو الشخصيات المرسومة وكأنها أشباح لا ملامح محددة لها. إضافة إلى اعتماد الفنانة على تقنية الخطوط في لوحاتها لتبدو ممتدة إلى أقاصي حدود اللوحة، فنجد الفنانة مثلا ترسم شخصيات لاتبدو ملامح وجوهها بوضوح بينما تجعل من أجسامها خطوطا متوازية ممتدة. في سكون الليل ذي الإضاءة الخافتة الشبيهة بإضاءة القمر تظهر المرأة في أجساد متعددة ومتوازية تشبه جسد عروس البحر تبحث في انعراجات حركاتها عن الحرية والاستقرار معا، حرصت الفنانة على استعمال الألوان الزاهية في موضوع المرأة خاصة منها الأحمر والأصفر والأبيض والبرتقالي وذلك انعكاسا لفكرة ارتباط المرأة دوما بالحياة والأمل والتغيير نحو مستقبل أفضل، من بين اللوحات المجسدة لهذه المعاني نجد مثلا ''الحلم''، ''الأمل''، ''الحفل''، ''أنت وأنا'' و''العمارة''. موضيع أخرى تناولتها الفنانة في لوحات أخرى تبدو أكثر عتمة خاصة تلك التي تناقش مواضيع اجتماعية معينة وهو ما تعكسه عناوين اللوحات لنجد مثلا ''العودة''، ''الوحدة''، ''الضائع'' وغيرها وتغلب في هذه اللوحات الألوان الداكنة خاصة الأزرق الداكن والأسود والرمادي والبني وتبدو الشخصيات غير واضحة الملامح ومتقطعة في أشكال هندسية متباينة ومتباعدة لتبدو وكأنها في حالة طيران لا تحكمه قواعد الجاذبية. اعتمدت الفنانة أيضا على الرموز سواء التي تمثل التراث أو ذات الأشكال الهندسية أو الإنسانية التي ارتبطت خاصة بالتقاء الأضداد واقتران النقيض بالنقيض. أغلب اللوحات من الحجم الكبير وذات ألوان زيتية وتلعب المساحات الملونة الفارغة من الأشكال والرسومات دورا أساسيا، حيث يلاحظ أن فراغ المساحات مقصود ليظهر اللون ويظهر الشكل (الأصغر من هذه المساحة) الذي يبرز موضوع اللوحة والذي لابد أن يكون التركيز عليه أكثر من أية أشكال إضافية أخرى حتى ولو كانت تقنيات ضرورية لاكتمال اللوحة. معرض ''عفو وتأملات'' يعطي للجانب الفلسفي للوحة أهمية قصوى خاصة عندما يتعرض لموضوع المرأة سواء في انتصاراتها أو انكساراتها فهي ملكة الكون تحتضنه بذراعيها المفتوحتين وهي الإنسان الضعيف الذي لا يحتمل غياب العدالة.