يشغل موضوع التسول فكر بعض رجال القانون، من منطلق أن النص القانوني موجود غير أن تطبيقه غير واضح من الناحية الواقعية، وهو ما حدثنا به الأستاذ سعيد يونسي محام معتمد لدى المجلس، حيث قال ”جرم المشرع التسول بالمادة 195 من قانون العقوبات التي جاء فيها : يعاقب بالحبس من شهر الى ستة أشهر كل من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان، وذلك رغم وجود وسائل العيش والتعيش لديه، او إمكانية الحصول عليها بالعمل أو بأي طريقة مشروعة أخرى”... وأرجع محدثنا صعوبة تطبيق النص، إلى كون المتابعة القضائية للمتسول تتطلب توفر بعض الشروط على غرار الاعتياد، أي ينبغي ان يكون المتسول متعودا على التسول ويجب ان يثبت هذا التعود، الى جانب شرط القدرة على العمل، أي ان يكون المتسول قادرا على العمل ومع هذا يفضل التسول، ومن هنا تبرز الصعوبات، إذ قد يكون المتسول كفيفا يرافقه طفل، او ان تكون المتسولة امرأة طاعنة بالسن او مريضة رفقة أبنائها، وعليه يضيف محدثنا ”ينبغي ان يتم صياغة مشروع قانون جديد، وهو على حد علمي في طور الإعداد ويتضمن تسليط عقوبات قاسية على الأمهات اللواتي يوجهن أطفالهن للتسول، وقد تصل العقوبة الى حد حرمان الأم من طفلها بصورة نهائية، ومع هذا اعتقد يقول ” ان هذا القانون أيضا سيطرح إشكالا باعتبار ان بعض النسوة يتسولن بأطفال ليسوا أبناءهن، وبالتالي فحرمانهن منهم لن يضرهن”. من جهته، أرجع الأستاذ شارد عليم محام معتمد لدى المجلس تنامي ظاهرة التسول بالأطفال، الى انشغال الضبطية القضائية بالبحث في جرائم أخرى، حيث قال ” استعمال الأطفال كوسيلة لاستعطاف الناس وحثهم على التصدق معاقب عليه بالقانون، وهو مقرون بالظرف المشدد، غير ان الملاحظ ان 50 بالمائة من النسوة اللاتي يتسولن بالأطفال هم أطفالهن حقا، ومن ثمة فإن العقوبات تكون عبارة عن غرامات مالية وأحكام بالحبس موقوفة النفاذ بالنظر الى طبيعة المجتمع الجزائري الذي ينظر بعين الرفق إلى المرأة. ويقترح محدثنا للقضاء على الظاهرة وجوب استحداث فرق خاصة تتابع هذا النوع من الجرائم، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى نجد أن ما أسهم في تنامي الظاهرة هو التعاطف الديني والاجتماعي لعامة الناس مع المتسولين دون ان يميزوا بين من يستحق ومن يعتمدها تجارة مربحة. بينما ترى الأستاذة خيرة شيع محامية معتمدة لدى المجلس، انه على الرغم من وجود قانون يعاقب ويجرم ظاهرة التسول عموما، والتسول بالأطفال تحديدا، إلا ان هذا القانون يقف عاجزا عن التطبيق في ظل غياب الشكاوى التي تقدم ضد الأشخاص الذين يتسولون بأطفالهم، ربما لغياب الوعي بخطورة الظاهرة . وأردفت قائلة ”لم اشهد يوما وجود قضايا خاصة بالتسول على مستوى المحاكم، لذا اعتقد انه ينبغي ان تتكفل الضبطية القضائية بمهمة المتابعة والتحقيق مع الأشخاص الذين يتسولون بالأطفال لمعرفة ما إذا كان الأمر تجارة أم هي الحاجة، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، ينبغي الإسراع في صياغة القانون الجديد الذي يجرم ظاهرة التسول بصورة مختلفة.