توقيف 592 متشرد ومتسول خلال سنة مع الانتشار غير المسبوق لعصابات التسول التي باتت تستغل الأطفال والرضع والمرضى لسرقة جيوب الجزائريين، ومع تفشي ظاهرة اختطاف الأطفال قصد استغلالهم في التسول وبيع الأعضاء البشرية، يطالب حقوقيون في الجزائر بتفعيل قانون تجريم التسول الذي باتت المحاكم تتساهل فيه ولا تصنفه أصلا في خانة قوانين الردع، مما دفع بمصالح الأمن إلى التساهل في توقيف المتسولين مما تسبب في تفشي هذه الظاهرة التي اخترقت المساجد والمتاجر وحتى البيوت . يصنف المشرع الجزائري التشرد والتسول ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالسجن لفترات متفاوتة قد تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات، مما دفع بمصالح الأمن إلى توقيف 529 شخص في العاصمة بتهمة التشرد والتسول، وهو الإجراء الذي انتقدته الكثير من الجمعيات الناشطة في مجال التكفل والتضامن مع هذه الشريحة . وأكد ممثلون عن الكشافة الإسلامية الجزائرية على أن الدولة الجزائرية بمختلف مؤسساتها فرطت كثيرا في التكفل بهذه الفئة التي تعاني ويلات البرد وهي تفترش الطرقات ليلا أمام مرآى المسؤولين وصناع القرار، بينما تضطر العديد من العائلات إلى مد يدها من أجل الحصول على لقمة العيش، وبدل أن تتجه الدولة إلى رعاية هذه الشريحة تتجه نحو العقاب والتجريم والحبس الذي لا يزيد إلا من معاناة المحرومين وتفاقم الظاهرة . من جهته. انتقد رئيس جمعية "تكافل"، كريم بوخالد، عصابات التسول "التي باتت تزرع الشك في المواطنين وتصدهم عن مد يد المساعد للفقراء الحقيقيين الذين عادة ما يتعففون ولا يمدون أيديهم"، لكن هناك من دفعت به الحاجة إلى التشرد أو التسول بحثا عن الدفء أو المساعدة، ومن غير المنطقي أن نقابل هؤلاء بالتجريم والعقاب لنزيد من معاناتهم . وفي ذات السياق، يطالب حقوقيون بتفعيل العقوبة على كل من ثبت تورطه في جريمة التسول لتطويق العصابات التي باتت تسرق جيوب الجزائريين وتطعن في مصداقية الأعمال التضامنية التي يبادر إليها المواطن، على حد قول المحامي بهلولي، الذي انتقد المحاكم واتهمها بتعطيل أحكام النظر في قضايا التشرد والتسول، مما دفع إلى انتشار خطير لهذه المظاهر، واعتبر المتحدث التشرد دافعا للتسول الذي بات مهنة لها سادتها ومنظروها وشبكات واسعة يجب القضاء عليها وتوقيفها بسلطة القانون . كل هذا التناقض يحدث في ظل أول تحقيق شرعت فيه وزارة التضامن والأسرة والجالية الجزائرية بالخارج بغرض كشف وتضييق الخناق على عصابات التسول التي باتت تستغل الأطفال وحتى النساء والمراهقين، وفي هذا الإطار حذر رئيس الهيأة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، البروفسور مصطفى خياطي، من استفحال ظاهرة المتاجرة وكراء الأطفال بهدف التسول بهم، بالإضافة إلى غياب الأسرة عن أداء دورها التربوي مما يتسبب في ازدياد وتيرة انحراف الأطفال والتسرب المدرسي الذي يحصد سنويا 500 ألف طفل، وأكد المتحدث على أن الجزائر لحد الساعة لا تملك قانونا شاملا لحماية الطفولة، والقوانين النظرية المعلنة مؤخرا تفتقد إلى آليات تطبيقها على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بإلزامية التمدرس ومنع طرد الأطفال دون السادسة عشر من المدارس .