نفذت كوريا الشمالية وعيدها بإجراء تجربة نووية جديدة وراحت تتوعد المجموعة الدولية بتفجير قنابل أخرى وإطلاق صواريخ باليستية في حال فرضت عقوبات دولية إضافية عليها. وفاجأت بيونغ يونغ الجميع، فجر أمس، بالإقدام على تفجير قنبلة نووية في تعارض مع النداءات الدولية التي ناشدتها بعدم الإقدام على هذه الخطوة التي ينتظر أن تزيد في عزلتها وربما فقدانها دعم أقرب الداعمين لها وخاصة من طرف الصين حليفتها الرئيسية. وأكدت تقارير كورية شمالية أن "التجربة النووية الثالثة تمت بنجاح وبتقنية عالية على عكس التجربتين السابقتين وبقوة تفجير أكبر وبقنبلة أقل حجما "في إشارة إلى أنها أصبحت تتحكم أكثر في مجال الأبحاث النووية". وفي وقت كان فيه الجميع ينتظر من السلطات الكورية الشمالية تبريرات "مقنعة" لإقدامها على هذه التجربة الجديدة راحت تنذر برد فعل أقسى في حال أقدمت المجموعة الدولية على فرض عقوبات اقتصادية عليها. وأكدت وزارة الدفاع في بيونغ يونغ، أمس، أن "التجربة ليست أول عمل ننفذه وإذا أقدمت الولاياتالمتحدة على تعقيد الوضع من خلال عدائها المتواصل ضدنا فإن ذلك سيحتم علينا الإقدام على تفجير ثان وثالث". وأقدمت بيونغ يونغ على إجراء ثالث تجربة نووية كانت بمثابة إشارة إنذار حقيقية باتجاه دول مجلس الأمن وكل المجموعة الدولية وبصفة خاصة في شبه الجزيرة الكورية وكل منطقة جنوب شرق آسيا التي أصيبت دوله بالدهشة والاستغراب الممزوج بالخوف من تصعيد عسكري في المنطقة. وقدرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية قوة القنبلة بحوالي 7 كيلو طن مقابل كيلو طن واحد في تجربة 2006 و6 كيلو طن سنة 2009 بينما قدرت القنبلة التي ألقتها الولاياتالمتحدة على هيروشيما ب15 كليو طن. وحتمت هذه الوضعية الطارئة على أعضاء مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع السلطات الكورية من تكرار تهديداتها بتجارب قادمة. ولا يستبعد في ظل هذا التحدي أن يتم استصدار لائحة دولية تفرض عقوبات اقتصادية عليها من أجل إنهاكها وجعلها غير قادرة على تطوير أبحاثها في هذا المجال. وأثارت عملية التفجير ردود فعل دولية منددة بدأها الأمين العام الاممي بان كي مون الذي وصف ذلك بمثابة تجربة "مزعزعة للاستقرار وخرق واضح وخطير لكل لوائح مجلس الأمن الدولي في هذا المجال". وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن التفجير استفزازي ويجعل كوريا الشمالية دولة غير مؤتمنة الجانب مما جعله يطالب برد فعل دولي سريع وذا مصداقية. بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن التصرف الكوري الشمالي يجب أن يرد عليه بإجابة مناسبة وحازمة. وهي نفس المواقف التي عبرت عنها كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا والهند. والمؤكد أن كوريا الشمالية وضعت الصين أكبر حليف لها في موقف حرج حول كيفية التعاطي مع هذا التفجير المفاجئ ولا يستبعد أن تنظر إليه بكين وكأنه تحد لها قبل غيرها من الدول الأخرى وخاصة وأن السلطات الصينية ما انفكت تناشد نظيرتها الشمالية بعدم الإقدام على مثل هذه التجارب. يذكر أن مسؤولين روس وصينيين وأمريكيين سبق وأن التقوا في اجتماعات غير رسمية من أجل بحث الوضع مباشرة بعد كشف بيونغ يونغ عزمها الإقدام على إجراء تجربة نووية جديدة وهو ما أحدث حالة استنفار قصوى في دول الجوار والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي من أجل إقناع كوريا الشمالية بعدم الإقدام على هذه التجربة. وهو ما يفسر مضمون البيان الذي أصدرته بكين أمس وأكدت على معارضتها الشديدة للتصرف الكوري الشمالي ولكنها لم تستعمل إلى حد الآن عبارة "تنديد" أو استنكار بما يؤكد أن السلطات الصينية ستجد نفسها فعلا في حرج كبير للدفاع عن موقفها وخاصة وإنها اقتنعت بان ما أقدمت عليها حليفتها يتعارض مع معاهدة منع الانتشار النووي. وأكدت منظمة معاهدة المنع التام لكل التجارب النووية الموجود مقرها في العاصمة النمساوية أن التفجير يشكل فعلا تهديدا واضحة للأمن العالمي. وبإقدامها على إجراء هذه التجربة يكون الرئيس الكوري الشمالي الشاب "كيم جونغ أن" قد أكد بطريقة واضحة مواصلة نهج والده وعدم تخليه على العقيدة الأمنية لبلاده رغم الآمال التي علقت عليه بمجرد توليه مهامه خلفا لوالده الراحل كيم جونغ ايل والذي أقدم على إجراء أول تجربتين نوويتين.