جدد الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، إرادة الدولة في مواصلة جهود دعم التنمية بولايات الجنوب، وأشار إلى أن كل الموارد متاحة لإنجاح المشاريع المدرجة في إطار البرامج المخصصة لهذه الولايات، داعيا سكان هذه المناطق وممثلي المجتمع المدني بصفة خاصة إلى التعاون مع السلطات العمومية لإنجاح برامج التنمية وتكريس الإصلاحات التي قررها رئيس الجمهورية. وأكد السيد سلال في لقاء مع أعيان وممثلي المجتمع المدني توج زيارته الميدانية أول أمس إلى بشار أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يولي اهتماما كبيرا لبرامج التنمية في الولايات الجنوبية من الوطن. موضحا بأن زيارات العمل التي يقوم بها مؤخرا إلى هذه الولايات تأتي تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية الرامية إلى تحقيق التوازن التنموي بين مختلف ولايات الوطن ومتابعته الخاصة لإنعاش حركية التنمية في مناطق الجنوب.
دعوة الشباب إلى الثقة في الدولة والحفاظ على الاستقرار فبالنسبة للسيد سلال، فإن مفتاح التنمية الاجتماعية والاقتصادية يكمن في الحفاظ على الاستقرار وفي الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة، مؤكدا في سياق متصل بأن الحكومة التي لا تتخذ أي قرار في إطار عملها دون التشاور مع المعنيين بهذه القرارات، وتبقى دوما في الاستماع للسكان دون إقصاء، والعمل معهم بجدية من أجل ضمان نجاح سياستها لتحسين وضعيتهم. وإذ نوه بوعي شباب ولاية ورقلة الذين تبنوا أسلوبا حضاريا في التعبير عن غضبهم من الوضعية الاجتماعية التي يعيشونها والمطالبة بتوفير الشغل لهم، بعيدا عن العنف، أعرب الوزير الأول عن قناعته بأن الدولة وانطلاقا من الإرادة السياسية الراسخة لرئيس الجمهورية ستتمكن من تحسين وضعية الجنوب، غير مستبعد في حديث لوكالة الانباء وجود محاولات لاستغلال الوضع في الجنوب، ومؤكدا بأن الحكومة من جهتها لا تنوي تجنب هذه النوايا السيئة للتهرب من مسؤولياتها، المتمثلة أساسا في معالجة الوضعيات التي يمكن أن تتخذ كتربة خصبة للمزايدات. وإذ أشار في سياق متصل إلى أن مشكل تشغيل الشباب يعد مشكلا حقيقيا في ولايات الجنوب، أبرز السيد سلال سعي الحكومة إلى تسوية هذا المشكل بجدية مع الأخذ في الحسبان خصوصيات كل منطقة من مناطق البلاد.
ولايات الجنوب تستفيد من مشاريع تنموية نوعية وعكَس البرنامج المكثف لزيارة الوزير الأول الذي نزل بولاية بشار مرفوقا ب9 وزراء للوقوف على مشاريع اقتصادية واجتماعية استراتيجية، وكذا نوعية هذه المشاريع والقرارات التي تم الإعلان عنها بالمناسبة، العناية الكبيرة التي تحظى بها ولايات الجنوب من قبل السلطات العمومية، ولاسيما فيما يتعلق بتحسين الإطار العام للسكان ورفع الغبن عن مختلف فئاتهم الاجتماعية، حيث أبرزت هذه الزيارة، على غرار زيارتي العمل اللتين قام بهما السيد سلال، مؤخرا إلى ولايتي ورقلة وأدرار، الاهتمام الكبير الذي تمنحه الدولة لقطاعات أساسية ظلت لعدة سنوات تفتقد لمشاريع وهياكل وتصنف في خانة القطاعات العاجزة بمناطق الجنوب على غرار التعليم العالي والتكوين والنقل والصحة، في حين تعززت هذه القطاعات في السنوات القليلة الأخيرة وفي ظرف زمني قياسي بإنجازات حيوية هامة منها ما تم استلامه بالكامل وأخرى يجري استكمالها بإشراف ومتابعة صارمة من الجهات الوصية، حتى أن بعض من هذه الإنجازات تتعدى من حيث أهميتها البعد المحلي إلى البعدين الجهوي والوطني، مثلما هو الحال بالنسبة لعيادة طب العيون التي تم فتحها ببشار في إطار التعاون الجزائري-الكوبي، والتي تعد ثالث عيادة من نوعها بعد العيادتين اللتين تم إنجازهما بولايتي الجلفةوورقلة، وتعرفان إقبالا من المرضى من مختلف ولايات الوطن بما فيها الولايات الشمالية. ولم يشهد قطاع الصحة في الجنوب اهتماما كالذي يعرفه في الفترة الأخيرة، سواء من خلال تكثيف إنجاز الهياكل الصحية العامة والمتخصصة، أو من خلال دعمه بمشاريع جديدة في قطاعات أخرى مكملة للتكفل بتأطيره وضمان إمداده بالموارد البشرية اللازمة. وقد جاء إعلان الوزير الأول، أول أمس، ببشار، عن قرار رئيس الجمهورية بتسجيل انجاز ثلاث كليات للطب، بكل من ورقلة والاغواط وبشار، ليؤكد هذا التوجه الذي يهدف بالأساس إلى تجاوز مشكل العجز في التأطير في المصالح الاستشفائية بهذه الولايات، وليكمل القرار التاريخي الذي أعلنه الرئيس بوتفليقة في ديسمبر 2011 بمناسبة افتتاحه للسنة الجامعية بولاية الأغواط، والقاضي بإنشاء هياكل استشفائية جامعية بالجنوب، تأهبا لفتح تخصص الطب في المؤسسات الجامعية بهذه المناطق، ومن ثمة تحقيق توازن أفضل لخريطة التكوين في العلوم الطبية عبر الوطن. وباعتباره أيضا من أبرز القطاعات التي تحتل أولوية الحكومة في دعم التنمية بمناطق الجنوب وتنفيذ استراتيجية فك العزلة عن السكان وتسهيل تنقلاتهم وإنعاش حركية الاقتصاد والتجارة، يساهم قطاع النقل بالسكك الحديدية بجنوب البلاد بمشاريع حيوية ضخمة ومعتبرة تأتي لتعزز شبكة النقل البري ومنشآت الطرق التي تجري عملية تأهيلها وعصرنتها عبر عدة محاور من الجنوب الجزائري، وقد عاين في هذا الإطار الوزير الأول عرضا مفصلا عن تقدم مشروع خط السكة الحديدية الرابط بين المشرية وبشار على مسافة 360 كلم، والذي يعتبر واحدا من أبرز التحديات التي أصرت الدولة على حملها ضمن استراتيجيتها لترقية قطاع النقل في ولايات الجنوب، ولاسيما في شقه المرتبط بعصرنة شبكة السكك الحديدية، الذي سيتعزز بموجب قانون المالية التكميلي 2013 بثلاثة مشاريع استراتيجية جديدة، لربط بشار بكل من أدرار وتندوف وربط ولاية الوادي بدائرة تقرت بورقلة.
الفلاحة والصناعة، الحلقة المكملة لجهود التنمية بالجنوب شدد الوزير الأول في مخاطبته لممثلي المجتمع المدني لولاية بشار على أن إنجاح جهود التنمية الإقتصادية في مختلف مناطق البلاد، هو السبيل الوحيد لنجاح كافة محاور الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية، داعيا سكان الجنوب بشكل عام وممثلي المجتمع المدني على وجه الخصوص للتعاون مع السلطات العمومية من أجل تحقيق أهداف التنمية. وفي حين جدد إرادة الدولة في دعم كل المشاريع التنموية المجدية في هذه المناطق، من خلال توفير الموارد اللازمة لتجسيدها، مشيرا إلى استجابة السلطات العمومية لمطلب فتح مصنع للاسمنت ببشار الذي تم التوقيع على عقد إنشائه أول أمس بين مسؤولي "جيكا" ومؤسسة "الساورة للاسمنت"، أوضح السيد سلال أن مسار دعم جهود التنمية بولايات الجنوب لن يكتمل بالشكل المنتظر والمطلوب إلا بإعطاء اهتمام أكبر لقطاعي الفلاحة والصناعة، داعيا ممثلي المجتمع المدني إلى الإسهام في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الزراعي والصناعي لاستغلال الثروات الطبيعية للمنطقة وفتح مناصب شغل جديدة لمواجهة مشكلة البطالة في هذه الولايات. وفي إطار إبراز مساعي الدولة لترقية هذين القطاعين تم الإعلان خلال هذه الزيارة عن قرب تجسيد مشروع المنطقة الصناعية لولاية بشار، وعن فتح ثانويات فلاحية لفائدة الشباب لتكوينهم في مختلف المهن والتخصصات الفلاحية، وتشجيعهم على الإقبال على مشاريع استصلاح الاراضي، التي تحظى بدعم استثنائي من قبل الدولة يصل إلى حد دفع أجرة للشباب مقابل استصلاحهم لأراضيهم الخاصة.
مرسوم وزاري لضبط النموذج المعماري للسكنات في الجنوب واغتنم وزير السكن والعمران، السيد عبد المجيد تبون، فرصة مرافقته للوزير الأول إلى ولاية بشار، ليعلن عن قرب إنهاء دائرته الوزارية لمشروع مرسوم وزاري يضبط طابعا معماريا نموذجيا لولايات الجنوب، وذلك في ظل رغبة السكان في بناء سكنات فردية أرضية واسعة ومطابقة للنمط المعيشي المحلي. وفي حين أشار إلى أن مشروع هذا المرسوم الوزاري سيتم إيداعه لدى الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري، كشف السيد تبون عن قرار وزارة السكن دعم عمليات ترميم القصور المستعملة كسكنات، موضحا في نفس السياق بأن القصور الشاغرة تتكفل بترميمها وزارة الثقافة. وأعلن الوزير بالمناسبة بأنه فضلا عن استفادتها من قرار رفع قيمة المساعدة التي تمنحها الدولة للمستفيدين من السكنات المدعمة بولايات الجنوب إلى 800 ألف دينار، فقد استفادت ولاية بشار من قرار الحكومة برفع حجم المشاريع السكنية المسجلة بها من 3 آلاف وحدة سكنية إلى 10 آلاف وحدة.