مسيرة فنية حافلة بالأغاني الناجحة تجاوزت 65 سنة، تعامل فيها مع ألمع الكتّاب والملحنين، أذكر منهم الأستاذ محمد لحبيب حشلاف، محبوباتي، مصطفى اسكندراني، حداد الجيلالي، لمين بشيشي، بوجمية مرزاق وغيرهم من العمالقة. اقترن اسمه بمريم ماكيبا في أغنية “أفريكا” كلمات الأستاذ مصطفى تومي، وتلحين: لمين بشيشي. اختار الطابع العصري لونا، وبصوته القوي المدوي استطاع أن يكون خير سفير للأغنية الجزائرية في المحافل الوطنية والدولية، يطرب الجماهير بأجمل أغانيه، “آه يا قلبي”، “يا راسي ما بقى حبيب”، “كي جيتيني”، “إذا ضحكتي” وأغنية “جزايرية” التي قدمها هدية للمرأة الجزائرية، أظنكم عرفتموه، إنّه المطرب القدير محمّد العماري الذي التقيناه وكانت لنا معه هذه الدردشة الخفيفة: المساء: يقال: “رُبّ صدفة خير من ألف ميعاد”، ونريد بالمناسبة معرفة أحوالك وجديدك؟ المطرب محمّد العماري: الأحوال كما ترين على ما يرام؛ فأنا اليوم وبعد مسيرة تعدّت الستين سنة في مجال الأغنية، قد وهبت الفن الجزائري أكثر من 152 أغنية، ولازلت قادرا على العطاء، وأعد بالكثير، والجديد يتمثل في أغانيّ ستصدر لي عن قريب، وستكون هديتي لجمهوري يوم 5 أفريل تزامنا مع الحفل الذي سأقيمه في المسرح الوطني الجزائري (محيي الدين بشطارزي)..
نرى أن أغنية “جزايرية” لاتزال تعرف النجاح ذاته، مثلها مثل أغاني كثيرة لمحمّد العماري، فما سرّ هذا التألّق الدائم؟ كما رأيت، هي أغان مرّت عليها سنوات لكنها مع هذا لم تشخ ولازالت مطلوبة ومحبّبة، والسرّ يكمن في العمل الجاد الكامل المتكامل وفي الكلمة المعبِّرة للكاتب المرهف محمد لحبيب حشلاف، ومنها: “من نظرة عينيك سحرية عرفت أنّك جزائرية”، وفي اللحن العذب المميَّز المتماشي والكلمة وفي الأداء القوي المؤثر، وهي كلّها مقومات للعمل الفني الناجح..
تُعدّ من جيل العمالقة الذين اختاروا الأغنية العصرية لونا وآثروا الأغنية الجزائرية كلمة ولحنا؛ إذ سبق لك التألّق في أغنية “مسعد ذاك اليوم اللي لقانا” كتابةً ولحنا وأداء، وأغنية “آه يا قلبي” تلحينا وأداء، فهل من إبداع مماثل في الطريق؟ الحفل الذي سأقيمه يوم الخامس أفريل سيكون حافلا بالمفاجآت والجديد، وهناك الكثير من الأغاني التي كتبتها ولّحنتها، وهي تجربة ليست بجديدة على محمّد العماري، فالفنان الجزائري فنان شامل، وقد سبق للمطرب رابح درياسة كتابة الأغاني رغم كونه مطربا، وقد أديت من كلماته أغنية “كي تكذب” (لو قلتلك) ألحان مصطفى اسكندراني، وهذه ميزة عمالقة الفن الجزائري، هم فنانون متكاملون خالدون بما أنتجوه من فن قيّم نظيف.
سبق وأن غنيت “أفريكا” ديو مع العملاقة مريم ماكيبا، وكانت تجربة رائدة، واليوم إن خيّروك فمن من الفنانين تختار لتؤدي معه ديو؟ بالفعل كانت تجربة رائدة، ومريم ماكيبا فنانة رائعة، وعداها أنا عاشق لصوت وأداء فنان العرب المطرب الكبير “محمّد عبدو”، الذي شهد لي قائلا بأن هناك صوتين قويين هما لكوكب الشرق أم كلثوم في مصر ولمحمد العماري في الجزائر، اللذين يغنيان الطبقة الصوتية العالية، وهذه شهادة أعتز بها، وأتمنى أن يجمعني مشروع ديو بهذا العملاق الكبير في يوم ما...
بعد مسيرة فنية حافلة بالعطاء تجاوزت اليوم 65 سنة كُرّمت من طرف جهات كثيرة ومن طرف وزيرة الثقافة في 2012، ومن طرف رئيس الجمهورية شخصيا، فماذا تعني لك هذه التكريمات تحديدا؟ هي وسام على جبيني، وتعني أنّ المسؤولين عن الثقافة والفن في بلادنا يدركون أهمية الفن ويعرفون جيّدا قيمة الفنان الأصيل الذي أعطى الكثير من أجل الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، وأنّ رئيس هذا البلد ملمّ بكل مناحي الحياة ومقدّر للفنانين الذين صنعوا مجد الأغنية الجزائرية، وللفن الذي يُعتبر أفضل سفير للبلد، شرفٌ كبير تكريم فخامة الرئيس لي شخصيا والوزيرة..
غنيت لإفريقيا وفلسطين وللجزائر الحبيبة وأديت أغنية “Mon Algérie” التي تغنيت فيها بسحر مناطق الجزائر، نابذا العنصرية والتفرقة، هل شعار السلم والإيخاء كان هدفك؟ بالفعل، وأظنه هدف كل فنان أصيل ملتزم محب للخير والسلام؛ فالفنان لا بد أن يكون صاحب رسالة، وليس أبلغ وأجمل من أن تكون حاملا للمحبة والسلم..
المساء: كلمة أخيرة؟ المطرب محمّد العماري: أشكر جمهوري الوفي الذي لازال يردّد أغانيَّ، وأشكركم على التفاتتكم، ولقاؤنا قريبا على ركح المسرح الوطني، فكونوا في الموعد...