لم تستطع الأربعة عقود التي مرت من عمر الجزائر، أن تمحي ذكريات المهرجان الإفريقي الأول سنة 1969، والذي كان نشيدا للحرية التي تم افتكاكها أو التي يتم السعي لنيلها، خاصة بعد إعلان ميلاد الاتحاد الإفريقي الجديد...يحدثنا في هذا الشأن بعض الذين عاشوا تلك الذكريات ولا يزالون يعيشونها الى اليوم بوجدانهم بكل حب وفخر. شاركت إفريقيا في تلك الفترة الجزائر في احتفالها بالاستقلال والتخلص من عبودية المستعمر الفرنسي، أي أن المهرجان كان دعما لاستقلال الجزائر وتأكيدا على حق باقي الشعوب في الاستقلال، لذلك كان شعاره »التحرر«. يتذكر هؤلاء هذا المهرجان وهم على عتبة الاحتفال بالطبعة الثانية للمهرجان الإفريقي بالجزائر المزمع تنظيمه من 5 إلى 20 جويلية القادم. الفنان محمد العماري : مهرجان 69 حمل ثقل الجزائر الثوري » المهرجان الثقافي الإفريقي لسنة 1969، كان حدثا تاريخيا يليق بقامة الجزائر التاريخية، وأجزم أنه لا يمكن لدولة ما في العالم في تلك الفترة أن تنوب عن الجزائر في تنظيم هذه التظاهرة، لمكانتها التي كادت أن تكون مقدسة، فلقد كانت قبلة الأحرار ومكة الثوار. ولقد شاركت بعد هذا المهرجان أي بعد مرور 14 سنة عليه في مهرجان مماثل نظمته ليبيا، لكن لم يكن في مستوى وقامة مهرجان الجزائر سنة 1969. ما أتذكره عن هذا المهرجان، هو احتكاكي بمجموعة من نجوم الغناء في افريقيا وعلى رأسهم الراحلة »مريم ماكيبا«، التي تشرفت بلقائها، حيث كانت ضيفة شرف وانطلقت شهرتها من الجزائر، وتعاملت معها فيما بعد وبالضبط سنة 1972 ، حيث أديت معها أغنية »أفريكا بقاعة الأطلس«، وهي الأغنية التي اصبحت اغنية عالمية وجعلت من ماكيبا أسطورة.. علما أن كاتب وملحن الأغنية جزائريان. لقد أديت في مهرجان 1969 بالجزائر، خمس أغان وهي »أرنستو شي غيفارا« من كلمات مصطفى تومي وألحاني، وأغنية »فلسطين« من كلمات مصطفى تومي وتلحين تيسير عقلة، وأغنية »الفيتنام« من كلمات مصطفى تومي وتلحيني، وكذلك أغنية »هذه بلادنا« من كلمات مصطفى تومي وتلحين بلاوي الهواري، ثم الأغنية المشهورة »جزائرية« التي لحنتها. كان هاجسي في ذلك الوقت هو أن اشرف بلادي أمام الأجانب، وبقي هذا الإحساس عندي طوال مشواري الفني. أما فيما يتعلق بمهرجان هذه السنة، أي 2009، فأنا حريص على حضوره إن شاء الله وحضرت أغنية بعنوان »إفريقيا« يقول مطلعها: »إفريقيا كلنا مع تحيا إفريقيا إفريقيا الخير، إفريقيا السلام، إفريقيا الأحلام أرض الأجداد، وشملها يبغي الاتحاد«. حراث بن جدو : الانصهار في القالب الإفريقي كنت سنة 1969 مقدما للنشرات الإخبارية في التلفزيون الجزائري، كما كنت أعمل سكرتيرا للتحرير، في هذه الفترة انصهر كل الصحفيين في القالب الإفريقي ومن كل وسائل الإعلام، وأتذكر أنه حينها حول السيد زيتوني مسعودي مدير التلفزيون لتسيير المهرجان الإفريقي في مقر يقع قرب البريد المركزي أي بمقر اتحاد الصحفيين... كنت أقوم بمتابعة الروبورتاجات والحفلات الفنية، خاصة تلك التي ينشطها الجزائريون، وأتذكر أيضا الراحلة مريم ماكيبا في رائعة »أنا حرة بالجزائر« التي أكسبتها شهرة عالمية. بشير بلحاج : المهرجان محطة هامة في تجربتي المهنية عملت في المهرجان الثقافي الإفريقي لسنة 1969 كمساعد مخرج، وقد تعاملت مع المخرج الكبير عبد الرحمن إسكار المقيم آنذاك في فرنسا، وتعلمت معه الكثير، كنا نسجل كل النشاطات الفنية التي كان يحتضنها ملعب 20 أوت بالعاصمة والتي كانت تمتع الجمهور الذي عاش اجواء الفرح منذ السنوات الأولى للاستقلال. وكان فرصة لنا لاكتشاف كل ما هو إفريقي من فن وتقاليد وتاريخ وغيرها، والكثير من تلك الدول الإفريقية كانت لا تزال تئن تحت وطأة الاستعمار، كأنغولا، الموزمبيق، بوركينا فاسو وجنوب افريقيا، كما سعدت برؤية مريم ماكيبا، نينا سيمون، آرتي شيب وغيرهم... من جهة أخرى، عرف المهرجان ميلاد السينما الإفريقية حيث التقى فيه عدد من السينمائيين الأفارقة وأعلنوا من الجزائر أنه على السينما ان تلعب دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية لبلدان إفريقيا.