شكّل اللقاء الذي نظّمه فضاء جريدة “الجزائر نيوز” أول أمس، بالجزائر العاصمة، فرصة لإشباع فضول المهتمين بالثقافة الأمازيغية، خاصة وأن الضيوف الذين حلوا عليه من أمازيغ مصر، جاؤوا للمشاركة في فعاليات الدورة ال13 لمهرجان الفيلم الأمازيغي بتيزي وزو، وتحدثوا عن بعض تفاصيل حياتهم وكشفوا عن أصل الأمازيغ المتواجدين بأرض الفراعنة. أكّد ضيوف شرف الطبعة الثالثة عشر لمهرجان الفيلم الأمازيغي، الجارية أطوارها بمدينة تيزي وزو، أنّ واحة سيوة تمثل مكان تواجد الأمازيغيين بمصر منذ دخول الإسلام لشمال إفريقيا، إذ كانت مقاما لعبور الحجيج الأمازيغ ومن ثم استقر بعضهم بالواحة التي تتوفر على شروط الحياة، وكان قرار استقرارهم هناك بغية بعث الحياة مجددا، حيث يروي التاريخ أنّه في عهد حكم شاشناق الأمازيغي لمصر الفرعونية، وبعد الحضارة الرومانية وبداية رسالة النبي عيسى عليه السلام، ظهر طاعون قاتل أباد كل البشرية بواحة بالمنطقة. وحسب عمر رجب شيخ قبيلة أولاد موسى، فإن واحة سيوة مكثت فترة طويلة غير آهلة بالسكان بعد واقعة الطاعون، إلى غاية الفتوحات الإسلامية، موضحا أن المجتمع السيوي مجتمع مسلم، ويقال إنه ينحدر من منطقة الشاوية، واللغة التي يتكلم بها هي “اللغة السيوية” واكتشفوا حديثا أنّها أمازيغية بفضل باحثين وأكاديميين ذهبوا إلى الواحة، وكشف المتحدث أنّ تواجده بالجزائر سيتيح له الفرصة في البحث عن قاموس أمازيغي عربي، بهدف الحفاظ على اللغة الأمازيغية التي تأثرت باللغتين العربية والإنجليزية فاختلطت بها بعض الكلمات. وبعد أن كشف المتحدث أنّ شاشناق ترك وصايا للجيش المصري، وقواته مازالت إلى اليوم يأخذ منها، قال الشيخ عمر رجب إنّ سكان سيوة الذين يشملون 11 قبيلة، لا يحتفلون بالسنة الأمازيغية، وبمناسبة تواجده بالجزائر عرف أن أمازيغ الجزائر يحتفلون بهذا الموعد يوم 12 يناير من كل سنة، وأضاف أن السيويين لهم احتفالية خاصة تقام كل سنة شهر أكتوبر وتتم خلالها طقوس وشعائر خاصة بأمازيغ واحة سيوة. وبخصوص الاهتمام بالتراث المادي للواحة، قال شيخ قبيلة أولاد موسى إنّ الحكومة المصرية على مرّ الزمن كان اهتمامها محتشما بالمنطقة، وفي البداية بعد المسافة وعدم وجود طرق نحو المدن، جعل سيوة تحكم نفسها بنفسها إلى غاية أواخر الحكم العثماني مع عباس حلمي بالتحديد، حيث كانت الدولة تدخل سيوة من أجل جمع الضرائب فقط، وكانت تخول المشايخ للقيام بالعملية، وبعدها جاء حكم الحدود للقوات المسلحة في عهد جمال عبد الناصر، ولم يكن هناك اهتمام بالواحة أساسا إلّا بعد ثورة 1952، فربطت الواحة بشبكة الكهرباء وبنت مركز للثقافة، وأسست ناديا رياضيا وبعض المرافق لتحسيس الناس أن هناك تغييرا في النظام. وبعد حرب 1973، كانت مصر منهكة، فطُلب من سكان الواحة كمجتمع محلي أن يفتح طريقا لفك العزلة عن الواحة، ويربطها بمحافظة مرسى مطروح إلى أن تعافت مصر اقتصاديا ورست الطريق بين مرسى مطروح وسيوة. وخلص المتحدث إلى أنّ كلّ الأنظمة التي تعاقبت على مصر، تبدأ بالاهتمام ثم في آخر عهدتها تهمش، وأضاف أنّ واحة سيوة شهدت مشاكل صعبة جدا ولم يستطع نظام حسني مبارك حلّها لضعفه، وأعرب عن أمله في أن يكون الاهتمام أكبر مستقبلا. من جهته، تطرّق الصحفي والمنتج حسن داود إلى حياة السيويين من خلال فيلمه الوثائقي الموسوم ب«أمازيغ مصر”، وقال إنّ سيوة جزء أصيل من مصر وشعبها من شعب مصر يستفيدون مما يستفيد الشعب المصري، ويتضرّرون كذلك بما يضر الشعب، وتعدّ سيوة من بين أكثر المناطق الغنية بالتراث الثقافي الإنساني في العالم، وتابع يقول، هناك محاولات وأعمال من قبل أفراد يعشقون الفن الأمازيغي ويعشقون البيئة الصحراوية وأقاموا العديد من المشاريع، منها قرية تزيري التي بناها مستثمر مغربي على الطراز السيوي القديم، ولفت إلى وجود تقصير من الحكومة المصرية بخصوص الاهتمام بهذا التراث.