يصل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، يوم غد، إلى المغرب، في إطار زيارة رسمية تدوم يومين هي الأولى من نوعها منذ انتخابه ربيع العام الماضي رئيسا لفرنسا. وأكدت مصادر فرنسية، أن الزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات بين فرنسا وأول شريك تجاري لها في منطقة المغرب العربي، حيث ينتظر أن يستقبل من قبل الملك محمد السادس بالعاصمة الرباط، قبل استقباله للوزير الأول المغربي عبد الإله بنكيران بمدينة الدارالبيضاء، على أن يلقي خطابا أمام نواب غرفتي البرلمان المغربي بعد غد الخميس. وقالت مصادر من الرئاسة الفرنسية إن العلاقات بين البلدين متشعبة وسلسة، كون المغرب يبقى أكبر حليف لباريس في منطقة شمال إفريقيا، وأنّ هذه الزيارة "تهدف إلى إبقاء هذه العلاقة في أعلى مستوياتها". وإذا كان الملك محمد السادس كان أول قائد دولة أجنبية يهنئ الرئيس هولاند يومين بعد انتخابه، إلا أنّ أول زيارة ارتأى الوافد الجديد على قصر الإليزيه القيام بها كانت إلى الجزائر نهاية العام الماضي، وهو ما أثار سخط الرباط التي رأت في ذلك تراجعا في أهميتها في أعين السلطات الفرنسية. وأضافت المصادر الفرنسية، أن زيارة هولاند الذي سيكون مرفوقا بتسعة وزراء سوف لن تعرف إطلاق مشاريع شراكة جديدة بين البلدين، ولكن فقط التوقيع على اتفاقيات لمرافقة المشاريع التي سبق التوقيع عليها في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، وخاصة تلك التي تخص إنجاز القطار السريع والميترو والتراموي وأخرى في المجال الفلاحي والمياه والطاقات المتجددة. ويريد الرئيس الفرنسي من خلال هذه الزيارة استعادة باريس المبادرة الاقتصادية من أجل جعل المغرب أكبر سوق للمنتجات الفرنسية، بعد أن استأثرت الصناعات الإسبانية في السنوات الأخيرة بالمرتبة الأولى، وهو ما أثار حفيظة الشركات الفرنسية التي لا تريد ترك المجال مفتوحا أمام غريمتها الايبرية. وفي مقابل ذلك، فإن المخزن المغربي ينتظر بفارغ الصبر مضمون الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الفرنسي أمام نواب البرلمان المغربي في شقه الخاص، بموقف باريس من قضية النزاع في الصحراء الغربية، وفكرة الحكم الذاتي التي تريد الرباط فرضها بما يوافق نزعتها الاستعمارية لضم هذا الإقليم الخاضع لسلطة الأممالمتحدة في انتظار تقرير مصيره. ورغم الموقف الفرنسي المعلن لصالح الموقف المغربي، إلا أن ذلك لم يمنع الأممالمتحدة من مواصلة مساعيها من أجل إنهاء الاحتلال المغربي وتنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي. وهو المبتغى الذي تحرك من أجله كريستوفر روس، الموفد الخاص للامين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، ضمن جولة قادته إلى عواصم المنطقة من أجل حلحلة حالة الاحتقان القائمة في آخر قضية تصفية استعمار في القارة. والمؤكد، أنّ روس أراد إبطال فكرة أن الحكم الذاتي يبقى الحل الوحيد لتسوية نزاع دام لقرابة أربعة عقود، على اعتبار أن تمسك الرباط بهذا الخيار الأوحد، هو الذي عرقل كل مسعى لتحقيق أي تقدم على طريق تسوية هذا النزاع. وهو ما يفسر التوتر الذي تعرفه الدبلوماسية المغربية في المدة الأخيرة، وهو ما يجعل موقف فرنسا القديم الجديد بمثابة قشة نجاة، فكرة تأكد عدم مصداقيتها، أمام رغبة شعب يريد التحرر والانعتاق، سواء دعمت فرنسا الملك محمد السادس أم بقيت على الحياد.