يصل اليوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر في زيارة رسمية تدوم يومين، في زيارة وصفت بالتاريخية بالنسبة لمستقبل العلاقات بين البلدين، نظرا للاتفاقيات الهامة التي سيبرمها البلدين في عدة قطاعات حساسة من شأنها أن تعيد الدفء بين باريس والجزائر بعد البرودة التي شهدتها علاقات البلدين في عهد الرئيس الأسبق ساركوزي. وستحظى الزيارة الأولى من نوعها لفرانسوا هولاند للجزائر منذ تربعه على عرشه قصر الاليزيه، باهتمام رسمي وشعبي وإعلامي على أعلى مستوى في فرنسا أو الجزائر، حيث وصفت دوائر سياسية مختصة في الشأن "الفرنسي الجزائري" هذه الزيارة بالتاريخية والحساسة بالنسبة لمستقبل العلاقات بين للدولتين على كل المستويات، خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي. فعلى المستوى السياسي ستكون زيارة هولاند للجزائر فرصة مواتية بالنسبة لباريس من أجل إصلاح علاقاتها السياسية المتوترة منذ عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. أما على المستوى الاقتصادي، فإن الزيارة ستكلل بإبرام عدة صفقات تعاون مشتركة في غاية الأهمية، ستكون بمثابة مؤشر قوي على عودة الاستثمارات الفرنسية في الجزائر بعد تراجعها في عهد ساركوزي. كما سيحمل الخطاب الذي سيلقيه هولاند غدا صباحا بقصر زيغود يوسف أمام نواب مجلس الشعب الجزائري بغرفتيه، العديد من الدلائل السياسية والمعاني التاريخية في ظل الحراك الدائر بين الدولتين حول مسألة اعتراف باريس بجرائمها الاستعمارية في الجزائر، وهو الخطاب الذي قد ينهي الخلاف ولو نسبيا بخصوص هذا الموضوع، لا سيما بعد الاعتراف الأخير لباريس بجرائم 17 أكتوبر 1961 وسيقوم بجولة خفيفة إلى بعض شوارع العاصمة، حيث كشفت في هذا الإطار مصادر على صلة بتنظيم الزيارة أن هولاند سيقوم بزيارة منزل موريس أودان بشارع ديدوش مراد، إضافة إلى قيامه بجولة في بعض الشوارع الرئيسية للعاصمة وإلقاء التحية على الشعب الجزائري. وكان فرانسوا هولاند عشية انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية شهر ماي الماضي خلفا لساركوزي، قد وصف من طرف وسائل الإعلام الفرنسية على أنه صديق الجزائر. مع العلم أنه اكتشف الجزائر سنة 1978 عندما كان طالبا في المعهد الوطني للإدارة وأمضى ثمانية أشهر في سفارة فرنسابالجزائر، ولعل اختياره زيارة الجزائر كأول دولة عربية ومغاربية تعبر فعلا عن هذه الصداقة التي يكنها للجزائر. كما ستكون زيارته هذه فرصة لمناقشة العديد من القضايا السياسية والاجتماعية التي تخص الجالية الجزائريةبفرنسا، والجالية الفرنسية بالجزائر، والتي يجسدها الوفد الهام المرافق لهولاند في هذه الزيارة. ويضم الوفد المرافق لهولاند العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية وحوالي 100 صحفي، حيث أشارت تقارير فرنسية في هذا الإطار إلى أن الوفد المرافق لهولاند يضم 47 شخصية، أغلبهم وزراء ورجال أعمال بالنظر لأهمية الزيارة التي سيقوم بها من الناحية الاقتصادية، حيث تم تخصيص طائرة فرنسية خاصة لنقل هذا الوفد الهام المرافق للرئيس الفرنسي، في بعثة وصفت على أنها الأكبر في تاريخ زيارات الرؤساء الفرنسيين. ورغم التشويس الإعلامي والسياسيى على هذه الزيارة سواء في باريس أو الجزائر، إلا أن هناك إجماع مشترك من طرف قيادة البلدين من أجل إنجاح هذه الزيارة وجعلها بمثابة صفحة جديدة في تاريخ البلدين والشعبين على أساس التعاون المشترك والاحترام المتبادل. البرنامج الكامل لزيارة هولاند: يضم برنامج الزيارة الرسمية التي سيشرع فيها الرئيس الفرنسي للجزائر بداية من اليوم وإلى غاية يوم غد الخميس، العديد من النشاطات واللقاءات والتنقلات على مستوى عدة قطاعات سياسية واقتصادية وثقافية. وفيما يلي البرنامج الكامل لهذه الزيارة، حسب بيان الرئاسة الفرنسية: الأربعاء: ^^ الساعة 14.00: الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يستقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. ^^ الساعة 18.05: الرئيس الفرنسي يلقي كلمة أمام الجالية الفرنسية المقيمة بالجزائر. ^^ الساعة 19.30: بوتفليقة وهولاند يوقعان على الاتفاقيات المشتركة في حفل يقام بقصر الثقافة مفدي زكريا. ^^ الساعة 20.15: حفل عشاء على شرف الرئيس الفرنسي هولاند بقصر الشعب. الخميس: ^^ الساعة 09.00: خطاب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام نواب مجلس الشعب الجزائري بغرفتيه. ^^ 10.15: تدخل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمناسبة تنظيم اللقاء الاقتصادي الفرنسي الجزائري. ^^ الساعة 15.15: خطاب الرئيس الفرنسي بجامعة أبوبكر بلقايد بتلمسان. ^^ الساعة 19.30: عشاء رسمي على شرف الرئيس الفرنسي. عيسى -ب خامس زيارة لرئيس فرنسي إلى الجزائر زيارات وعيادات… فماذا جدّ في العلاقات؟ لم يشهد التواصل الدبلوماسي بين الجزائروفرنسا، منذ استرجاع الاستقلال الوطني، نشاطا مكثفا بهذا الشكل الذي عرفته في هذه العشرية الأخيرة، حيث بلغت زيارات الدولة التي قادت رئيسي البلدين إلى العاصمتين الجزائر وباريس حوالي 6 زيارات، 4 منها للطرف الفرنسي، مما يوحي للعديد من المتابعين لملف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بأن تغييرا يكون قد حدث في سياسة الإليزيه تجاه مستعمرتها القديمة بعد سنين من الجفاء طبعت موقفها حيال العديد من القضايا، في وقت تؤكد فيه أغلب المعطيات الراهنة عكس هذا التوجه تماما. فما الذي ستضيفه زيارة فرانسوا هولاند للجزائر إلى هذه العلاقة؟ لم تعد زيارات رؤساء الدولة الفرنسية للجزائر، وتفضيلهم النزول بالمدن والأحياء العميقة بها مثل باب الواد ووهران وتلمسان، حدثا في ذاته كما كان الأمر عليه في السابق، لأن الأمر صار بالنسبة لأغلب الجزائريين شيئا معتادا ومألوفا منذ عهد جاك شيراك ثم نيكولا ساركوزي، ومن بعده الرئيس الحالي فرانسوا هولاند الذي سيحل اليوم بالعاصمة، ثم يرحل إلى عاصمة الزيانيين التي لم يفهم عدد كبير من الملاحظين خلفيات اختياره لها، هل من أجل تسويق مخطط شراكته الثنائية مع الجزائر بهدف إزالة مجموعة من الرواسب التاريخية والسياسية والاقتصادية التي تحيل دون ترقية هذه الشراكة إلى ما ينشده الطرفان؟ وربما تكتسي زيارة فرانسوا هولاند إلى الجزائر، هذه المرة، مجموعة من الخصوصيات تبررها، ربما، العودة القوية للاشتراكيين إلى سدة الحكم في فرنسا، بعدما ظلوا بعيدين عن زمام الأمور لأكثر من عقد من الزمن، ما جعلهم يراجعون مجموعة من الحسابات الإستراتيجية والسياسية في التصور الدبلوماسي الذي يحملون حيال القضايا الراهنة المطروحة على الساحة الدولية، بحيث شهد الموقف الرسمي الفرنسي تغيرا واضحا في التعاطي مع عديد القضايا، مثلما هو الأمر بالنسبة للحرب على الإرهاب في أفغانستان، إذ قرر الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند سحب قوات بلده منها، والأمر نفسه أيضا حدث مع ملف العلاقة الثنائية مع الجزائر، حيث لمس من تابع تصريحات الرئيس الفرنسي، خلال حملته الانتخابية، تغيرا واضحا وصل إلى حد تعهده بضرورة الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها الدولة الفرنسية في حق الشعب الجزائري خلال المرحلة الاستعمارية. ومن هذا الباب يأتي تخوف الكثير من المتابعين لهذه الزيارة، إذ يعتبرون أنها لن تضيف الشيء الكثير لمستقبل التعاون المشترك بين الطرفين، بالنظر إلى التردد الذي يبديه الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند حيال صفحات الماضي التي يرفض أن يفتحها مع الطرف الجزائري، بل أكثر من هذا قيامه باصطحاب عدد من الحركى في هذه الزيارة إلى الجزائر، ما يمثل استفزازا بالغا للشعب الجزائري وحكومته أيضا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مضمون خطابه، ونوعية المسائل التي ينوي مناقشتها مع المسؤولين الجزائريين، ولو أن العديد من المؤشرات توحي بأن الزيارة المذكورة قد تعود إلى نقطة البداية، هاته المرة، على اعتبار تصريحات كان أطلقها هذا الأخير بالأراضي الفرنسية، عندما أشار إلى إمكانية بحث قضية رهبان تيبحرين الذين اغتيلوا من طرف الجماعات الإرهابية سنة 1995، ما يؤكد رفض الطرف الفرنسي التصديق على الرواية الحقيقية والرسمية التي عولج بها هذا الملف قضائيا وسياسيا. كريم.ح هولاند يتجنب حديث الذاكرة ويريدها زيارة حسن نوايا “كريسماس" فرنسي .. في الجزائر عبد السلام بارودي لاتزال زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر المرتقبة يومي الأربعاء والخميس تسيل الحبر من الجانبين الفرنسي والجزائري. فرنسيا لم يتأخر رئيس الوزراء "جان مارك إيرولت" عن الطيران إلى الرباط من أجل طمأنة المغرب على مكانته في القلب الباريسي. فقد دأب رؤساء فرنسا على القيام بأول زيارة لهم نحو المغرب وليس الجزائر، بينما هولاند خالف قاعدة من قواعد الإليزي هذه المرة، ،رغم ذلك فإن الرئيس فرانسوا هولاند لا يمكنه تجاوز الخطوط الحمراء للسياسة الفرنسية الخارجية لأنها السقف الأعلى الذي لا يمكن تجاوزه بغض النظر عن توجهات سيد الإليزي. أما على الصعيد الجزائري فلا تخلو زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر من رائحة التاريخ والذاكرة. ورغم محاولة إبعاد الجانب الفرنسي لهذا الملف من واجهة النقاش الرسمي إلى دهاليز البحث المتخصص والتأريخ، فإن العلاقة الكولونيالية لفرنسابالجزائر.. آثارها وتداعياتها لا يمكن تجاهلها تحت أي مبرر كان، حيث الجرح مازال ينزف بسبب الخلافات المتجددة دوما بين العاصمتين. وقبيل رحيل جاك شيراك عن الرئاسة خرجت الجمعية الفرنسية ذات الأغلبية اليمينية وقتها على الجزائريين بقانون 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار، قانون العار الذي كاد يقطع شعرة معاوية بين البلدين رغم وجود شيراك وقتها رئيسا لفرنسا، وبرحيله عن الإليزي تعقّدت العلاقات الثناية بين البلدية فقد كان مجيء ساركوزي مقدمة لسنوات أخرى من التشنج والبرودة في العلاقات الثناية بين البلدين. عهدة ساركوزي تميزت بتعاطي استفزازي للفرنسيين مع كل ما يمتّ بصلة إلى الجزائر والمهاجرين والمسلمين عموما، فقد طارد ساركوزي كل ما يرمز إلى الإسلام وصادر حقوق المهاجرين وضيّق الخناق على تنقل الأشخاص. كما عرفت عهدته قضية توقيف الدبلوماسي الجزائري بتهمة التورط في اغتيال محامي الأفافاس مسيلي، كما أغلقت سياسة ساركوزي تجاه الجزائري كل أمل في العودة إلى الحوار المثمر، حيث ارتفعت حدة الملاسنات بين المسؤولين الفرنسيين والسياسيين في الجزائر وصلت إلى حد تقديم مشروع قانون تجريم الاستعمار من طرف نواب في البرلمان الجزائري، لكن المبادرة عرفت تراجعا رسميا من قبل الحكومة لأسباب سياسية، إذ لا تريد السلطة في الجزائر خوض هذه المعركة بالمرة على أمل أن يأتي التنازل والحل من الطرف الفرنسي. ولأن دائرة الأمل اتسع نطاقها مع وصول هولاند إلى السلطة وإبدائه إشارات إيجابية تجاه الجزائر، فإن الكثير من الجزائريين ظلوا يتطلعون إلى هذه الزيارة على أنها مناسبة لتهيئة الأجواء نحو تصفية كافة القضايا العالقة. لكن فرانسوا هولاند سيأتي إلى الجزائر وبيده الورقة الوحيدة لحسن النوايا المتمثلة في الاعتراف الفرنسي بمجزرة 17 أكتوبر 1961، اعتراف يضعها في خانة الجرائم الاستعمارية العنصرية. لكن مراقبين يتساءلون: كيف تعترف فرنسا بالمجزرة الجماعية التي حدثت بحق الجزائريين في باريس، ولا تعترف بالجريمة الكبرى التي اقترفتها قواتها في الجزائر على مدار 130 سنة؟ وإذا كانت أحداث 17 أكتوبر جزءا من تاريخ النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، فلماذا تعترف فرنسا بالجزء وتتجاهل الكل؟ لقد ظلت ملفات الذاكرة والهجرة والتنقل من أكثر القضايا إثارة للنقاش السياسي والإعلامي بين الجزائروفرنسا، وظلت العلاقات المشتركة بين البلدين محل تجاذب تخضع للتعاطي إيجابيا أو سلبيا مع هذه الملفات. رغم ذلك لا يبدو في الأفق أن زيارة هولاند ستفتح الملفات الأكثر إثارة بين البلدين، فهو يريدها "كريسماس" فرنسيا بالجزائر عشية نهاية السنة الميلادية، ومناسبة يمكن للشركات الفرنسية الاستفادة من التربة المهيّأة للمزيد من المشاريع الكبرى، وباستثناء مفتاح داي حسين الذي سيقدمه الرئيس الفرنسي بحديقة صوفيا لرئيس البلدية فإن باقي المفاتيح مؤجل تسليمها إلى ما بعد ليلة رأس السنة. الصحافة المغربية تشوّش على زيارة هولاند للجزائر يبدو أن الأشقاء المغاربة لم يهضموا فعلا زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر كمحطة أولى قبل المغرب، وإلا كيف نفسر التشويش الإعلامي المغربي على هذه الزيارة من خلال القلق الكبير الذي عبرت عنه بعض الصحف المغربية إزاء هذه الزيارة، خاصة في ظل التقارب الجزائري الفرنسي بخصوص بعض القضايا الحساسة في المنطقة كقضية الصحراء الغربية والتدخل العسكري في مالي، ومكافحة الهجرة. وبشأن هذه الزيارة كشفت بعض الصحف المغربية عن وجود تناقض بين باريس والجزائر من الهدف الرئيسي لهذه الزيارة، لأن فرانسوا هولاند عبر عن رغبته في "التطلع بعزم إلى المستقبل"، بينما تحدث الرئيس الجزائري عن "مرحلة جديدة" في علاقات البلدين. وحسب ما ورد في صحفية "العلم" المغربية يوم أمس، فإن زيارة هولاند للجزائر لن تزيل التوتر التاريخي بين البلدين، حيث استندت في هذا الإطار إلى رأي بعض الخبراء والساسة المغاربة. وقالت خديجة محسن فينان الأستاذة في جامعة باريس 1 إن "هناك اليوم محاولة واضحة لتدارك التوتر" ودللت على ذلك خطوة الرئيس الاشتراكي الذي اعترف هذا الخريف "بالقمع الدامي" الذي تعرض له في 17 اكتوبر 1961 متظاهرون جزائريون مسالمون رغم حظر التجول في باريس. وفي حين تريد باريس كسب دعم الجزائر لتدخل دولي في شمال مالي، تركز الجزائر خصوصا على مجال الهجرة. ولم تستبعد خديجة محسن فينان حصول شيء من التوتر بين باريس والجزائر وقالت "إن الأمر يتعلق بالفاعلين والطريقة التي سيتكلمون بها، نرى جيدا أن هناك حرجا في الجانب الفرنسي، هناك دائما أمور غير متوقعة مع الجزائريين، فلا يجب التحدث عن الربيع العربي ولا المغرب، وهناك الكثير من المواضيع التي يجب عدم التطرق إليها لعدم إثارة الاستياء". والشيء المؤكد هو أن باريس تفطنت للقلق المغربي من زيارة هولاند للجزائر، وسارعت لاحتوائه من خلال إرسال الوزير الأول الفرنسي، جون مارك أيرولت، إلى الرباط لطمأنة السلطات المغربية والتباحث معها، حيث التقى أيرو مؤخرا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، وأسفر الاجتماع الفرنسي المغربي عن توقيع عدة اتفاقيات للتعاون وأربع اتفاقيات قروض بمبلغ إجمالي يصل إلى 280 مليون أورو، مقدمة من الوكالة الفرنسية للتعاون لدعم مشاريع تنموية بالمغرب. كما كشفت وسائل الإعلام في المغرب عن لقاء جمع الملك محمد السادس والوزير الأول الفرنسي، تركز فيه النقاش بالدرجة الأولى على مسألة زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المرتقبة إلى الجزائر وخلفياتها. وقال في هذا الإطار السياسي المغربي والأستاذ في القانون الدستوري حسن طارق لموقع "فرانس 24" "هناك مخاوف في المغرب بشأن زيارة هولاند إلى الجزائر". عيسى.ب تطرح زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر العديد من الأسئلة عن "دوافعها الحقيقية" ونوايا باريس التي يعتقد كثير من المتابعين، أنها لن تقدم تنازلات في ملف الذاكرة وثورة التحرير، أو تهتم بدعوات "الاعتذار عن الماضي والإجرام الاستعماري"، وستكون فقط مجرد زيارة بروتوكولية بدوافع اقتصادية بحتة، خصوصا أن باريس مهددة بعدوى الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلدان أوروبية كانت توصف بالقوية. وتذهب آراء باحثين استطلعت "البلاد" آراءهم ساعات قبل زيارة هولاند، في هذا السياق، حيث يعتقد الدكتور والمؤرخ رابح لونيسي أن الزيارة مجرد بحث عن سبل جديدة للاستثمار بعيدا عن الملف التاريخي، بينما يرى الدكتور عبد الرحمن تومي أنها فرصة لإبرام أكبر عدد من الاتفاقيات الاقتصادية. المؤرخ والدكتور رابح لونيسي ل”البلاد" طوينا الصفحة لكن لم نمزقها.. وهولاند هنا من أجل اقتصاد بلاده ^ ماهي قراءتكم لزيارة هولاند الأولى للجزائر، خاصة أنها الأولى إلى المغرب العربي؟ كي نقوم بقراءة لهذه الزيارة، يجب أن نطرح سؤالا وهو لماذا هذا الاهتمام الشعبي والرسمي المضخم جدا بأي زيارة يقوم بها رئيس فرنسي إلى الجزائر، وكأننا لانريد أن ننظر إلى فرنسا كدولة عادية مثل الدول الأخرى، ويبدو أن هذا تعبير ضمني بوجود ارتباطات قوية بين نخب البلدين، وأن فرنسا لايزال لها تأثير كبير في بلادنا، ويمكن أن يقول البعض إن هذا ملاحظ حتى على المستوى الشعبي.. فالجزائريون لهم ارتباطات بفرنسا من خلال التواجد الكبير لمهاجرينا هناك، لكن من المفروض أن نتعامل مع الزيارة بشكل عادي مبني على المصالح المتبادلة بين الطرفين مثلما نتعامل مع الدول الأخرى، ويجب أن نقوم بتنويع علاقاتنا في جميع المجالات مع كل الدول حسب مصالحنا كي لا نبقى الجزائر رهينة في اليد الفرنسية. ^ هل تتوقعون أن تكون مغايرة للزيارات السابقة لكل من ساركوزي وشيراك؟ هناك اختلاف بين شيراك وساركوزي من جهة وهولاند من جهة أخرى، فالأولان من اليمين، وهولاند من اليسار، لكن لا أعتقد أن هناك اختلافا في الأهداف بين كل هؤلاء، وهي خدمة المصالح الفرنسية، خاصة وأن الاقتصاد الفرنسي يعاني من عدة مشاكل، ومنها بعض الشركات، وما سيتغير هو التكتيك والأساليب في الوصول إلى نفس الأهداف، لأننا يجب أن نفهم أن هذه الدول التي يمكن أن نسميها بالديمقراطية تختلف الأحزاب فيها حول المسائل الداخلية، لكنها متفقة تماما على السياسة الخارجية من ناحية الأهداف الاستراتيجية. ^ في نظركم، ما هي خلفية الزيارة: هل هي اقتصادية تجارية بحتة، أم أنها ذات أبعاد استراتيجية كما دعا الى ذلك الجانب الجزائري؟ أعتقد أنها اقتصادية وتجارية بحتة تدخل في إطار البحث عن أسواق ومناطق للاستثمار وضمان النفط، وغرابة الأمر أنها نفس أهداف الاستعمار الفرنسي عند احتلال الجزائر عام 1830، لأن أسباب الاحتلال الحقيقية تتمثل في وقوع فرنسا آنذاك في أزمة خانقة بفعل الأزمة الدورية للاقتصاد الرأسمالي في أوروبا الغربية، ومنها فرنسا، ويعيش هذا الاقتصاد اليوم نفس الأزمة الدورية للرأسمالية، لكن يتم حل هذه الأزمات اليوم بأساليب أخرى، ويتم دائما على حساب الجزائر بصفتها المجال الحيوي لفرنسا. ^ هل تتوقعون أن يجرؤ هولاند على خطوة أخرى في ملف الذاكرة؟ لا يمكن أن ننتظر اعتذارا فرنسيا عن جرائمها، لأنه يعد خطا أحمر لدى كل نخبها السياسية، لكن لن يكون بنفس طريقة ساركوزي مثلا، بل يمكن أن يتلاعب هولاند بالكلمات والألفاظ، ثم تبقى مسألة تأويل ذلك مفتوحة، وهدفه من ذلك كله هو إعطاء نوع من القوة للبعض ممن تدعمهم فرنسا داخل السلطة، فيكتسبون من خلال ذلك نوعا من الشعبية يستخدمونها لأهداف سلطوية بحتة أكثر مما هي في خدمة المصالح الإستراتيجية للدولة الجزائرية، ونشير إلى أن في مسألة الذاكرة، الساسة الفرنسيون يعترفون ببعض ما يرونه أخطاء وجدت، مثل اعتراف السفير الفرنسي بجرائم 08 ماي 1945، وكذلك اعتراف هولاند بأن هناك جريمة وقعت يوم 17 أكتوبر 1961، لكن كأنها حالات شاذة، ويمكن أن يقوم بنفس المناورة في خطابه أمام البرلمان بغرفتيه، ثم يجب أن نقولها بكل صراحة هناك علاقة جدلية بين مصالح فرنسا وبعض العناصر من نخبنا السياسية، ولو اعترفت فرنسا صراحة بتلك الجرائم فمعناه تنزع من بعض سياسيينا التهريج باسم تلك الجرائم، ولا يبقى لهم رأسمال رمزي يستخدمونه لذر الرماد في العيون. ^ هناك من دعا إلى تصفية العلاقات الثنائية بين البلدين من الفكر الكولونيالي، هل أنتم مع هذا الطرح؟ قال الرئيس هواري بومدين كلمة يجب أن تترسخ في أذهاننا "نحن طوينا الصفحة لكن لن نمزقها"، ولهذا أقول إنه من المستحيل محو هذا الماضي الاستعماري من ذهن الإنسان الجزائري، بل بالعكس يجب أن يترسخ أكثر في أذهان أبنائنا، لكن ليس بالتهريج، بل بالعمل الذكي وبناء وطنية جديدة تدعو إلى بناء دولة جزائرية قوية في كل المجالات والتضحية بضريبة العرق كي لانضطر إلى دفع ضريبة الدم مرة أخرى، بسبب أطماع الآخرين فينا لأننا ضعفاء.