كثف المغرب تحركاته الدبلوماسية خلال الأيام القليلة الماضية في مهمة عنوانها ''سحب الثقة من كريستوفر روس'' من منصبه الحالي كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، بسبب تقرير بان كي مون الأخير، والذي -على غير العادة- لم يكن محل رضى المخزن بسبب اتهامه بالتجسس على قوات المينورسو ووقوف التقرير عند الحصار المضروب على الأراضي الصحراوية المحتلة ومنع المراقبين الدوليين والإعلاميين من زيارتها. نقلت تقارير إعلامية عن وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني اتهامه روس باستعمال عبارات مسيئة للمغرب، وقال العثماني ''إن روس لم يكن منصفا في آخر تقرير له، وإنه لم يحقق أي نتيجة تذكر في المفاوضات التي يرعاها منذ سنتين''، رغم أن التقرير الذي اعتمد في الأممالمتحدة تم تغييره ثلاث مرات قبل أن يصادق عليه، بعد أن مارس المغرب وحليفته فرنسا ضغوطا واسعة في مجلس الأمن، كما أن فرنسا منعت وجود أي عبارة تدين المغرب بخصوص انتهاكاته لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وهو الأمر الذي أدانته جبهة البوليساريو بشدة. وفي ظرف أقل من أسبوع، طار سعد الدين العثماني إلى واشنطن ثم نيويرك أين التقى على التوالي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون والأمين الأممي بان كيمون، حيث طلب من الأولى أن تتفهم رغبة بلاده في إنهاء مهام الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس، كما قدم نفس الطلب إلى الأمين الأممي، وبعدها تحول إلى باريس أين التقى بالمدير السابق لحملة الرئيس الجديد لفرنسا، بيار موسكوفيتشي، في محاولة للحصول على تأييد من فرنسوا هولاند لمسعاهم، وكذلك محاولة إقناع الحاكم الجديد لفرنسا بدعم المقاربة المغربية من النزاع في الصحراء الغربية، خاصة وأن الرباط متخوفة من تقارب بين هولاند والجزائر، وبالتالي حدوث تغيير ما في الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية. هذا التخوف تنامى منذ وصول هولاند إلى الإليزي، وهو ما جعل الملك محمد السادس يطير يوم الجمعة الماضي إلى باريس دون سابق إعلان، في زيارة وصفت ''بالخاصة''، في محاولة لممارسة الضغط على هولاند عبر أصدقائه في الإيليزي ومراكز القرار في فرنسا لمنع أي تغير مستقبلا في السياسة الفرنسية تجاه المغرب، رغم أن هولاند وإن كانت تربطه علاقات طيبة مع الساسة الجزائريين، غير أنه لم يفز بقوة بالإضافة إلى أن فرنسا تحتكم إلى منطق المصلحة، ما يجعل أي تغيير محتمل لبوصلة فرنسا أمر مستبعد. وترى مصادر دبلوماسية قريبة من الملف أن المغرب لم يهضم التقرير الأخير لبان كي مون حول الصحراء الغربية، وينظر -أي المغرب- إلى أن هذا التقرير وراءه المبعوث الشخصي للأمين الأممي كريستوفر روس وممثله في الصحراء الغربية هاني عزيز، ويعتبر المخزن أن روس تجاوز صلاحيته لأنه نقل تقريرا قريبا من الواقع لأول مرة منذ عهد المبعوث السابق جيمس بيكر، الأمر الذي أثار حفيظته، ما جعل التخلص من روس من أولويات الرباط. وتضيف المصادر أن المغرب مثلما طرد جيمس بيكر لأنه لم يخدم توجهاته، يحاول أن يطرد روس، وتوقع أن واشنطن لن تتنازل بسهولة عن روس بحكم أنه دبلوماسي أمريكي، واعتبر أنه في حال أن المغرب نجح في مهمته، فإن ذلك سيظهر من جديد ضعف الأممالمتحدة، وسيدفع الأمور نحو اللا استقرار في منطقة لا تقبل المزيد من الاضطراب.