تعديل الدستور ضرورة يفرضها المسار الديمقراطي الذي تسعى الجزائر سلطة وأحزابا وشعبا إلى استكماله، خاصة إذا علمنا أن حاجات المواطنين حكاما ومحكومين في تزايد وتغير مستمرين يتوجب معه تحيين بنود الدستور بما لا يمس -طبعا- بثوابت الأمة المنصوص عليها دستوريا. لقد فرضت التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في تاريخ الجزائر المستقلة جملة من التحديات السياسية بجميع أبعادها انعكست في دساتيرها المتعاقبة صياغة وتعديلا، وهذا دليل على حيوية المجتمع وتطوره السريع في كثير من الأحيان وهو ماتشهد عليه عدد المرات التي تم فيها اللجوء إلى مراجعة الدستور. ولأن الديمقراطية صرح لا يمكن بناؤه دفعة واحدة أو بقرار سياسي بل تساهم أجيال متعاقبة في استكماله فإن الدستور هو الآخر يخضع لهذا المنطق ليكون عاكسا لهذه الحاجات الديمقراطية وضامنا لتنظيم الحياة السياسية للبلد. وقرار تعديل الدستور اليوم الصادر عن رئيس الجمهورية يأتي في هذا السياق كما يأتي تتويجا لجملة الإصلاحات التي بادر بها قبل ذلك تجسيدا لبرنامجه الانتخابي وتعهداته للشعب بتحقيق الإصلاحات المطلوبة في جميع المجالات وهو ما كان. وبالرغم من أن التحولات السياسية التي عرفتها الجزائر جاءت في أجواء من الاضطرابات إلا أن المكاسب الديمقراطية التي تحققت عززت إلى حد كبير المسار الديمقراطي الذي نرجو أن يحدد مشروع تعديل الدستور معالمه النهائية لسد الطريق أمام المزايدات السياحية ومحاولات ممارسة الوصاية على الشعب بشتى الأعذار مع أنه هو مصدر السيادة.