حمل التقرير العالمي لكتابة الدولة الأمريكية حول حقوق الإنسان الصادر، أول أمس، رؤية إيجابية عن وضعية هذه الحقوق في الجزائر، من خلال تسجيل تقدم في ميادين حرية الصحافة والتحرر السياسي للمرأة. وهو التقييم الذي لم يختلف كثيرا عن تقرير السنة الماضية، حيث حمل الطابع الإيجابي إزاء الخطوات المحققة في هذه المجالات، في الوقت الذي سجل فيه التقرير الجديد بعض النقائص في قطاع العدالة، خاصة فيما يتعلق بمدة الحبس الاحتياطي الطويلة. وتناولت كتابة الدولة الأمريكية حول تقييم وضعية حقوق الإنسان في كل بلدان العالم، الحريات المدنية والحقوق السياسية ومكافحة الرشوة وحقوق المرأة وحقوق العمال بوجه خاص، حيث أفادت في الجزء المخصص للجزائر بخصوص حرية الصحافة، أنّ الصحافيين والكاريكاتوريين الجزائريين “ينتقدون باستمرار الحكومة” وأن الأحزاب السياسية بما فيها تلك المنتمية للتيار الإسلامي”، تعبر عن آرائها في الصحف المستقلة”. كما يمكن لأحزاب المعارضة -كما يواصل التقرير- “نشر معلومات من خلال الإنترنت وإصدار بيانات”. وأوضح التقرير أن الصحافيين “يشكون من صعوبة الحصول على معلومات من مسؤولي الحكومة”، في الوقت الذي تمت فيه الإشارة إلى أنه لم تحدث أية “حالة تدخل للحكومة في مجال نشر وإصدار الكتب خلال سنة 2012”. وفيما يتعلق بالانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت السنة الماضية، أكدت دائرة جون كيري أنّ عشرات الأحزاب الجديدة شاركت في الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 ماي 2012، مع قدوم 500 مراقب دولي خاصة من الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والمعهد الوطني الديمقراطي (ناشينل ديمكراتك اينستيتيوت) ومركز كارتر (كارتر سانتر) إلى الجزائر لمراقبة الانتخابات التي وصفوها ب«الحسنة في مجملها”. ولاحظ التقرير أن المعارضة تتمتع بحرية ممارسة حقوقها السياسية، مضيفا أنه لم تسجل في 2012 “أية حالة عنف أو تدخل الحكومة ضد المعارضة السياسية في التنظيم أو المشاركة في الانتخابات”. أما في مجال القضاء، فيرى التقرير أن “المدة الطويلة للحبس الاحتياطي تبقى مشكلا مطروحا”. في حين أشار إلى أن القانون الجزائري ينص على حق الإضراب وأن “العمال يمارسون هذا الحق تحت بعض الشروط”. وعن قطاع التربية، يوضح التقرير أن التعليم مجاني وإجباري وشامل وأن “البنات والذكور يعاملون بنفس المعاملة في النظام التربوي”، أما بخصوص تحرر المرأة، فتذكر كتابة الدولة أن “القانون الجزائري يحتم على الحكومة ترقية الحقوق السياسية للنساء بتشجيع تمثيلهن القوي في المجالس المنتخبة”. وفي هذا السياق، يذكر التقرير أن “قانونا جديدا دخل حيز التطبيق في جانفي 2012، يقضي بضرورة وجود 30 بالمائة من المترشحين في القوائم الانتخابية من النساء”، وأنه تطبيقا لهذا الإجراء توجد 147 امرأة من بين 462 منتخبا في المجلس الشعبي الوطني، مما رفع نسبة تمثيلهن إلى 31 بالمائة في 2012 مقابل 8 بالمائة في 2007”. واستنادا إلى إحصائيات 2010، يلاحظ التقرير أن النساء يمثلن 55 بالمائة من مستخدمي مهنة الطب و60 بالمائة من مهنيي وسائل الإعلام، وأن 30 بالمائة يحتلن مناصب عليا في قطاع العدالة و36 بالمائة من القضاة وأكثر من 60 بالمائة في قطاع التعليم. ويذكر التقرير، أنه من مجموع 9 ملايين عامل على المستوى الوطني، فإن مليونين (02) هن نساء، موضحا أنه يمكن “للنساء أن يكن رئيسات مؤسسات ويسلكن مسارات مهنية مماثلة لتلك التي يتبعها الرجال”. وكان تقرير السنة الماضية الذي صدر تزامنا مع أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي، قد أكّد أنّ الوصول إلى شبكة الإنترنت يتم بكل حرية عموما، حيث يتمكن الأشخاص من خلالها من التعبير عن آرائهم ونشر عدد كبير من مقاطع الفيديو التي يستطيعون من خلالها إرسال معلومات ونقل الأحداث على حقيقتها، والتعبير عن آرائهم السياسية وردود الفعل الشعبية بخصوص الأحداث الطارئة في البلد. في حين رفض التقرير تضخيم حجم المظاهرات التي نظمت في شوارع الجزائر بداية سنة 2011، موضحا أن ذلك راجع إلى ‘'ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية''، وأن ‘'أغلبية المظاهرات بقيت سلمية، وانتهت بعد قبول الحكومة الاستجابة لأغلبية مطالب المتظاهرين''.