جاء التقرير السنوي الجديد لكتابة الدولة الأمريكية حول حقوق الإنسان في الجزائر بين الترحيب بالإصلاحات التي بادرت بها السلطات العمومية خاصة ما تعلق منها بترقية المشاركة السياسية للمرأة وحرية الصحافة، وبين انتقاد استمرار النقائص في قطاع العدالة وبروز ملفات الفساد واستمرار الحظر عن المسيرات في العاصمة. أقر التقرير الأخير الذي تصدره الخارجية الأمريكي حول حقوق الإنسان عبر العالم بالتقدم الملحوظ الذي حققته الجزائر في مجال ترقية الحريات والحقوق المدنية والسياسية في الفترة الأخيرة، حيث تناول التقرير ضمن 38 صفحة خصصها للجزائر كل ما تحقق على مدار 2012 في اتجاه تحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلادنا. وأشار التقرير إلى الإصلاحات التي بادرت بها السلطات العمومية وسلسلة القوانين الصادرة ضمن هذا الإطار بداية من جانفي 2012 حيث ذكر أنها جاءت بعد إلغاء حالة الطوارئ عام ,2011 التي استمرت ما يقارب 19 سنة، وسجلت دائرة جون كيري أن الجزائر حققت في إطار الإصلاحات تقدما في ميادين حرية الصحافة بفتح المجال أمام السمعي البصري بالإضافة إلى ما وصفه التقرير ب»خطوة عملاقة« في اتجاه تحرر المرأة وترقية حقوقها السياسية وفي هذا السياق ذكر التقرير أن »قانونا جديدا دخل حيز التطبيق في جانفي 2012 يقضي بضرورة وجود 30 بالمئة من المترشحين في القوائم الانتخابية من النساء«، وأضافت وثيقة كتابة الدولة التي نشرت على موقعها عبر الانترنت أنه تطبيقا لهذا الإجراء توجد 147 امرأة من بين 462 منتخب في المجلس الشعبي الوطني مما رفع نسبة تمثيلهم إلى 31 بالمئة في 2012 مقابل 8 بالمئة في 2007«. موضحا أن» القانون الجزائري يحتم على الحكومة ترقية الحقوق السياسية للنساء بتشجيع تمثيلهن القوي في المجالس المنتخبة«. واعتمادا على إحصائيات 2010 يلاحظ التقرير أن النساء تمثلن 55 بالمئة من مستخدمي مهنة الطب و 60 بالمئة من مهنيي وسائل الإعلام و 30 بالمئة تحتلن مناصب عليا في قطاع العدالة و 36 بالمئة من القضاة وأكثر من 60 بالمئة في قطاع التعليم. كما أشار التقرير أنه من مجموع 9 ملايين عامل على المستوى الوطني فإن مليونين نساء، موضحا أنه يمكن »للنساء أن تكون رئيسات مؤسسات وتسلكن مسارات مهنية ممثالة لتلك التي يتبعها الرجال«. وتحدث التقرير الأمريكي عن تقدم في حرية الصحافة في بلادنا وقال »إن الصحافيين والكاريكاتوريين الجزائريين ينتقدون باستمرار الحكومة« وأن لأحزاب السياسية بيما فيها تلك المنتمية للتيار الإسلامي »يعبرون عن آرائهم في الصحف المستقلة«.كما يمكن لأحزاب المعارضة » نشر معلومات من خلال انترنت وإصدار بيانات«، ويشير التقرير ضمن نفس السياق إلى عدم تسجيل أية حالة تدخل للحكومة في مجال نشر وإصدار الكتب خلال سنة 2012«، لكنه وبالمقابل تحدث عن »استمرار تعرض الصحافيين لصعوبات والتضييق في الحصول عن معلومات من مسؤولي الحكومة«. وبخصوص الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت السنة الماضية تؤكد دائرة جون كيري أن عشرات الأحزاب الجديدة شاركت في الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 ماي 2012 وأن 500 مراقب دولي قدموا خاصة من الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والمعهد الوطني الديمقراطي ومركز كارتر راقبوا الانتخاب وقيموا العملية الانتخابية ب»الحسنة في مجملها«. ولاحظ التقرير أن المعارضة تتمتع بحرية ممارسة حقوقها السياسية، مضيفا أنه لم تسجل في 2012 »أية حالة عنف أو تدخل الحكومة ضد المعارضة السياسية في التنظيم أو المشاركة في الانتخابات«. ولم يخل التقرير الأمريكي من تسجيل نقائص وانتقادات لواقع حقوق الإنسان في بعض المجالات على غرار قطاع العدالة الذي سجلت به الخارجية الأمريكية بعض النقائص. وتحدث عن استمرار عدم احترم حقوق الدفاع خاصة ما تعلق باعتقال أشخاص لمدة طويلة من دون السماح لهم بمحاكمة عادلة لسنوات مؤكدا على أن قضية الحبس الاحتياطي لمدة طويلة تبقى مشكلا خطيرا ولا تزال تشكل عائق في القضاء الجزائري. كما انتقد ظروف الاحتجاز السيئة ومشكل الاكتظاظ في السجون.