مرت أزيد من ثلاثة أشهر على تعيين المجلس الشعبي البلدي لبن عكنون بالعاصمة، بتعيين رئيس بلدية جديد، مع تسجيل مجموعة من المشاريع التنموية، تتلاءم مع طبيعة البلدية التي أصبحت تضم عشرات المقرات للمؤسسات الهامة، وكذا توفرها على كلية الحقوق التي ساعدت على تحويلها إلى قطب تجاري، أمام المشاريع المحلية التي لا تزال مطروحة من قبل السكان والتي تتعلق أساسا بالتهيئة ومشكل السكن الذي لا يزال الشغل الشاغل للسكان، وسط ارتياح من جهة وعدم رضا، وكذا ترقب للمجلس الشعبي البلدي الجديد وما عساه يصنع خلال عهدته عند تجولنا بين أحياء البلدية، لمسنا جانبا من عدم الرضا عن أداء المجلس الشعبي البلدي القديم، وكذا حالة الترقب التي لم تكن ممزوجة كثيرا بالأمل تجاه المنتخبين المحلين الجدد، وحجة من تحدثوا إلينا في ذلك، أن كل المجالس المتعاقبة تملك أسطوانة تتحدث عن معالجة مشاكل سكان البلدية، لكنها لا تتجسد على أرض الواقع. ويحصر معظم من التقيناهم انشغلاتهم أساسا في التهيئة الخارجية للسكنات، مع توفير المساحات الخضراء، وكذا القضاء على مشكل الزحمة المرورية التي باتت تشكل هاجسا لدى سكان البلدية، ومع كل هذه الانشغالات، يبقى المجلس الشعبي البلدي الجديد بن عكنون أمام مهمة صعبة لكسب ثقة سكان أحياء البلدية، بعد أن دخل رئيس البلدية السابق السجن بعدة تهم.
ثقة السكان بالمنتخبين زالت ولابد من استرجاعها محمد البالغ من العمر 34 سنة، وهو عامل بإحدى المؤسسات الخاصة بالبلدية، يقطن بحي ”مالكي”، لم يخف انتقاده للمجلس الماضي بقوله؛ ”بكل صراحة، لم أكن راضيا عن أداء المجلس الشعبي البلدي الماضي، فكل انشغالاتنا لم تؤخذ بعين الاعتبار، أما المجلس الجديد، فأنا شخصيا لا أثق في برنامجه، وليس لدي مشكلة من ”المير” أو نوابه، بل أصبحت لدي عقدة اسمها ”رئيس البلدية”، كل مرة يأتون ببرنامج تنموي جديد، ولا يجسدونه، فالحي السكني الذي أقطن به، لم يستفد من أي برنامج تنموي سوى ما يتعلق بإزالة الهوائيات المقعرة، أما طلبات السكن الاجتماعي، فسكان الحي لم يستفيدوا منها بتاتا، وغير بعيد عن محمد، تجاذبنا أطراف الحديث مع ”سعيد” البالغ من العمر 40 سنة، والقاطن بحي ”سيدي مرزوق”، إذ أكد أن أغلبية سكان البلدية يقفون موقف المتفرج وينظرون إلى المجلس الجديد بعيون المترقبين، آملين أن يأتي بالجديد ويلتفت بشكل جدي لمشاكل سكان البلدية، لا الحضور في المناسبات وإلقاء الخطابات، مضيفا بقوله؛ ”على المجلس الجديد بذل الكثير من الجهد لإقناع سكان البلدية، فهو أمام مهمة صعبة، بعد أن أصبح ”المير” السابق وراء القضبان، لاسيما أنه يوجد مشكل انسداد بعد أن طعن بعض الأعضاء في مصداقية مداولة قام بها رئيس البلدية الحالي، السيد كمال بوعرابة، وعلى هذا الأخير أن يجمع شمل المجلس أولا، ليلتفت إلى مشاكل السكان، وأمامه مهمة صعبة تستدعي تكاثف الجهود”.
نفاد العقار.. عقبة لتجسيد المشاريع المحلية يواجه المجلس الشعبي البلدي الجديد لبن عكنون، جملة من العراقيل والمشاكل التي بقيت منذ عهدة المجلس السابق، ومن بين أولى العقبات التي ستقف حجر عثرة في وجهه، تجسيد المشاريع الجوراية ونفاد العقار، على اعتبار أن البلدية حضرية استنزفت كل عقاراتها، إلا فيما يخص الأوعية العقارية التي استرجعت بعد ترحيل قاطني القصدير، ومن بينه حي ”الحوضين” الذي لايزال غير مستغل، ولم تحدد بعد نوعية المشروع الذي سينجز عليه، بعد أن قدرت المصالح البلدية عدة اقتراحات، من بينها توسيع محطة نقل المسافرين، وكذا إنجاز مركز تجاري ضخم يتوفر على عدة طوابق. وأكد نور الدين، طالب جامعي بدالي ابراهيم، أن المصالح البلدية دائما تتحجج بمشكل العقار الموجه للمشاريع العمومية، غير أن الأوعية العقارية التي استرجعتها البلدية بعد ترحيل قاطني القصدير بحي ”الحوضين” لاتزال لحد الآن غير مستغلة، مع وجود عشرات المشاريع المقترحة من قبل المجلس منذ عهدات ماضية ولم تتجسد بعد على أرض الواقع، ومن بين أهم المشاريع؛ الأسواق الجوارية التي لا تتوفر عليها البلدية، لاسيما بعد طرد الباعة الفوضويين بكل من حي ”سيدي مرزوق”، وكذا مشروع 100 محل تجاري الذي لا تتوفر عليه البلدية”، مضيفا في معرض حديثه؛ ”حقيقة المجلس الشعبي البلدي الجديد مكبل الآن، بسبب معارضة بعض المنتخبين الجدد على المصادقة على المداولات، ولا يمكننا الحكم عليه في فترة عصيبة يمر بها الآن، وليس لدينا حل آخر سوى الانتظار”.
حظيرة سكنية قديمة بحاجة إلى ترميمات كما يدق بعض سكان حي ”سيدي مرزوق” ببن عكنون ناقوس الخطر، بالنظر إلى الوضعية التي آلت إليها عماراتهم، حيث أصبحت التصدعات العميقة لجدرانها واضحة وشرفاتها التي تكاد تنهار، لذلك يطالب هؤلاء تدخل السلطات المحلية لبرمجة عمليات ترميم وتهيئة شاملة لهذه العمارات القديمة، وخلال زيارتنا لحي ”سيدي مرزوق”، لاحظنا وضعية البنايات المتدهورة، حيث كانت التصدعات تفصل بين بناية وأخرى، وربما ما زاد من قلق القاطنين هو التصدع الواضح للشرفات، حيث أكد، سمير، صاحب محل لبيع المواد الغذائية ”أن مشكل التصدعات الخطيرة للبنيات بالحي من بين أهم المشاكل التي دعا السكان لاحتوائها منذ بداية عهدة المجلس الماضي، غير أنه اكتفى بتقديم الوعود، رغم أننا قمنا بمراسلة مصالح البلدية من أجل التدخل وبرمجة مشروع خاص من أجل تهيئة هذه الشرفات”، ويضيف، محمد، وهو أحد القاطنين بالحي، أنه أصبح يمنع زوجته وأولاده من الخروج للشرفة حتى من أجل نشر الغسيل، خوفا من أن يتعرضوا لأي حادث قد يودي بحياتهم في حال انهيار الشرفة، وهو نفس الوضع تقريبا لدى غالبية العائلات التي أصبح هذا الخطر يشكل هاجسها اليومي، فيما ذهبت السيدة سعاد، بقولها؛ ”إننا نأمل أن يتدخل المجلس الجديد بشكل جديد لإعادة الاعتبار للحي، من خلال تهيئة قنوات الصرف الصحي وشبكة المياه، بعد ما تمكنت البلدية من تنظيم السوق الفوضوية التي كانت النقطة السوداء بهذا الحي.
عراقيل تحول دون المصادقة على المداولات مشكل آخر يواجه ”المير” الجديد، وهو رفض ثمانية منتخبين محليين ينضوون تحت لواء ثلاث تشكيلات حزبية التوقيع على المداولات، بعد أن رفضوا التوقيع على المداولة التي عقدها المجلس نهاية السنة الماضية، معتبرينها ”باطلة” تماشيا مع أحكام المادة 59 /1، حيث انتقد الأعضاء الثمانية للمجلس الشعبي البلدي لبن عكنون في حديثهم ل ”المساء”، بعض التجاوزات المرتكبة أثناء جلسة المداولة يوم 25 ديسمبر من السنة الفارطة، والمصادق عليها من قبل مدير الإدارة المحلية للانتخابات والمنتخبين، هذا السبب الذي أبقى على مساعي المجلس الجديد محدودة نوعا ما، بالنظر إلى العزيمة التي يمتلكها، أمام جملة المشاريع التي سطرها لتجسيدها خلال عهدته المحلية، أمام ترقب كبير من قبل السكان الذي يعلقون عليه آمالا كبيرة لإقرار التنمية المحلية وكسب الرهان من جديد.