أكد، أمس، رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد محمد العربي ولد خليفة، التمسك بمبدإ عدم التنازل عن القرار الأممي المتعلق بمشروعية تقرير مصير الشعب الصحراوي ونيل استقلاله، مجدّدا التأكيد على أن الجزائر ليست طرفا في نزاع الصحراء الغربية ولا تطمح لتحقيق أي مصلحة مهما كانت من وراء هذه القضية التي تعد قضية تصفية استعمار من القارة الإفريقية. وأوضح السيد ولد خليفة، خلال إشرافه على افتتاح أشغال يوم برلماني دولي حول موضوع "حق الشعوب في تقرير المصير: عامل سلم وتنمية"، أن الجزائر كانت ولا تزال ثابتة على موقفها الداعم والمؤيد للمبدإ الأممي المكرّس لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره الذي يحظى بتأييد دولي واسع شمل على وجه الخصوص دولة تيمور الشرقية والشعب الفلسطيني الشقيق. وجدّد ولد خليفة تذكيره في هذا الاطار، بأن الجزائر لم تكن ولا تعد طرف نزاع في هذه القضية التي تخصّ جبهة البوليساريو الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي من جهة والمغرب بصفته دولة مستعمرة ومغتصبة للأراضي الصحراوية من جهة أخرى، مبديا استغرابه من محاولة بعض الأطراف إقحام الجزائر كطرف في هذه القضية التي تعد قضية آخر مستعمرة في القارة السمراء والسعي بشتى الوسائل والطرق لحملها على التنازل عن هذا المبدإ الأممي. وأضاف أن شرعية القضية الصحراوية تؤكدها جل القرارات واللوائح الأممية الصادرة في هذا الشأن التي تعترف بأحقية تقرير مصير الصحراويين على غرار اللائحة الأخيرة التي بادرت بتقديمها الولاياتالمتحدةالأمريكية لمجلس الأمن وما خلفته من هلع كبير في أوساط الطبقة السياسية المغربية. موضحا أن هذه المبادرة الأمريكية تعد إنذارا قويا للتعجيل بتسوية هذه القضية. وجدّد المتحدث دعم ومساندة البرلمان الجزائري لمساعي أصدقاء الشعب الصحراوي والشخصيات البرلمانية والحكومية المتعاطفة في سبيل تمديد مهام بعثة المينورسو لمراقبة مدى احترام حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة والاسراع في تنظيم استفتاء عاجل لتقرير المصير. كما ذكّر بمختلف المساعي الأممية الرامية لتجسيد مخطط تسوية أممي للملف الصحراوي إلى جانب مسار هوستن، بعيدا عن الضغوطات العسكرية المغربية، معربا عن أسفه الكبير لفشل هذا المخطط وكافة المساعي الأخرى التي رعاها المبعوث الأممي كريستوفر روس بسبب تعنت سلطات الاحتلال. ومن جهة أخرى، أثار رئيس المجلس الشعبي الوطني قضية بناء الصرح المغاربي وعلاقتها بالقضية الصحراوية. معتبرا أن استمرار تأزّم هذه الوضعية يهدد الأمن والسلم في منطقة المغرب العربي ويعيق التقدم في بناء المغرب العربي الكبير. كما قال أنه من الواجب بناء علاقات صداقة وأخوّة متينة بين دول المغرب العربي بالنظر للتاريخ المشترك ووحدة الدين واللغة، وهو ما أكدته مظاهرات الجزائريين ضد نفي ملك المغرب (محمد الخامس) إلى جزيرة مدغشقر سنة 1955 في أوج الثورة التحريرية. وفي سياق آخر، استعرض رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، السيد محرز العماري، مجمل المواثيق والقرارات الأممية والدولية المكرسة لحق الشعوب في تقرير مصيرها والانعتاق والتحرر من الاستعمار، مذكّرا بالمادة الأولى من إعلان ميثاق الأممالمتحدة المعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها والتعبير الحر عن إرادتها في هذا الاطار. كما قرأ بعض ما جاء في هذه النصوص لاسيما ما يتعلق بمسار تحرير الشعوب باعتباره خيارا لا يقاوم ولا رجعة فيه وأن إخضاع الشعوب للهيمنة والسيطرة والاستعباد من قبل قوة أجنبية يهدد الأمن والسلم الدوليين ويناقض المواثيق الدولية في هذا الشأن. إلى جانب وثيقة هلسنكي التي تعد شهادة ميلاد المنظمة الأوربية من أجل الأمن في هذه القارة والتي تنص على الحق الدائم للشعوب وبكل حرية في تحديد نظامها السياسي بعيدا عن التدخلات الأجنبية. وعلى الصعيد الافريقي، تطرّق السيد العماري للميثاق الافريقي لحقوق الانسان وما يكرّسه من حق الشعوب الافريقية في الوجود وحقها في تحرير نفسها من السيطرة والهيمنة لاسيما في المواد 19 و20 من الميثاق المذكور. وبدوره، أبرز رئيس المجلس الوطني الصحراوي السيد خاطري أدّوه في تدخل له خلال أشغال هذا اللقاء وجوب إذعان المغرب لكافة القرارات واللوائح الأممية الخاصة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، مؤكدا أن المقترح الأممي المتعلق بتوسيع مهمة بعثة المينورسو لتنظيم استفتاء تقرير المصير، يسعى لتحسين وضعية حقوق الانسان بالمنطقة ومن ثمّة تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير مصيره ونيل استقلاله. وأوضح السيد أدّوه أن هذا المقترح يتجه نحو الضغط على المغرب للكف عن انتهاكات حقوق الانسان بالأراضي المحتلة وإجباره على إيجاد حل نهائي لملف الصحراء الغربية الذي بقي عالقا منذ أمد بعيد. مذكّرا بأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليزاريو) تبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي في كفاحه من أجل الاستقلال وأن النزاع حول تصفية الاستعمار من المنطقة جار بين الجبهة والمملكة المغربية دون سواهما. واعتبر أن هذا اللقاء ينعقد في ظرف تشهد فيه قضية الشعب الصحراوي تسارعا في الأحداث السياسية الدولية يميّزه تزايد الضغوط الدولية على المغرب من أجل حمله على الاسراع في تمكين الصحراويين من حقهم المشروع في نيل الاستقلال. كما ذكّر أن الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن التي صادق خلالها على تمديد مهام بعثة المينورسو شهدت مداولات معمقة في سبيل السّعي لانهاء معاناة الصحراويين من ويلات الاحتلال. مشيرا في السياق إلى مواصلة تعنت المغرب في عرقلة مسار المفاوضات وعدم احترامه لحقوق الانسان بالصحراء الغربية وهو ما يدل على ازدواجية الخطاب الملكي حول القضية. كما دعا كافة الفاعلين الاجتماعيين والبرلمانيين والأحزاب إلى الوقوف بجانب القضية الصحراوية بمختلف أبعادها لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. وجاء تنظيم هذا اليوم البرلماني الذي عرف مشاركة برلمانيين وممثلين للمجتمع الدولي من 23 دولة من القارات الخمس بمبادرة لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية والمجموعة البرلمانية للصداقة والأخوة (الجزائر- الصحراء الغربية)، بالتعاون مع اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي.