تشهد الساحة الدولية تحركات دبلوماسية مكثّفة من لقاءات بين مسؤولين غربيين ومحادثات في هذه العاصمة وتلك، ضمن مسعى جديد لاحتواء أزمة سورية دامية حصدت عشرات آلاف الأرواح من أبناء الشعب السوري واستعصى على المجموعة الدولية ككل وضع حد لها. وبينما يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اليوم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعاصمة موسكو، التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس بالوزير الأول البريطاني ديفيد كامرون بالبيت الأبيض، في نفس الوقت الذي حلّ فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالعاصمة السويدية ستوكهولم، لإجراء محادثات مع نظيره السويدي كارل بيلدت ثم رئيس الوزراء فردريك رانفالدت. ويبقى القاسم المشترك في كل هذه اللقاءات المكثفة، عقد مؤتمر دولي جديد لبحث الأزمة السورية وسبل احتوائها، وهي التي دخلت عامها الثالث دون مؤشرات لتسويتها. وتأتي هذه اللقاءات، في الوقت الذي انتقدت فيه أنقرة صمت المجتمع الدولي إزاء النزاع الدامي في سوريا، ودعت إلى إطلاق مبادرة دبلوماسية عاجلة في إطار التوافق الأمريكي الروسي باتخاذ إعلان جنيف المتوصل إليه شهر جوان من العام الماضي، بتبني المقاربة السياسية لاحتواء الصراع السوري. وعلى ضوء هذا التوافق الأمريكي الروسي، من المقرر أن يعقد الائتلاف السوري المعارض اجتماعا يوم 23 ماي الجاري بمدينة اسطنبول التركية، لبحث موضوع المشاركة في مؤتمر ترعاه واشنطنوموسكو لإيجاد حل للأزمة. وقد شرعت المعارضة منذ أمس، في اتصالات مع حلفائها الإقليميين خاصة العربية السعودية وقطر وتركيا بشأن اتخاذ قرار بخصوص المشاركة في هذا المؤتمر. ووجدت المعارضة السورية نفسها بين نارين، فهي من جهة لا تريد التخلي عن مواقفها المبدئية الرافضة التفاوض مع نظام الأسد، ومن جهة أخرى تصاعد درجة الضغط عليها من قبل حلفائها المقربين لتبني خيار الحوار لإنهاء الاقتتال في بلد دمر عن آخره. وقال جورج صبرا رئيس الائتلاف السوري المعارض إنه "من المبكر اتخاذ قرار بشأن المشاركة أو عدمه، لأن معطيات انعقاد هذا المؤتمر لم تتضح بعد لا من حيث جدول أعماله ولا قائمة الدول التي تشارك فيه". وفي انتظار تحديد موعد ومكان انعقاد المؤتمر الجديد حول سوريا، صعدت أنقرة في اليومين الأخيرين من لهجتها إزاء حلفائها في حلف الناتو، وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة من أجل التدخل الفعّال لتسوية هذه الأزمة، على خلفية التفجير المزدوج الذي استهدف قبل ثلاثة أيام بلدة الريحاني جنوب تركيا عبر الحدود مع سوريا، وخلف مقتل ما لا يقل عن 48 شخصا. وأكدت مصادر تركية، أنّ رئيس الوزراء طيب رجب ارودغان سيطلب من الرئيس الأمريكي خلال زيارته المقررة الجمعة القادم إلى واشنطن، بتدخل أكثر صرامة في هذه الأزمة المستعصية. كما أشارت الصحافة التركية، إلى أن اردوغان سيقدم للإدارة الأمريكية أدلة على استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي التي كانت وضعتها واشنطن، ضمن واحد من الخطوط الحمراء التي تمنحها الضوء الأخضر للتدخل في سوريا. لكن المساعي الدولية الحثيثة لإيجاد حل للصراع في سوريا، تقابله مساع إسرائيلية، لكن من أجل إقناع موسكو الحليف التقليدي لدمشق، بوقف صفقة بيع الأسلحة إلى سوريا تتضمن بطاريات صواريخ من نوع "اس 300" وأسلحة متطورة بإمكانها تدمير طائرات تحلق في الجو وصواريخ موجهة. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أكد الجمعة الأخير أنّ بلاده ستنتهي من عملية إرسال هذه الأسلحة إلى سوريا. ويتزامن الحديث عن صفقة بيع الأسلحة بين موسكو ودمشق، في وقت كان فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد حذر من تزويد النظام السوري بمثل هذه الصواريخ، والتي قال إنها تشكل عامل توتر إضافي في منطقة هي في الأصل لا تنعم بالاستقرار.