دخل المسرح الجهوي لأم البواقي، أول أمس، بعرض مسرحي عنوانه ”أمسية في باريس”، المنافسة الرسمية لحساب الدورة الثامنة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وجاء ضعيفا في مستواه، إذ لم يحافظ على مستوى مسرح أم البواقي، الذي تُوّج في الطبعة الماضية بالجائزة الكبرى عن مسرحية ”افترض ما حدث فعلا” للمخرج لطفي بن سبع. المشاركة غير المقنعة التي ولج بها صاحب اللقب في الطبعة المنصرمة، عبّر عنها العديد من المتتبعين والمتخصصين وحتى الجمهور العام، إذ لم يستطع أن يقدّم جرعات من الفرجة التي يريدها عشاق الفن الرابع الحاضر بقاعة مصطفى كاتب بالمسرح الوطني ”محي الدين بشطارزي”، ويعود نص العمل المسرحي لمجيد بن شيخ، وقام بترجمته الأستاذ احسن تليلاني، وأخرجه لحسن بوبريوة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن احسن تليلاني هو عضو لجنة التحكيم في هذه الطبعة، وهو ما يخالف القانون الداخلي للمنافسة. وأكدت رئيسة لجنة التحكيم السيدة جميلة زقاي ل ”المساء”، أنها لا تعلم بالأمر، وأن المفترض أن لا يحدث هذا، مشيرة إلى أن محافظة المهرجان وحدها من تختار أعضاء لجنة التحكيم. وبالعودة إلى المسرحية، فهي تروي أحداثا عايشتها الجالية الجزائرية خلال الاحتلال الفرنسي، التي تأذّت بدورها أيما أذى من وحشية المحتل، وتعرضت لأشكال من التعذيب والقهر والأسى. وشكّل موضوع أحداث أكتوبر 1961 مثالا صوَّر كيف خرقت الشرطة الفرنسية القوانين الدولية ومارست الإجرام، وتفنّنت في صنع مجزرة مازال نهر السين شاهدا عليها، إلا أن النص والإخراج لم يكونا في المستوى المطلوب لزعزعة قلوب الحاضرين وجعلهم يتأثرون للمشاهد التي كانت باردة غير مناسبة للموضوع الذي يحمل الكثير من الألم والحزن. فمسرحية ”أمسية في باريس” عكست عمل الشرطة الفرنسية على إبادة مئات الأشخاص الذين خرجوا في مظاهرات سلمية يطالبون فيها بخروج العدو المحتل من الأراضي الجزائرية، واستعانت السلطات الداخلية الفرنسية بالقنابل والمدافع، لتكون نهاية من تبقّى من المتظاهرين رميهم في نهر السين. وعبثاً، سعت مشاهد المسرحية لتسليط الضوء على انتفاضة الجالية الجزائرية على حكم فرنسا المتّسم بالظلم وطمس الهوية ومسخ الشخصية الجزائرية المسلمة، مستعملا في ذلك أدوات العسكر والقتل دون تمييز. ولم يوفَّق الجانب السينوغرافي الذي وقّعه يحيى بن عمار، ولا الجانب الموسيقي الذي ألّفه دراجي مدكور، في جعل المسرحية متعة للمتلقين، بل زادتهم مللا! وشارك في هذا العمل مجموعة من الممثلين من بينهم كريم بودشيش، عبد الحميد الزواي، مراد باديس، عنتر زايدي، ياسمينة فرياك، إيناس بوسعيد وغيرهم.