كرّمت محافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، أول أمس بقصر رياس البحر، الفنانة التشكيلية والمجاهدة الراحلة عائشة حداد، وهذا من خلال عرض شريط وثائقي قصير عن مسيرتها الفنية، من إعداد وإخراج بوعلام عيساوي، وتقديم محاضرة للناقد الفني علي الحاج الطاهر. البداية كانت بعرض الشريط الوثائقي “عالم الفن التشكيلي في الجزائر”، الذي خصص المخرج بوعلام عيساوي حلقة من حلقاته للفنانة القديرة عائشة حداد، التي تحدثت عن مسيرتها الفنية بمناسبة معرضها الاستذكاري بمتحف الفنون الجميلة. وفي هذا السياق، تحدثت الفنانة التي رحلت عن الوجود سنة 2005، عن بداياتها في عالم الفن، فقالت إنها أحبت الرسم منذ طفولتها، لتصبح أستاذة لهذا الفن في إحدى الثانويات إلى غاية تقاعدها. كما أضافت أنها بدأت الرسم مستعينة بذكريات الطفولة، فرسمت، مثلا، عن القبيلة التي تنحدر منها “لحشم”، المعروفة بشجاعة فرسانها، إضافة إلى اهتمامها برسم بواخر بجاية، ليتحول مسارها الفني من الواقعي إلى الانطباعي، ثم النحت والمنمنمات. وحمل الفيلم لقطات من ورشة الفنانة علاوة على مشاهد من معرضها الكبير بمتحف الفنون الجميلة، الذي ضم أجمل ما رسمت طيلة ثلاثين سنة من الإبداع؛ من أعمال واقعية إلى أخرى انطباعية، مرورا بالمنحوتات الجميلة، مثل “شجرة المستقبل”، التي عبّرت من خلالها عن الحياة انطلاقا من استعمالها لمجموعة مفاتيح. من جهته، نوّه المحاضر والكاتب والناقد الفني علي حاج الطاهر في محاضرة “عائشة حداد، المسيرة في سياق فني جزائري”، بخصال المجاهدة عائشة حداد سواء الشخصية منها أو الفنية، فأشار إلى تواضعها الكبير وحنّيتها الغامرة وكرمها الذي لا حدود له. أما عن حياتها فقال إنها من مواليد سنة 1937 ببرج بوعريريج، من عائلة متوسطة الحال ومتفتحة على العلم. درست وتحصلت على شهادة التمريض، لتلتحق بالجيش الشعبي الوطني وتهتم بالجرحى المجاهدين. وأضاف علي حاج الطاهر أنّ الفنانة درست في جمعية الفنون الجميلة(1966-1968) بعد أن استقرت رفقة عائلتها بالجزائر العاصمة، بعدها انتقلت إلى عالم التدريس واشتغلت مفتشة تعليم (1983-1988)، كما بدأت عرض لوحاتها التي تناولت الأوجه المختلفة للحياة سنة 1973 رغم أن أغلبيتها تعلقت بالأفراح والحفلات وزيارة العائلات والأضرحة بألوان زاهية. وأشار المتحدث إلى أن حداد عبّرت في بداياتها الفنية عن واقع الجزائر، الذي كان مزدهرا في الستينيات، كما رسمت واستعملت مواد كثيرة في أعمالها، معتمدة على مبدأ حرية التعبير، ليطالب في الأخير بكتابة مذكرات المجاهدين أينما كانوا؛ حيث قال إن كل جزائري لديه قريب مجاهد، ومن المؤسف حقا أن يرحل عن الوجود آخذا معه ذكرياته، مثلما حدث مع الفنانة عائشة حداد، التي لم تتحدث عن جهادها ضد المستعمر، خاصة سجنها لمدة أربع سنوات كاملة أثناء الاحتلال. للإشارة، عرض علي حاج الطاهر موازاة مع محاضرته، بانوراما تضمنت لوحات لفنانات تشكيليات جزائريات، من بينهن باية محيي الدين، بتينة هنين عياش، بونور مريم، فرحات ليلى، بوجلال رحمونة، رشيدة أزادو، فالانتينا غانم، سليماني خيرة وبولفول لطيفة.