استضاف المركز الثقافي الإسلامي الأستاذ عبد الحميد دغبار لمحاضرة، هي خلاصة لكتابه “جامعة الدول العربية والأمن القومي العربي”، حضرها أساتذة جامعات ومثقفون ورجال إعلام وطلبة، تناول فيها واقع العالم العربي من خلال الجامعة العربية ومجالسها فيما يخص الأمن القومي العربي. اختار الأستاذ الباحث عبد الحميد دغبار عنوانا لمحاضرته “معالم التغيير وآمال التغير”، استعرض في بداياتها الأبحاث التي أجراها حول الجامعة العربية، وهي أربعة مؤلفات تصب كلها حول دول الجامعة العربية، معرّفا الجامعة العربية بأنها منظمة إقليمية عامة، تتمتع بجميع الصلاحيات مع سبق نشأتها تاريخيا منظمةَ الأممالمتحدة. ومن مهام الجامعة، يضيف الباحث، تسوية منازعات الحدود في الوطن العربي بطرق سلمية في إطار هذه المنظمة. هذا النوع من التسوية يتعلق بالجامعة والأمن القومي. وقدّم الأستاذ دغبار كتابه على أنه يحتوي على خمسة فصول، تناول فيها بالبحث والدراسة الأمن القومي العربي؛ الأفق والتداعيات، الجامعة والتحوّلات التي عرفها الأمن الدولي وأثره على الأمن القومي العربي، ثم أهداف ومبادئ الجامعة والأمن القومي العربي، والموقع الاستراتيجي للوطن العربي وثرواته، وفي الأخير تناول قضية إصلاح الجامعة العربية وواجب التغيير في ملامح الأنظمة العربية وأثره على الأمن القومي العربي. كما أكدّ المحاضر أن موضوعه هذا موضوع أكاديمي علمي صرف لا يكون ذا علاقة نسبية قوية مع العلاقة السياسية؛ لأن السياسة متغيرة، والنتائج العلمية أكثر دقة وموضوعية، والبحث العلمي خاضع للإتمام، للإضافة وللتغيير ولكن وفق قواعد قد لا توافق رأي شخص قد يكون سياسيا. وأضاف الأستاذ عبد الحميد أن كتابه يناقش الواقع العربي الحالي الذي يسمّيه البعض ثورة والبعض انتفاضة، وقد كثرت التسميات، لكنّ هناك حدثا تاريخيا مفصليا شكّل منعرجا وزاوية ووضعاً جديدا لم يعرفه الوطن العربي في تاريخه؛ لأن الوقائع التاريخية معروفة. وقال دغبار إنّ الأمن القومي العربي هو أداة لتوحيد الجهود والطاقات وتكامل القدرات في إطار الجامعة ومؤسساتها، وإنّ من أركانه أحكام القانون الدولي العام وقواعد الشرعية الدولية التي تصدر عن المنظمات الدولية، مثل قرار منظمة الأممالمتحدة بتقسيم أرض فلسطين الذي مازلنا نعاني منه إلى اليوم. وأضاف المحاضر أنّ الأمن القومي يتغير، ليتكيف مع الأوضاع الحالية التي يعيشها الوطن العربي بالضرورة، ويحيّن أحكامه حسب القواعد. وقال: “أصدقكم القول بأنه لن يكون فاعلا، وبعد الدراسة والبحث وصلت إلى أنه من الضروري تفعيل أحكامه”. وواصل المحاضر قوله إن مفهوم الأمن القومي تتحد أسسه ودلالاته في الوطن العربي، وهو ذلك المفهوم الذي يجعل المؤسسات التي أنشئت في إطاره هدفها الوصول إلى تحقيق الأمن القومي العربي، الذي يتمثل في البرامج والخطط التي توضع في إطاره. كما أكد دغبار أن الأمن القومي ليس أمنا عسكريا، بل هناك مجموعة كبيرة تتكامل مع الأمن العسكري، لأن الأمن العسكري اليوم أصبح في آخر الإعدادات، “فدول الخليج تنفق 350 مليار دولار على التسليح؛ فهل حققت أمنها القومي؟ الأمن القومي اليوم هو الأمن الغذائي، الأمن الصحي، الأمن البيئي، الأمن الثقافي، إننا في حاجة إلى أمن ثقافي ولا ندعو إلى الانغلاق، وإنما ننمّي ثقافتنا وهويتنا، وهناك أيضا الأمن الإعلامي؛ نظرا لقوة الإعلام التي توازي أكبر القوات لأعتى الجيوش؛ لأنه انتهى عالم غزو الدول؛ إذ إن الغزو أصبح غزوا إعلاميا؛ فخمسون في المائة من الأحداث التي عرفتها الدول العربية إعلامية في تونس ومصر، وأساسها هؤلاء الشباب المتمسكون بتكنولوجيا العصر، كما أن هناك أمنا قوميا مهما جدا، وهو الأمن المائي؛ حيث أصبح الصراع الآن على مصادر المياه بين إسرائيل والأردن وواد عربة، سورية والعراق تعاني بعد وضع منشآت تركية على نهر دجلة والفرات، وما تقوم به إثيوبيا “سد النهضة” يشكل خطرا على مصر والسودان. وأضاف الأستاذ عبد الحميد أنه يقدم هذه الأمثلة حماية لأنفسنا؛ فإما أن تفعّل قرارات مجلس الأمن القومي العربي وأحكامه من مفهوم كلمة الأمن القومي؛ من خلال تفعيل الاتفاقيات والقرارات والدفاع المشترك؛ لأن الأمن القومي أصبح مطلبا شعبيا قانونيا من قبل المنظمات الإقليمية وبخاصة جامعة الدول العربية، ومن المستحيل أن يكون هناك أمن الدولة الواحدة في هذا العصر، ومستقبلنا الحقيقي يضيف الأستاذ عبد الحميد دغبار في الأمن القومي العربي بجميع أنواعه، وبهذا نكون دولا آمنة مستقرة قادرة على النمو، لأن الأساس هو بناء الإنسان وليس بناء القوة العسكرية”.