لجوء الخارجية المغربية إلى تحريف مضمون التصريحات الرسمية الجزائرية بخصوص قضية الصحراء الغربية، يؤكد مرة أخرى أن المغرب فقد كل خيوط الأمل في الإسراع بإعادة فتح الحدود بالشروط التي يحاول فرضها على الجزائر. فالجزائر من خلال البيانات والتصريحات الرسمية السابقة لم ترهن تطوير العلاقات بين البلدين بقضية الصحراء الغربية، كما تزعم الرباط ودوائرها الإعلامية، بل كانت دائما حريصة على الفصل بين المسألتين وعلى إبقاء قضية الصحراء الغربية في إطارها الأممي كونها مسألة تصفية استعمار لا يمكن إقحامها في صلب العلاقات الثنائية، مع حرية تمسك كل طرف بموقفه من قضية الصحراء. وللتذكير، فإن موقف الجزائر كان واضحا منذ البداية ولا يزال وهو أن ”مسألة الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار تقع على عاتق الأممالمتحدة ويجب أن يستكمل المسار لإيجاد حل يتفق مع القانون الدولي”. أليس من السذاجة الدبلوماسية أن تتمادى الرباط في السعي إلى إقحام الجزائر في النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليزاريو، بعد كل هذه المواقف المعلنة؟! أليس المغرب هو الذي يرفض هذه المقاربة ويصر على اعتبار الجزائر طرفا في النزاع؟ أما الشرطان الآخران لتطوير العلاقات بين البلدين، فيتمثلان في: أولا وقف الحملة الشرسة التي تستهدف الجزائر من دوائر إعلامية وسياسية. كما هو الشأن لرئيس حزب الاستقلال عضو الائتلاف في الحكومة المغربية صاحب الأطروحات التوسعية داخل التراب الجزائري، وهي التصريحات التي قوبلت بصمت السلطات المغربية مما يؤكد التبني الضمني لهذه المطالب التوسعية التي تسيىء للعلاقات بين البلدين. أما الشرط الثاني وهو الذي يزعج أكثر الدوائر المغربية، فيتعلق بوقف تهريب المخدرات على الحدود، كون المغرب تحول إلى أكبر مصدري هذه المخدرات في العالم، ويرفض بذل أي جهد لمكافحة الاتجار غير المشروع بهذه السموم داخل المغرب، لأنه يخشى انعكاسات ذلك على السلم الاجتماعي، وبالتالي فإن غض الطرف عن ذلك هو شراء للاستقرار الاجتماعي. ثم إن إصرار المغرب على فتح الحدود كشرط قبل الاتفاق على كل المسائل المطروحة في إطار شمولي، يطرح أكثر من سؤال حول مدى مصداقية الالتزامات الرسمية للمسؤولية المغاربية خلال لقاءاتهم بنظرائهم الجزائريين! والأكثر من ذلك، طرح السؤال الأكبر ماذا يريد المغرب؟ إنه يريد أن تفتح الجزائر الحدود على مصراعيها وتسمح ولم لا تقنين دخول عشرات الأطنان من المخدرات والتخلي عن مساندة الشعب الصحراوي من أجل ممارسة حقه في تقرير المصير، لكن هيهات.