توافد عشرات الآلاف من أنصار الرئيس محمد مرسي، مباشرة بعد صلاة الجمعة، على ميدان “رابعة العدوية” بالضاحية الشرقية لمدينة القاهرة، تلبية لنداء المشاركة في تظاهرة حملت شعار “مليونية الزحف”، إصرارا منهم على تمسكهم بعودة الرئيس المعزول إلى السلطة. وعرفت مختلف المحافظات المصرية مسيرات مماثلة شعارها الموحد تأكيد الوقوف إلى جانب الرئيس محمد مرسي والضغط من أجل عودته إلى سدة الحكم التي أبعد منها في الثلاثين من الشهر الماضي أمام سلطة رفضت الإذعان للأمر الواقع الذي يريد مئات آلاف المصريين احترامه. وتحسبا لذلك، قررت وزارة الدفاع والداخلية، منذ مساء الخميس، إرسال تعزيزات إضافية إلى محيط “رابعة العدوية” لمنع أي انزلاق قد يضع السلطات الانتقالية في موقف محرج كما حدث الاثنين الماضي أمام مقر الحرس الجمهوري الذي شهد أفظع جريمة قتل راح ضحيتها 53 شخصا. وكان “التحالف الوطني لدعم الشرعية” المؤيد للرئيس المخلوع وجه دعوات للتظاهر في “جمعة الزحف” وذلك بهدف مواصلة “معركة استعادة الثورة السلمية” شارك فيها منتمون إلى أكثر من ثلاثين حركة وحزب سياسي تنديدا بما أسماه “الانقلاب على الشرعية”. وأكدت هذه الأحزاب أن “معركة استعادة الثورة السلمية لن تتوقف وأن سياسة الاستبداد والديكتاتورية وقمع الحريات وإغلاق الفضائيات وتكميم الأفواه والانقضاض على مسيرة التحول الديمقراطي لن تثنينا أبدا عن تقديم أرواحنا رخيصة من أجل استرداد الكرامة”. وبين موقفي السلطة المصرية وحركة الإخوان المسلمين بقي الموقف نفسه ضمن عملية شد وجذب لا شيء يؤكد أنها تسير باتجاه انفراج قريب في ظل غياب بوادر تسوية سلمية لأزمة سياسية بدأت تتحول إلى شبه عصيان مدني. وكانت فترة ما بعد آذان مغرب أمس بمثابة قوة هذه المسيرة التي أرادها أنصار الرئيس مرسي في أول جمعة من الشهر الفضيل لتأكيد عزمهم على عدم التراجع عن مطلبهم المبدئي بعودة أول رئيس مدني ينتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر. وهي المناسبة التي لم يشأ المؤيدون لسلطة الجيش المصري تضييعها بعد أن دعوا هم كذلك إلى أكبر تجمع في ميدان التحرير وأمام مقر الرئاسة المصرية في حي هليوبوليس الراقي من أجل تنظيم اعتصاماتهم الرافضة لعودة الرئيس محمد مرسي. ويخشى المصريون أن يؤدي صراع الساحات المحتدم بين أنصار الرئيس المعزول والمؤيدين له إلى مواجهات دامية كتلك التي وقعت فجر الاثنين الماضي بعد أن فتح مسلحون النار على مصلين من أنصار الرئيس محمد مرسي قبالة مقر للحرس الجمهوري في القاهرة. وفي هذه الأجواء المشحونة، أقدم مسلحون فجر الجمعة، على اغتيال ضابط سام في جهاز الأمن المصري في مدينة العريش وأصيب آخر بجروح متفاوتة في ثالث عملية اغتيال بعد تلك التي أدت إلى مقتل جندي وخمسة من عناصر الشرطة في منطقة سيناء. وذكرت مصادر أمنية مصرية أن المسلحين الذين قدموا على متن سيارة رباعية الدفع هاجموا مركزا للمراقبة الأمنية في منطقة سيناء في شمال شرق البلاد بصواريخ “ار. بي. جي” وأسلحة أوتوماتيكية، مما أدى إلى مقتل هذا الضابط برتبة مقدم. وتخشى السلطات المصرية أن تتحول هذه الحوادث المعزولة إلى حد الآن إلى أعمال منظمة ضمن شبكات إرهابية انتقاما من الجيش المصري الذي يعتقدون انه حرمهم من حق دستوري ومن رئيس انتخب بطريقة ديمقراطية. ويبدو أن هذه المخاوف هي التي جعلتها تشرع في حملة اعتقالات واسعة في أوساط حركة الإخوان من أعلى قادتها وإلى أبسط مناضليها في أوسع عملية مطاردة تلحق التنظيم منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تطالب السلطات الانتقالية بوقف ما أسمته بحملة الاعتقالات التعسفية بقناعة أن ذلك سيؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد بدلا من إيجاد مخرج لها. ضمن موقف مماثل أصدرته السلطات الألمانية التي طالبت بدورها بإطلاق سراح الرئيس محمد مرسي الذي يجهل مصيره إلى حد الآن وان كانت مصادر رسمية مصرية أكدت انه في مكان آمن