لم تستطع الإدارة الأمريكية البقاء على الحياد إزاء أزمة مصرية أصبح الاحتقان الذي يميزها ينذر بما هو أسوأ وبما قد يهدد مصالح الولاياتالمتحدة، في منطقة تعدها مفتاح سياستها الخارجية، بل أنها قلب أمنها القومي. ولما بلغت الأزمة المصرية أسبوعين بعد اندلاعها طريقا مسدودا وغاب أفق تسويتها، لم تستطع الولاياتالمتحدة البقاء في موقع المتفرج، وهو ما جعل الرئيس باراك أوباما يوفد الدبلوماسي المخضرم وليام بيرنز إلى القاهرة، للوقوف على حقيقة ما يجري عن كثب والاستماع إلى أطراف الأزمة من أفواه أصحابها والخروج بموقف واضح عن وضع قد يصل درجة الفلتان العام. ووصل بيرنز إلى القاهرة، وقد بلغت أزمة الحكم في القاهرة منعرجا خطيرا بعد مقتل ثلاثة أشخاص في هجوم مسلح على حافلة في منطقة سيناء، في حادثة شكلت ناقوس الخطر من احتمالات توسع رقعتها. ويكون تكرار مثل هذه الحوادث منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في منطقة سيناء بالذات، هو الذي جعل الرئيس باراك أوباما يوفد وليام بيرنز إلى القاهرة لعقد لقاءات مع كل الفعاليات، في محاولة أمريكية لاحتواء أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات. ويبدو أن الإدارة الأمريكية فشلت فشلا ذريعا في كيفية التعاطي مع الأزمة المصرية، وبقيت قابضة على العصا من وسطها، فلا هي أيدت قيادة الجيش ولا هي وقفت مع الرئيس المعزول، وبقي موقفها مذبذبا بين هذا وذاك، ربما بقناعة أن الفرقاء سيتصالحون ولكن استدامة الأزمة جعلها لا تخفي قلقها إزاء ما يجري. وتكون عمليات الاغتيال في سيناء والعريش خلال الأيام الأخيرة، هي التي جعلتها تتحرك بأكثر حزم من أجل الضغط على أطرافها لإنهاء أزمتهم، بعد أن استشعرت أن تهديدات متطرفين داخل حركة الإخوان بالدخول في تمرد مسلح بدا يجد طريقه إلى التجسيد في منطقة حساسة وهامة بأهمية منطقة سيناء على حدود حليفتها إسرائيل. وجاءت عملية أمس، بعد اشتباك اندلع فجر الأحد بين مسلحين يعتقد أنهم إسلاميون مع قوات الشرطة على حدود الكيان الإسرائيلي المحتل، وهو الأمر الذي أصبحت الولاياتالمتحدة وإسرائيل تنظر إليه بكثير من الخوف، وخاصة أنهما تقيمان دوما علاقة وطيدة بين الإسلاميين في مصر والجهاديين في قطاع غزة. ويكون مثل هذا الاعتقاد، هو الذي قاد الجيش المصري إلى القيام بحملة تدمير لكل الأنفاق العابرة للحدود بين قطاع غزة والأراضي المصرية، التي تخشى القاهرة أن تتحول إلى أروقة لتهريب الأسلحة من داخل قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية.