رست أمس، على الساعة العاشرة صباحا، باخرة طارق بن زياد بميناء الجزائر العاصمة، قادمة من مرسيليا وعلى متنها 1074 مسافرا من المغتربين المقيمين بفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى و363 سيارة لبعض هؤلاء المسافرين. وقد كانت الباخرة ممتلئة عن آخرها نظرا لكثرة الطلب في موسم الاصطياف الذي تزامن مع شهر رمضان وتفضيل العديد من أفراد الجالية قضاء عطلة الصيف وعيد الفطر مع عائلاتهم في أرض الوطن خاصة بعد تسهيل إجراءات استقبالهم وعبورهم مما شجعهم على المجيء. وتم منح الأولوية في العبور عبر الميناء للعائلات التي تضم أطفالا صغار السن ومسنين لتسهيل خروجهم، إلى جانب باقي المسافرين الذين استحسنوا هذه المرة الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتسهيل عبور ودخول الجالية الجزائرية لأرض الوطن عبر الموانئ والمطارات التي تشهد حركة كبيرة في موسم الاصطياف. علما أن مهمة الجمارك داخل الباخرة تكمن في تلقي جوازات السفر والبطاقات الرمادية للمسافرين بهدف إعداد سند العبور للجمارك صالحة لمدة ثلاثة أشهر والتي يمكن تمديدها بشهر أو شهرين آخرين. وقد اتخذت السلطات الجزائرية هذه السنة تدابير لتسهيل عمليات استقبال الجالية الجزائرية خلال موسم الاصطياف وشهر رمضان، للقضاء على الطوابير التي ظلوا يعانون منها عند وصول البواخر إلى الميناء، بحيث تم تجنيد أعوان من شرطة الحدود مجهزين بأجهزة حاسوب محمولة، يتنقلون للمصادقة على جوازات سفر المسافرين وهم على متن سياراتهم قبل النزول من الباخرة، ربحا للوقت وتفاديا للطوابير الطويلة التي يضيع فيها المسافر ساعات طويلة للمصادقة على جواز سفره عند البحث عن مكان لركن سيارته والتوجه إلى شباك شرطة الحدود، بالإضافة إلى إجراءات أخرى منها المعالجة القبلية لملف المسافر قبل وصول الباخرة أو الطائرة عن طريق النظام الإلكتروني. وثمن العديد من المسافرين على متن هذه الرحلة الذين تحدثت معهم ”المساء” هذه الإجراءات التي خففت عنهم عناء رحلات السنوات السابقة، خاصة ما تعلق بتنقل شرطة الحدود المزودين بأجهزة حاسوب متنقلة بين المسافرين حتى لا ينزلوا ولا يغادروا سياراتهم من أجل المصادقة على جوازات سفرهم لربح الوقت وتفادي الضغط وكذا التخفيف عن المسافرين وتوفير الوقت والجهد لهم. وهو ما أكده أحد المغتربين الذي لم يزر الجزائر منذ 3 سنوات، والذي أكد أن اطلاعه على هذه التسهيلات عبر وسائل الإعلام شجعه على المجيء. كما تم تعيين فرقة لشركة التأمين ”سيار” داخل الميناء، لتمكين أفراد الجالية الذين أحضروا سياراتهم من إبرام عقود للتأمين على سياراتهم للفترة التي يقضونها بأرض الوطن، كون التأمين إجباريا في بلد الاستقبال، وفقا لما ينص عليه القانون. وقد استحسن أفراد من الجالية الذين وصلوا أمس الظروف التي سادت الرحلة، حسب إحدى المسافرات مقيمة بمدينة باريس والمنحدرة من ولاية بسكرة، التي عبرت عن التحسن الملحوظ الذي عرفته الخدمات المقدمة على مستوى الباخرة، خاصة خدمة الإطعام التي وفرها طاقم الباخرة من خلال تقديم وجبات تقليدية تتناسب مع شهر رمضان أعادت للجالية ذكريات الفطور في أرض الوطن. كما عبر مسافر آخر كان على متن سيارته رفقة عائلته عن ارتياحه لخدمات طاقم الباخرة، مؤكدا أنه آتى من ألمانيا إلى غاية مارسيليا على متن سيارته لركوب الباخرة ليتجه فيما بعد إلى مسقط رأسه بوهران. مشيرا إلى أنه يفضل المجيء على متن بواخر جزائرية بالرغم من ارتفاع أسعار تذاكرها في بعض الحالات على أن تستفيد الشركات الأجنبية من أرباح إضافية باحتساب تذاكر الجزائريين الذين يفضلون أن توجه هذه المداخيل لشركات بلدهم. يأتي هذا في الوقت الذي برر فيه باقي المسافرين تفضيلهم للبواخر الجزائرية عن البواخر الأجنبية بالخدمات المقدمة كالإطعام الذي يقتطع من ثمن تذكرة السفر ولا يدفع المسافرون ثمن وجباتهم على متن الباخرة على عكس باقي الشركات البحرية الأجنبية التي يقوم المسافر على متنها إلى جانب دفعه لتذكرة السفر التي تعادل أو تقارب سعر تذكرة الشركة الجزائرية للنقل البحري للمسافرين بدفع ثمن الوجبة الغذائية المحدد ب10 أورو أي ما يعادل 1480 دينار جزائري للوجبة الواحدة للفرد. وأكد مسؤولو الرحلات بميناء العاصمة أن الميناء يعرف هذه السنة حركية كبيرة، حيث ارتفع عدد الرحلات وعدد المسافرين من أبناء الجالية الذين سيحلون بالجزائر هذه الأيام مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، بحكم تزامن عيد الفطر مع بداية شهر أوت وبالتالي يمكن لهؤلاء المسافرين الاستفادة من الصيف ونسيم البحر مقارنة بالسنوات الماضية حيث كان شهر رمضان يتزامن مع شهر أوت. وأضافت مصادرنا أن كل الرحلات المبرمجة من الجزائر، مارسيليا، وأليكونت بإسبانيا محجوزة ذهابا وإيابا نظرا لكثرة الطلب خلال شهري جويلية وأوت. وقصد مواجهة هذا الطلب، قامت الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين بإيجار باخرة ”أفريتي لارياندي” من اليونان خلال موسم الاصطياف لتعزيز الأسطول الحالي إلى جانب باخرتي طارق بن زياد والطاسلي. في انتظار استلام باخرتين جديدتين من المنتظر أن يتعزز بهما الأسطول البحري ابتداء من السنة المقبلة كما سبق وأن أعلنت عنه الحكومة في مناسبة سابقة.