لا يتوقف عبد الكريم عبيدات رئيس جمعيات رعاية الشباب، عن نشاطاته التحسيسية لمحاربة آفة المخدرات حتى في الشهر الفضيل، بل يسطّر برنامج عمل بالتنسيق مع المساجد لتقديم محاضرات تحسيسية، تحث الشباب على اعتبار شهر رمضان فرصة للإقلاع عن كل الآفات الاجتماعية. يبدأ يوم عبد الكريم عبيدات مع بزوغ الفجر؛ حيث يصلي الفجر بمسجد الحي، بعدها يتجه إلى مكتبه لتسطير برنامج العمل الخاص باليوم؛ حيث يرتّب مواعيد العمل تبعا للجهة التي اتصلت به لإلقاء محاضرة حول الآفات الاجتماعية في رمضان، وعادة ما يعمل بالتنسيق مع المساجد؛ على اعتبار أنها تعرف توافد أعداد كبيرة من المصلين، وتحديدا الشباب لأداء صلاة التراويح؛ قال: “لا يخفى عليكم أن الإدمان على المخدرات يبلغ درجات قياسية في رمضان، لأن المدمنين يصومون طيلة النهار، ومع حلول موعد الإفطار تظهر حاجة المدمن لتعاطيها، لاسيما أننا نصوم لما يزيد عن 16 ساعة. وبحكم أن الشباب يميلون إلى إطالة السهر في رمضان فهم يباشرون تعاطيها، وكما يقولون: “الطبع يغلب التطبع”. تُفتح مراكز مكافحة المخدرات حتى في رمضان لكل راغب في التوقف عن تعاطي هذه السموم؛ حيث نستقبل يقول عبد الكريم عبيدات “أعدادا كبيرة من الشباب الذين يواجهون صعوبة في الصيام، وفي المقابل نساعدهم على التكيف، لا سيما أننا نملك اليوم على مستوى مراكزنا بالمحمدية، أجهزة متطورة تيسّر الصيام على المدمن”. وعن حياته الشخصية خلال رمضان قال: “بعد أن أفرغ من أداء عملي أتجه إلى السوق؛ لأن التسوق من اختصاصي؛ حيث أتجه إلى “جامع اليهود” مرفقا بالقائمة التي تحضّرها لي الزوجة سلفا، ثم أقوم بشراء ما يلزم لإعداد الأطباق الرمضانية، لا أخفيكم، يصيبني وحم الشراء؛ إذ أرغب في اقتناء كل ما يقع عليه بصري لمجرد أني صائم؛ لذا أجد نفسي في كثير من الأحيان، لا أتقيد بفحوى القائمة “. يميل محدثنا إلى إحياء جملة من العادات التي كان يحرص السلف عليها في الماضي، على غرار اللمّة العائلية حول مائدة الإفطار؛ كونه لا يحلو إن لم يكن المنزل مليئا بالأبناء والأحفاد؛ حيث قال: “لمّ شمل العائلة من الأمور المقدسة التي أحرص عليها، ولا أحد يصوم بمفرده من أفراد عائلتي في رمضان، إلى جانب الزيارات العائلية لوصل الأرحام، وهي من الأمور التي أوصانا بها نبيّنا، والتي أحرص عليها أيضا”. لا يُعد محدثنا من المتطفلين على المطبخ؛ لأنه يعتبره المملكة الخاصة بالمرأة؛ تعرف كيف تديرها وتبدع فيها أطباقا مختلفة، غير أنه يفضّل أن يكون طبقه المحبب حاضرا في الموعد؛ قال: “طبق الشوربة المرفق بالبوراك فحسب رغم أني أقتني الكثير من المواد الغذائية، غير أني أكتفي باحتساء بعض الملاعق من الشوربة “. وعن وجبة السحور قال: “أنا من الأشخاص الذين لا يتسحرون ولا يطيلون السهر، فإن كانت لدي محاضرة أنشّطها، وإن لم يكن لديّ عمل بمسجد ما أعود أدراجي إلى البيت؛ حيث أتفرغ لمتابعة ما تم عرضه على قنواتنا الوطنية، ولا أكتفي بمتابعة برامجنا فقط بل أطّلع أيضا على ما تعدّه مختلف الفضائيات العربية”. وفي رده عن سؤالنا حول ما إذا كان يذكر أول يوم صامه قال: “أذكر أني حصلت على جائزة كبيرة؛ لأني تمكنت من إنهاء نصف يومي من دون أي متاعب، حيث كنت أسكن في “زوج عيون” بساحة الشهداء، والعادة كانت تقضي أن غير الصائمين لا يجوز لهم الجلوس إلى مائدة الإفطار؛ إذ كنا نقضي فترة الإفطار في اللعب بالشارع؛ فلا يجوز لنا إزعاج الصائمين. وأذكر أني يوم طُلب مني أن أصوم حُدد لنا التوقيت بمنتصف النهار، فرفعت التحدي وتمكنت من الصيام وحصلت على مقعدي بين الصائمين علاوة على الطعام المفضل والمعاملة الخاصة”. من بين الأمور التي يتحسر عليها محدثنا زوال الكثير من العادات الرمضانية التي كانت تعطي الشهر الفضيل الكثير من الحميمية، على غرار تبادل الأطباق بين الجيران، إلى جانب خلوّ شوربة اليوم من النكهة الطيبة؛ حيث قال: “في الماضي كان طبق الشوربة يُطبخ على النافخ ويوزَّع بالأواني الفخارية، ما يعطي الطبق لذة مميزة، أما اليوم فيُطبخ بالقدر الضاغط ويوزَّع بالأواني الزجاجية، ناهيك عن تضييعنا للكثير من الأغاني الشعبية التي كان يردّدها الأطفال بالأحياء، على غرار “أذّن ..أذّن ..يا الشيخ.. اضرب اضرب يا المدفع أنت ادّير بم.. بم واحنا نديرو هم.. هم العجوزة تشرب الما، والشيخ يشم الشمة”، وعلق: “صائم اليوم أصبح أنانيا، يكفي القول أننا نقف اليوم عند عدم معرفة ما إذا كان جارك يملك إفطار يومه أم لا”. ومن الأمور التي تظل عالقة بذاكرة محدثنا كلما حل شهر رمضان، صعوبة الصيام في المهجر، هذه التجربة التي قال إنه رغم أنها علّمته الصبر والتحكم بالنفس إلا أنه لا ينسى صعوبة الأمر؛ لذا يتضامن مع الصائمين بالمهجر؛ قال: “لا يصيبني القلق خلال رمضان لأني تعلمت كيف أتحكم في نفسي بعد أن صمت في بلد أجنبي”.