من العادات الرمضانية الحميدة في عنابة تزايد دعوات الإفطار الجماعية لدى الأهل وسكان بونة الأصليين، حيث مازالت بالأزقة العتيقة والأحياء الشعبية تجتمع أكثر من عائلة على المائدة التي تتضمن أشهى الأكلات التقليدية وكل ما جادت به المقلاة من طهي للأسماك بمختلف أنواعها، وهو الطبق الذي يُعتبر فأل خير خلال شهر الصيام عند دعوة الأهل والأقارب. وقد تصل العادات إلى تبادل مثل هذه الأكلات بين الجيران، خاصة بالمدينة العتيقة بلاص دارم وحي بني محافر وحتى لاكولون. وحسب بعض العائلات العريقة، فإن عادة دعوة الأقارب إلى الإفطار في رمضان تُعتبر مكسبا تقليديا للمنطقة منذ زمن طويل؛ حيث يكون هناك توافد من طرف الأهل قبل أذان المغرب ب 20 أو 15 دقيقة، كما يكثر في هذه الفترة تبادل المأكولات بين الجيران، مما يعبّر عن كرم العائلات العنابية في الشهر الفضيل. ومن عادات الناس في رمضان ببونة الخالدة الجلسات العائلية بعد الإفطار مباشرة في حوش المنزل، لارتشاف أكواب الشاي، وتمتد السهرات حتى آخر الليل، وأحيانا حتى بعد السحور، وعادة ما تحرص العائلات العنابية على الزيارات العائلية وصلة الرحم خلال شهر الصيام، وتكون جلسات السمر من المظاهر الرمضانية المألوفة، وعادة ما تكون مثل هذه السهرات على الكورنيش أو بالشاطئ ، وحتى في البيوت خاصة بيت الجد والجدة أو قضاء سهرة خاصة بالأحياء والمقاهي الشعبية. وحسب بعض العائلات فإن سهرات رمضان تكون فرصة لتبادل الأحاديث والاطلاع على أخبار العائلة، ويميزها تقديم وجبات خفيفة على المائدة بعد وجبة الإفطار. ومن أهم مكوناتها أنواع خاصة من الحلويات والشاي الأخضر بالنعناع، ويرتبط إعداد الشاي لدى بعض العائلات باجتماع أفراد الأسرة، وفي الوقت نفسه المحافظة على إرث وتقاليد الأجداد، بحيث يصبح ضروريا تحديد الطريقة التي سيقدَّم بها الشاي منذ البداية، إذ أنه بالنسبة للعائلات العنابية ليس مجرد مادة سائلة تُشرب لكن له تقاليد متوارَثة، ومن العائلات من يحرص على وضع كل مستلزمات تحضير الشاي؛ من سكّر وشاي مجفّف ونعناع أمام أحد أفراد الأسرة من الرجال، الذي عادة ما يكون كبير العائلة، ليحضّره بطريقته الخاصة على الجمر أو “طابونة الفحم”، إلى جانب تحضير القهوة التي لا غنى عنها لدى البعض. وفي سياق آخر، تُخص الأحياء العتيقة بمدينة عنابة خلال شهر رمضان، ببيع الحلويات التقليدية منها الزلابية والهريسة وقلب اللوز وبعض الأنواع التي تقدَّم خلال لقاءات السمر الرمضاني بين العائلات، حيث تتقن ربات البيوت في رمضان تزيين الباحات والحوش المجهّز للسهرة بالورود الفواحة وأنواع البخور الأخرى؛ تعبيرا منهما عن الفرحة باللمة والتواصل بين الجيران خلال سهرات السمر في رمضان.