صدرت مؤخرا للباحث الجزائري في شؤون المسرح الجزائري، الأستاذ مخلوف بوكروح، ثلاث دراسات كاملة تتعلق بأبي الفنون «المسرح»، تناول فيها «المسرح والمتلقي» و»المسرح والصحافة»، والكتاب الذي هو بين أيدينا يدور موضوعه حول دراسة المسرح والجمهور، ومن هذا المنطلق، من غير الممكن أن ندرس المسرح خارج حيز الجمهور الذي تعرض عليه المسرحيات لمشاهدتها والتمتّع بها ورؤية واقعه في مشاهدها، حيث يتحول المسرح إلى مرآة عاكسة لواقع المشاهد، وهو الجمهور، فكيف وجده المؤلّف في دراسته؟ هذا ما أردنا معرفته من خلال هذه الدراسة. قسم الأستاذ بوكروح دراسته «المسرح والجمهور» إلى فصلين؛ الفصل الأوّل تناول فيه مصادر الإنتاج المسرحي، المسرحيات الجزائرية، المسرحيات المقتبسة، المسرحيات المجزأرة، موضوعات الإنتاج المسرحي، مسرحيات تناولت الثورات التحريرية، الثورة الجزائرية، الحركات التحررية، المسرحيات المواكبة للتغيّر الاجتماعي، مسرحيات جسدت الصراع الاجتماعي ومسرحيات جسدت الصراع الأخلاقي النفسي . أما الفصل الثاني، فقد شمل؛ التوزيع الزمني للعروض المسرحية؛ السنوات، الأشهر، الأيام، المواقيت، النوع، وسيلة التعبير، وإقبال الجمهور على العروض من خلال السنوات، الأشهر، الأيام، المواقيت، النوع، وسيلة التعبير، طبقات المقاعد، ثم خاتمة يلخص فيها نتائج بحثه. يقول الباحث مخلوف بوكروح في مقدمة كتابه «المسرح والجمهور»، على غرار الدراسات التي عرفها جمهور وسائل الاتصال، شهدت دراسات جمهور المسرح تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، وانصب الاهتمام على قياس ردود أفعال الجمهور أثناء العرض المسرحي، فوجّه الباحثون اهتمامهم نحو المسائل الخاصة بالسن، الجنس، الخلفية الاجتماعية، مستوى التعليم، الوضعية المهنية، وعادات الضحك ....». وأشار الكاتب «إلى غياب الدراسات حول جمهور المسرح الجزائري، ولا توجد معطيات دقيقة تكشف عن توجهات الجمهور المسرحي وإقباله على العروض المسرحية، فضلا عن غياب دراسات شاملة حول الحركة المسرحية في الجزائر». وخلص المؤلف إلى القول: «إنّ توافد أعداد قليلة من الجمهور لفترات غير منتظمة لا تشكّل جمهورا مسرحيا يفترض أن يتردد باستمرار على المسرح، وهذه العملية مرهونة بوجود حركة مسرحية واحدة ونشيطة، وما افتقار المسرح الجزائري لجمهور مسرحي بالمفهوم المشار إليه سابقا، إلا دليل على أن التجربة المسرحية في الجزائر لا تزال في مرحلة التأسيس والتجريب على جميع الأصعدة، في ميدان التسيير، التخطيط، الإبداع، النقد والجمهور، أي أنّ عملية تكوين جمهور مسرحي تحتاج إلى وقت طويل وتتطلّب توفّر بعض الشروط المادية والفنية لتحقيقها. الكتاب من القطع المتوسط، يتوزّع على 169 صفحة، صدر عن دار مقامات النشر والتوزيع بداع من وزارة الثقافة بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال.