أكدت وزيرة الثقافة، السيدة خليدة تومي، أن الجزائر تفقد في شخص المحامي جاك فارجاس أحد أصدقائها وعملاقا في مجال المحاماة. مشيرة إلى أن الجزائر حزينة لفقدان أحد أصدقائها الذي كان مجاهدا وجزائريا ومناضلا، والعالم أيضا يفقد في شخصه عملاقا في مجال المحاماة ترك بصمة في القرن العشرين بتأسيسه لمسعى للدفاع النضالي. وذكرت السيدة تومي، خلال مراسم دفن جاك فارجاس، أول أمس، بباريس بفرنسا، أن أول سبب سمح للمحامي الراحل بتطبيق هذا المسعى كان محاكمة المجاهدة جميلة بوحيرد التي أوقفت وهي مصابة بجروح بليغة بعد تعرضها لتعذيب وحشي في 1957. في تلك اللحظة باشر المحامي فارجاس مسعى القطيعة مع ما كان يسميه بمحاكمات التواطؤ. مضيفة أنه بفضل القضية الجزائرية ترك بصمته في القرن العشرين وفي تاريخ المحاماة والنضال التحرري. وأضافت الوزيرة أن البشرية تفقد أيضا في شخص المحامي فارجاس صوتا لا يعوض كون هذا الأخير كان يدافع عن الحقيقة والعدالة وينبذ القمع. مشيرة إلى أن الجزائر دولة وشعبا تفقد أحد أفضل أصدقائها شأنها شأن البشرية التي تفقد رجلا عظيما. وبدورها، تأسفت المجاهدة ونائب رئيس مجلس الأمة، زهرة ظريف بيطاط، التي بدت متأثرة لفقدان "أخ" قائلة "كان أخا ورفيق نضال ساندنا بكل قوته وذكائه وأظن أنه من خلال دفاعه عن إخوة وأخوات عرف بالنضال الجزائري ليجعله يتعدى الحدود الفرنسية ويحظى بصدى عالمي". وأضافت إحدى بطلات معركة الجزائر التي تعد هي الأخرى محامية سابقة أن الراحل فارجاس بقي دوما وفيا للنضال الذي خاضه حتى الممات. كما وصفت المحكوم عليها سابقا بالإعدام من طرف المنظمة الإرهابية الاستعمارية "اليد الحمراء" المجاهدة فطيمة أوزقان الراحل فارجاس بالمناضل الملتزم، مضيفة أنه لم يكن مجرد مناضل بل هو أخ قدم للجميع الدعم المعنوي. أما نجل الفقيد، إلياس، فقال أن أباه لقنه روح الحرية والنقد والنضال الذي لم يكن يتسنى سوى لرجل قوي مثله أن يخوضه. وحضر حشد غفير مراسم دفن المحامي الفقيد الذي كان يدعى خلال الثورة ب«منصور" ضم أقاربه ومن بينهم ابناه الياس ومريم وشخصيات سياسية على غرار المحامي والوزير الأسبق رولاند دوما وكذا العديد من المحامين. ورافقت تصفيقات حارة وزغاريد خروج التابوت من كنيسة سان توما داكين، حيث جرت المراسم التأبينية التي ذكر خلالها الكاهن ألان مايار صديق قديم للمحامي أمام الحضور بالشجاعة والجرأة التي كان يتحلى بها الفقيد. وبدوره، تحدث زميله المحامي تيري ليفي عن صديق كان يتقن فن الاغاضة، مضيفا أنه باشر مسعى القطيعة مع ما كان يسميها بمحاكمات التواطؤ. وفي تصريح للصحافة، أكدت نقيب محامي باريس الأستاذة كريستيان فيرال شول، أن فارجاس محام ترك بصمته في القرن العشرين وتميز بالالتزام مما جعله يستحق العديد من الألقاب. وللتذكير، فقد توفي المحامي جاك فارجاس في 15 أوت بباريس إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 88 سنة. وسيحفظ الجزائريون لهذا المحامي البارع دفاعه عن المجاهدة جميلة بوحيرد التي تحولت من موكلة إلى زوجة رزق معها بطفلين. وكان الراحل في بادئ الأمر مناضلا في الحزب الشيوعي الفرنسي الذي غادره لموقفه آنذاك حيال القضية الجزائرية ليلتحق بجبهة التحرير الوطني التي ناضل في صفوفها تحت اسم "منصور". وغداة الاستقلال تحصل على الجنسية الجزائرية وأصبح فيما بعد مسؤولا بديوان وزير الشؤون الخارجية. وفي جانفي الفارط تم تكريمه بباريس لأعماله النبيلة لصالح القضية الجزائرية ونضاله من أجل استقلال الجزائر، حيث سلم القنصل العام للجزائر، السيد رشيد وعلي، باسم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للمناضل شهادة اعتراف وميدالية شرفية خلال حفل إحياء الذكرى المزدوجة لاندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 وخمسينية استقلال الجزائر.