يرى بعض المحللين السياسيين أن فشل أمريكا في إيجاد تحالف دولي لضرب سوريا، كما فعلت في العراق وأفغانستان وليبيا، ثم تراجُعها عن الضربة رغم أنها لاتزال قائمة، يُعد مؤشرا قويا على تقهقرها عن المرتبة التي كانت تحتلها في قيادة العالم، كما أنه مؤشر على بروز قوى أخرى تسعى لخلق عالم متعدد الأقطاب، وكان لها دور فعال في الأزمة التي تعيشها سوريا، فهذه القوى وعلى رأسها روسيا والصين، ترفض الانفراد بالقرارات الدولية، وتعمل على رد الاعتبار للأمم المتحدة وهياكلها في كل ما يتعلق بالأمن والسلم الدوليين، كانت قاعدة انطلاقتها الأولى عبر دول مجموعة البريكس، التي أعلنت في أول قمة لها سنة 2009 بروسيا ضمن بيانها الختامي، عن ضرورة تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، وقبلها كانت منظمة شنغهاي للتعاون التي أنشئت سنة 2001 والتي كانت تهدف إلى مكافحة الإرهاب والتطرف والحركات الانفصالية والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات، ورغم أن هذه المنظمة يغلب عليها الطابع الاقتصادي؛ بحيث تسعى لإقامة صندوق للتنمية وبنك للتنمية تابعين لها، إلا أن هناك من يعتبرها حلفا مواجها للناتو. وتُعد المنظمتان القاعدة الأساسية التي تعتمد عليها روسيا والصين في تحركاتهما السياسية والاقتصادية في مواجهة الغرب بزعامة أمريكا. والأزمة السورية كانت السبب المباشر، الذي جعل تأثير المنظمتين يطفو على السطح ويعيد للعالم توازنه، ويبشّر ببزوغ عالم متعدد الأقطاب، يعيد للشرعية الدولية مكانتها من خلال احترام الأطر والقوانين الدولية، التي تكفل للدول سيادتها والحفاظ على وحدة ترابها، وللشعرب الحق في اختيار قادتها ديمقراطيا دون تدخّل أو توجيه من أية قوة خارجية، والعمل على استتباب الأمن والسلم في العالم من أجل أن تعيش البشرية وتنعم بالاستقرار وتتجنب ويلات الحروب.