أبرز المشاركون في الندوة المنظمة بمناسبة أربعينية الشاعر السوري سليمان العيسى (1921-2013) بالجزائر العاصمة جوانب من حياة هذا الأديب الذي ارتبطت أشعاره بالجزائر وتاريخها. وأوضح المشاركون في هذا الفضاء الأدبي الذي جرى، أمس الثلاثاء، بحضور الوزير الأول، عبد المالك سلال، أن الشاعر تغنى بتاريخ الجزائر وأبطالها عبر عدد من القصائد استوحاها من عظمة ثورة أول نوفمبر التي ملأت الآفاق. وفي تدخله، استعرض رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، عز الدين ميهوبي، المسيرة الأدبية لسليمان العيسى التي امتزجت بقضايا أمته وفي مقدمتها ثورة الجزائر، مؤكدا أن الفقيد ومن فرط حبه لأرض الشهداء "نازعنا في حب الجزائر فنازعناه في حب شعره". كما استذكر السيد ميهوبي اللقاءات التي جمعته بالمرحوم في العديد من المناسبات، مشيرا إلى أنه كان في كل مناسبة لا يخفي ارتباطه وحبه للجزائر حتى قال ذات مرة "أنا لست صديقا للثورة الجزائرية وإنما ابنا لها". وقال الوزير الأسبق لمين بشيشي بدوره أن العيسى وعلى غرار مفدى زكريا تعرض للسجن في العديد من المرات بسبب قصائده ومواقفه القومية لاسيما أثناء فترة الانتداب الفرنسي بسوريا". من جانبه، أكد معن العيسى وهو نجل المرحوم أن والده "أحب الجزائر فاحتضنته بصدق ووفاء"، معتبرا أن تكريمه اليوم في هذه الندوة يعد "تكريما لسوريا وللجزائر وللشاعر العيسى ولعائلته". كما عاد نجل الفقيد بذاكرة الحاضرين إلى سنوات الخمسينيات التي طبعها لهيب الثورة الجزائرية بدون منازع متطرقا إلى تفاعل والده عبر شعره وقصائده مع معاناة الشعب الجزائري ونضاله من أجل الحرية والانعتاق. ولم تقتصر الندوة على المداخلات إذ تخللها إلقاء بعض قصائد المرحوم بالعربية ثم مترجمة إلى الأمازيغية إلى جانب قصيدة للشاعر إبراهيم صديقي تضمنت رثاء للعيسى وحسرة على ما تعيشه سوريا في الوقت الحالي. للإشارة، فقد خلصت الندوة التي حضرها أعضاء من الحكومة ووجوه أدبية وفكرية إلى تقديم جملة من الهدايا الرمزية لعدد من المشاركين في الندوة يتقدمهم نجل الفقيد نيابة عن أسرته. يذكر أن سليمان العيسى الذي ولد سنة 1921 بالنعيرية في أنطاكية (سوريا) قد تلقى تعليمه وثقافته الأولى على يد أبيه أحمد العيسى في القرية فحفظ القرآن والمعلقات وديوان المتنبي وآلاف الأبيات من الشعر العربي. وشارك بقصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي ضد الانتداب الفرنسي على سوريا وهو في الصف الخامس والسادس الابتدائي ليواصل دراسته الثانوية في حماة واللاذقية ودمشق. بالنسبة لمساره المهني فقد اشتغل الفقيد مدرسا بدار المعلمين ببغداد وفي مدارس حلب وموجها أول للغة العربية في وزارة التربية السورية. كما فاز الفقيد الذي كان من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 بالعديد من الجوائز وحظي بتكريمات من بينها وسام "صديق الثورة الجزائرية". سنة 2004. وفي سنة 1990 انتخب المرحوم عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق وتحصل سنة 2000 على جائزة الإبداع الشعري. شارك العيسى -الذي توفي يوم 9 أوت 2013- في ترجمة عدد من كتب الأدب برفقة زوجته الدكتورة ملكة أبيض أهمها آثار الكتاب الجزائريين الذين كتبوا بالفرنسية كما ساهم في ترجمة قصص ومسرحيات من روائع الأدب العالمي للأطفال.