طوى المهرجان الخامس للموسيقى السيمفونية آخر صفحاته، أول أمس، ليضرب موعدا للدورة المقبلة، وقد أبهر المايسترو الأوكراني فلاديمير شايكو، قائد الجوق السيمفوني متعدد الجنسيات، الجمهور الغفير وبث في نفوس الحضور نشوة تفوق الوصف من خلال تقديم برنامج موسيقي وأوبرالي ذي جودة واحترافية عاليتين. حفل الاختتام الذي برمجت انطلاقته على الساعة السابعة مساء ببهو قصر الثقافة، بدأ توافد الجمهور إليه منذ الساعة الخامسة ولم تمض ساعة من الزمن حتى امتلأت حظيرة السيارات عن آخرها، وهناك من قبع ينتظر لساعات حتى دخل قصر الثقافة، إنه مشهد أشبه بالسيول البشرية التي تجتاح ملاعب كرة القدم في مقابلات الداربي، لكن ذلك المشهد يؤكد بحق أن الموسيقى الكلاسيكية تحظى بشعبية كبيرة وسط الجمهور الجزائري. والخيمة العملاقة التي نصبت لتستوعب أكثر من آلف مقعد، بلغ المقاعد بها في السهرة الختامية الألفي مقعد، كل هذا من أجل حضور حفل موسيقي حالم كان نجمه الأول فلاديمير شايكو الذي استطاع بعصاه السحرية أن يخلق أجواء من الفرجة والكثير من العاطفة من خلال الآغاني الآوبرالية المؤداة. فور صعود فلاديمير شايكو المنصة، أصبح لا يعرف للحركة سكونا وهو يوجه الموسيقيين بعصاه ليعزفوا على إيقاع حركات جسمه وتعبير تقاسيم وجهه، وعدد الموسيقيين والكورال تجاوز المائة شخص، واستطاع شايكو التحكم فيهم والتفاعل معهم في أدق التفاصيل، وهو ما أثار إعجاب الحضور الذي صفق طويلا لكل الوصلات المبرمجة.وفي الأداء الأوبرالي، أبدع كل من الأوكرانيتين بوزنياك ألا في الميزو سوبرانو، وتاسيانا أنيسيموفا في السوبرانو ومواطنهما أندري رومانينكو في نوع التينور، بالإضافة إلى الصيني وانج فنج في التينور كذلك، حيث أخذوا المستمعين إلى عوالم أخرى فيها العواطف والأحاسيس صافية صفاء صوتهم.وكانت المجموعة الصوتية المتكونة من اثني عشر صوتا أوكرانيا وحوالي سبعين صوتا جزائريا، في المستوى هي الأخرى، ورغم أن تحضيراتها كانت في بضعة أيام من المهرجان، فقد أدهشوا الحاضرين ولاسيما في الأغنية الختامية ”لأجلك يا جزائر” والتي أعيدت مرتين نزولا عند رغبة الجمهور الذي تجاوب معها وهناك من أطلق العنان للزغاريد التي دوت سماء قصر الثقافة.يذكر أن قائدي المجموعة الصوتية هما عزيز حمولي وألا شايكو اللذين أشرفا على تكوين طلبة المعهد العالي للموسيقى والاستعداد للحفل الختامي للمهرجان. وفي ختام الحفل، منحت كأس الصداقة لمدير الاذاعة الاوكرانية الذي أهداها بدوره الى وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي التي حضرت الحفل وكرمت الفنانين وعلى رأسهم المايسترو فلاديمير شايكو.وعقب التكريم، صرح شايكو أنه سعيد للمشاركة في المهرجان للمرة الثانية، وتمنى دوام الاستمرارية للمهرجان الذي وصفه بالرائع وفي كل طبعة يشهد تحسنا ويزيد تطورا، وهو ما يعكس صحة الموسيقى الكلاسيكية عبر جمع مختلف الفرق الموسيقية في هذا المهرجان الدولي المنظم بإحكام.