أعربت كتابة الدولة الأمريكية في تقرير جديد أعدته حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، عن قلقها البالغ إزاء استمرار الانتهاكات المغربية ضد السكان الصحراويين في الأراضي المحتلة. وجاء إعداد هذا التقرير الجديد، وفقا للقانون المصادق عليه عام 2011 من قبل الكونغرس والذي طالب كتابة الدولة بمراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة، قبل منح أي مساعدة مالية عسكرية للمغرب. ويأتي هذا التقرير، تكملة لتقرير أول كانت أعدته وزارة الخارجية الأمريكية العام الماضي، وطالبت من خلاله بضرورة توسيع مهام بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية من أجل تنظيم الاستفتاء "المينورسو"، لتشمل حماية ومراقبة حقوق الإنسان في هذا الإقليم المحتل. وهو التقرير الذي شكل ضربة موجعة للدبلوماسية المغربية، التي سارعت لاستنجاد بحليفتها فرنسا لمنع تمرير مطلب توسيع صلاحيات البعثة الأممية عبر مجلس الأمن الدولي. وأكد تجديد كتابة الدولة الأمريكية عن قلقها من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان الصحراوي، أن السلطات المغربية لم تكف عن عمليات استعباد الصحراويين، وهو ما سيعطي مصداقية أكبر لمطلب جبهة البوليزاريو بإنشاء آلية دولية تعني بمسألة حقوق الإنسان في المناطق المحتلة، وأكثر من ذلك سيضع المغرب ومن يدعمه من الدول الكبرى على غرار فرنسا في موقف جد حرج أمام رأي عام دولي بدأ يعي حقيقة النزاع الصحراوي، وحقيقة شعب يعاني من أجل استرجاع أرضه وحقوقه المغتصبة. وأعربت كتابة الدولة للكونغرس في تقريرها عن "القلق المتزايد حول مسألة حقوق الأشخاص في التعبير عن آراءهم بحرية، فيما يخص وضع الصحراء الغربية ومستقبلها وكشف انتهاكات حقوق الإنسان". وأخطر معدو التقرير النواب الأمريكيين بأن "هناك انشغالا فيما يخص العراقيل التي تمنع دخول منظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي الحكومات الأجنبية إلى الأراضي الصحراوية. وأكدت الخارجية الأمريكية، أن المغرب يستمر في فرض قيود مبالغ فيها فيما يخص الحق في التجمعات السلمية والمنشورات الداعية إلى الاستقلال أو تنظيم استفتاء يتضمن الاستقلال كخيار. كما يعتبر أن "كل المظاهرات الكبرى حول حقوق الإنسان أو كل مظاهرة لصالح استقلال الأراضي الصحراوية يحظرها القانون بشدة". مضيفا، أن الأشخاص الذين تم توقيفهم لمشاركتهم في مظاهرة ضد ضم الصحراء الغربية للمغرب "لا يستفيدون عادة من محاكمة عادلة". وبعد أن ذكر بالانتهاكات المسجلة، أكد التقرير أن عدة منظمات صحراوية لحقوق الإنسان تتلقى صعوبات في الحصول على الاعتماد الرسمي الذي تشترطه الحكومة المغربية للعمل بحرية، "مما يحرمها من الاستفادة قانونيا من تمويلات وتنظيم اجتماعات عمومية". كما أشار، إلى أن القانون المغربي يمنع المواطنين من التعبير عن معارضتهم للموقف الرسمي للحكومة إزاء الصحراء الغربية، حيث أوضح أن أغلبية وسائل الإعلام والصحفيين الإلكترونيين يمارسون الرقابة الذاتية، بينما يجبر الصحفيون الإلكترونيون الذين يشكون في كونهم مراقبون من قبل السلطات المغربية على إخفاء هويتهم والعمل بأسماء مستعارة. وأكدت كتابة الدولة، أن الحكومة المغربية "تطبّق إجراءات صارمة تحدّ من قدرة المنظمات غير الحكومية الداعية إلى الاستقلال، والمناضلين الصحراويين على الالتقاء بالصحفيين". يذكر، أن الكونغرس الأمريكي نصب شهر أوت الماضي المجموعة البرلمانية للصحراء الغربية على مستوى غرفة النواب، التي تهدف إلى الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب. وكان ذلك بمثابة أكبر اختراق دبلوماسي تحققه القضية الصحراوية في غرفة النواب الأمريكيين، وانتكاسة أخرى للدبلوماسية المغربية، التي تأكد عجزها في إقناع المجموعة الدولية بمقاربة الحكم الذاتي، التي سعت طيلة سنوات من أجل فرضها على الصحراويين، ولكنها فشلت في ذلك أمام رغبة هؤلاء في تحقيق الاستقلال والحرية.