أيام قليلة تفصلنا عن حلول عيد الأضحى المبارك، ليتحول تفكير العائلات إلى الأسعار والكيفيات التي ستسمح لها باقتناء الأضحية، التي يبدو أنها ليست في متناول الكثيرين، خاصة بعد جس نبض الأسعار بمختلف الأسواق المتخصصة في بيع المواشي، حيث أصبحت النكت والطرائف تنتقل بين مشتركي موقع التواصل الاجتماعي “الفايس بوك”. لم يعد للمواطنين في هذه الأيام سيرة شاغلة إلا الحديث عن أسعار الكباش وكيفية اقتناء أضحية العيد في ظروف حسنة، فقد ارتفع سعر الكباش ارتفاعا جنونيا أذهل المواطنين بطريقة جعلتهم يعبّرون عن استيائهم من الزيادة الكبيرة في الأسعار بطابع طريف وهزلي عبر موقع التواصل الاجتماعي “الفايس بوك”؛ مثل كاريكاتورات مضحكة تعبّر عن القيمة غير المعقولة لأضحية العيد، التي قريبا ستصبح “من استطاع إليها سبيلا”، في حكم الحج. صفحات فُتحت خصيصا بمناسبة عيد الأضحى؛ تعبيرا عن استياء مشتركيها من الوضعية التي آلت إليها حال عيد الأضحى بعد الارتفاع الجنوني للأسعار، لتجد، مثلا، صورا لكباش يتحدثون مع الباعة ويشترطون في الأسعار، وفي أخرى مجموعة كباش على مسرح “بوديوم الأزياء” لعرض محاسن كل واحد وتقديم سعره والشراء بالمناقصة. وفي كاريكاتور آخر “كبش ب 70 ألف دينار متحصل على شهادة ماجستير ويبعبع أربع لغات”، و أخرى تُظهر صورة مواطن بسيط، عجز عن تسديد قيمة الكبش وعرض على البائع 30 ألف دينار فقط، ليرد الخروف بهزلية على الشاري “اعطيه الهيدروة”. ورغم الأحجام الصغيرة لهذه الخرفان يبقى سعرها مرتفعا في غير متناول الجميع، وهناك من حطّم الأرقام القياسية ليظل سعرها 150 ألف دينار، ومخصصة على حد تعبير بعض المواطنين للمبارزات التي يعتمدها بعض الشباب أياما قبل العيد قصد المقامرة. من جهة أخرى، اندهش بعض مستعملي الأنترنت لظاهرة بيع الكباش على موقع “واد كنيس”؛ مما أثار الحيرة والضحك في آن واحد لهذه الظاهرة الغريبة؛ إذ أن هذا الموقع معروف بعروض بيع وشراء السيارات؛ ما جعل البعض يصفون سعر الخروف بسعر المركبات. وفي حديث “المساء” مع بعض “الفايسبوكيين” لم يُخف هؤلاء تذمرهم من الأسعار التي هي في زيادة مستمرة كل سنة ولم تشهد أي استقرار بعدُ، إذ صارت تأدية سنة النبي إبراهيم عليه السلام شبه مستحيلة، وأصبحت العائلات تحسب لهذا اليوم ألف حساب وتقتصد له طيلة السنة، لتتمكن من شراء أضحية، هذا ما سئم منه المواطنون وعبّروا عنه بأنه العائق الذي سيحرم العديد من العائلات البسيطة من اقتناء أضحية العيد هذه السنة. بالمقابل، كشف لنا بعض مشتركي هذا الموقع ممن تحدثنا إليهم، بأنهم سيلجأون إلى اقتناء اللحوم البيضاء رغم أنها تشهد بدورها ارتفاعا محسوسا، وصل إلى أكثر من 300 دينار جزائري، إلا أنها تبقى أفضل من أسعار الخرفان! في حين يقترح آخرون استبدال لحم الخروف بلحم الماعز كأضحية، كحل بديل في حال لم تنخفض أسعار الماشية خلال الأيام الأخيرة التي تعقب العيد رغم أن هذا شبه مستحيل. وهناك آخرون أكدوا أنهم سيضطرون للاستدانة من أجل إرضاء عائلاتهم والعمل بالسنّة الشريفة، حيث قال أحد المواطنين معبرا بحيرة تامة: “أنا رب عائلة، عندي ثلاثة أولاد ودخلي محدود، أقتصد ثلاثة أشهر لاقتناء خروف صغير”. وفي نفس السياق أرجع المواطنون سبب التلاعب بالأسعار إلى جشع الموالين وانعدام الرقابة. وعلى هذا يبقى المواطن البسيط، الضحية الوحيدة، محروما من الاقتداء بالسنّة وتحقيق رغبة أفراد العائلة في شراء كبش العيد، الذي بات حلما حقيقيا.