يحبس المصريون اليوم أنفاسهم تحسبا لما يمكن أن تسفر عنه القبضة المحتدمة بين حركة الإخوان المسلمين، التي دعت مجددا أنصارها للتظاهر بقوة، والمؤسسة العسكرية التي توعدت بالرد ضد أي مسعى لتوتير الأوضاع في البلاد. واغتنم الإخوان المسلمون حلول الذكرى الأربعين لانتصارات السادس أكتوبر 1973 للتصعيد من حركتهم الاحتجاجية، بعدما دعوا أنصارهم إلى التظاهر اليوم بميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة وجميع أنحاء البلاد، في تحد واضح للجيش والسلطات الانتقالية. ويأتي مقتل خمسة أشخاص وإصابة ما لا يقل عن 40 آخرين في المواجهات التي نشبت بين قوات الأمن والمتظاهرين الإسلاميين أول أمس بالقاهرة، بمثابة إنذار على إمكانية انفلات الوضع مجددا بما لا يمكن التحكم فيه. وأكدت مصادر استشفائية، مقتل خمسة أشخاص في مواجهات الجمعة، مؤكدة أنهم ليسوا من قوات الأمن دون أن تحدد سبب أو مكان مقتلهم. وتعد هذه الحصيلة الأثقل من نوعها التي تسجل في مصر، بعد الأحداث الدامية التي تلت عملية فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة يوم 14 أوت الماضي، والتي راح ضحيتها المئات من الأشخاص بين قتلى وجرحى. وتكون حركة الإخوان قد أخذت الشارع كورقة أخيرة للضغط على السلطات المصرية، لحملها على الاستجابة لمطالبها في إعادة الرئيس محمد مرسي إلى منصبه، بعدما رفضت خارطة الطريق التي وضعتها المؤسسة العسكرية لإعادة ترتيب البيت المصري. وفي محاولة لإفشال هذه الورقة، تم نشر تعزيزات أمنية مكثفة من قوات الشرطة والجيش بالمواقع التي يمكن أن يحتلها المتظاهرون، على غرار ميدان التحرير الذي تحول منذ ثورة 25 جانفي إلى ساحة رمز لكل المحتجين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية. من جانبها، ذهبت وزارة الداخلية المصرية إلى استخدام لغة الوعيد في بيانها أمس، بتأكيدها على التصدي وبكل حسم لكافة مظاهر الخروج على القانون والعنف، الذي قالت إن أنصار جماعة الإخوان ينتهجونه خلال مسيراتهم، محذرة من أية محاولات قد تعكر أجواء الاحتفالات بذكرى انتصار حرب أكتوبر. وأشارت الوزارة في بيانها، أن عددا من مناطق محافظة القاهرة شهدت اشتباكات خلال بعض المسيرات وصفتها ب«المحدودة، نظمتها جماعة الإخوان، في محاولة لإثارة الفوضى وقيامهم بالاعتداء على المواطنين وعدد من السيارات والمحالات التجارية، مما استدعى تدخل وحدات الأمن لتفريقهم". وأضافت، أن قوات الأمن تمكنت من إحباط هذا المخطط والسيطرة على الموقف، وضبط 45 من المشاركين في تلك الاعتداءات من أنصار حركة الإخوان. وكانت قوات الأمن قد استخدمت الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق جموع المتظاهرين، الذين حاولوا التجمهر بأهم الميادين وأكبر الساحات خاصة بالقاهرة مباشرة بعد صلاة الجمعة الأخيرة. وشهدت عدة أحياء بالقاهرة، وأيضا مناطق أخرى خاصة مدينة الإسكندرية الواقعة شمال البلاد وأسيوط، مواجهات بين متظاهرين مؤيدين لهذا الفريق وآخرين مناصرين لذاك، في مشهد كرس حقيقة انقسام الشارع المصري بين معارض ومؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي. وهو ما أثار قلق الأممالمتحدة، التي دعت مجددا على لسان أمينها العام بان كي مون إلى ضرورة ضمان التظاهر السلمي والحق في التجمع والاعتصام، مع التأكيد على الحاجة لمسار سياسي منفتح على جميع الأطراف في مصر.