قبل المباراة التي لعبناها ضد بوركينافاسو كنا نتمنى أن لا يسقط فريقنا الوطني بنتيجة ثقيلة لكي يحتفظ بأمل التأهل في مباراة العودة، بعدما صوّر لنا الإعلام الرياضي الوطني وحتى الأجنبي، المنافس البوركينابي كفريق قادر على سحق الخضر وحسم التأهل إلى المونديال بعقر داره. وربما تلك التعليقات التي ارتكزت على معلومات خاطئة هي التي أثرت نوعا ما على لاعبينا، وجعلتهم يقلّلون من قوّتهم، ليكتشفوا فيما بعد أنه كان بوسعهم العودة من هذا التنقل بالانتصار لو عرفوا مسبقا أن تشكيلة ”الخيول” ضعيفة في كثير من الجوانب، بدليل أن زملاء بوڤرة عادوا إلى النتيجة مرتين، بل ضاع منهم هدف الانتصار بعدما أخفق قادير أمام الحارس البوركينابي في اللحظات الأخيرة من المباراة. أما العامل الثاني الذي ساهم في خسارة أول أمس، فقد تجلى بوضوح في النقص البدني الذي عانى منه لاعبونا طيلة المباراة. وقد عكس ذلك الوضع افتقارهم للتنافس؛ إذ إن أغلبهم لا يشاركون مع أنديتهم بانتظام في مباريات البطولة، وهو ما يفسر ضعف مردودهم، لا سيما لاعبو الخط الخلفي، الذين لم يحسنوا التموقع في مراكزهم أثناء الحملات الهجومية التي كان يقوم بها الفريق البوركينابي، خاصة على الأجنحة، حيث عجز كل من مصباح ومصطفى مهدي عن ضمان تغطية جيدة لرواقهما، وغاب التنسيق في كثير من المرات بين بوڤرة وبلكالام وحتى الحارس مبولحي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في الهدفين الأولين اللذين تلقّاهما، ما جعل مساعد المدرب الوطني نور الدين قريشي، يؤكد بعد نهاية المباراة أنه يجب إعادة النظر في الخط الخلفي بعد أن كان هذا الأخير يُنعت بالصخرة القوية للمنتخب الجزائري. وقد كان المدرب الوطني وحيد حليلوزيتش على حق لما صرح قبل التنقل إلى بوركينافاسو، بأنه يخشى كثيرا تأثر عناصره بعامل غياب التنافس، حيث لم تكن أمامه حلول كثيرة للرفع من درجة استعداد لاعبيه، الذين امتازوا فقط بإرادتهم فوق أرضية الميدان، والتي مكّنتهم من الوقوف الند للند أمام المنافس البوركينابي في ظروف مناخية صعبة جدا كادت تخنقهم؛ إذ اضطر الحكم الزامبي لتوقيف المباراة مرتين من أجل السماح للاعبي الفريقين بإطفاء الظمأ.وبالرغم من هذه الخسارة فقد سجلنا كثيرا من النقاط الإيجابية في طريقة اللعب التي انتهجها المدرب وحيد حليلوزيتش، الذي يمكن القول إنه فاجأنا باختياره اللعب الهجومي، حيث لم يتوقف الخضر عن تكرار الهجمات داخل منطقة الخصم، وضاعت منهم أهداف كانت في متناولهم، وبدا لنا أن التقني البوسني استخلص الدرس من الانتقادات الكثيرة التي وُجهت له في أعقاب المباراة ضد مالي يوم 11 سبتمبر الفارط، حيث أعاب عليه الإعلام الرياضي الجزائري التركيز على الدفاع دون الاهتمام كثيرا بالهجوم، ونعتقد أن حليلوزيتش لم يرتكب هذه المرة أخطاء كثيرة في الاستراتيجية التي بناها ضد المنتخب البوركينابي، حيث منح حرية التحرك والمبادرة لكل اللاعبين، بل كان أكثر جرأة في خياراته التكتيكية عكس مدرب ”الخيول” بول بوت، الذي كان حذرا واختار منذ البداية اللعب بخطة 4-5-1؛ سعيا منه لكسب معركة وسط الميدان الذي كان نقطة انطلاق المهاجمين الجزائريين، الذين ردوا بسرعة على هدفي الخصم وشكّلوا في بعض المرات ضغطا كبيرا على الدفاع البوركينابي، حيث اضطر هذا الأخير إلى التصدي للكرات الخطيرة بأية طريقة من أجل إبعاد الكرة عن منطقته. ولا شك أن المعطيات ستتغير في مباراة العودة التي يفصلنا عنها شهر كامل، سيسمح للاعبي الفريق الوطني بكسب أكبر حجم من التنافس عكس ما هم عليه اليوم، وفي نظر المحللين الرياضيين الذين تابعوا أطوار المواجهة الأولى ضد الفريقين، فإن الفريق الجزائري قادر على تخطّي عقبة ”الخيول” يوم 19 نوفمبر بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة؛ حيث يكفيه الفوز بنتيجة 1-0 أمام منافسه البوركينابي للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2014 التي ستحتضن وقائعها البرازيل. وسيستفيد ”الخضر” من عوامل كثيرة ستعزّز حظوظه في افتكاك تأشيرة التأهل، ويأتي في مقدمتها عاملا الملعب والجمهور.