أكد وزير المالية السيد كريم جودي،أمس، أن الفساد "أصبح يشكل ظاهرة إجرامية خطيرة تنخر اقتصاديات الدول وتعيق التنمية فيها"، مشددا على أن هذه الآفة لم تعد "شأنا داخليا يمكن مواجهته بقوانين وآليات محلية فحسب، بل أضحى من اهتمامات المجموعة الدولية، التي تسعى جاهدة لتعزيز وترقية التعاون الدولي والثنائي للتصدي له". جاء ذلك في كلمة لوزير المالية قرأها نيابة عنه الأمين العام لوزارة المالية ميلود بوطابة، خلال أشغال ملتقى حول موضوع "تحديث القانون والممارسات القضائية والتحريات في مجال مكافحة الفساد في الجزائروفرنسا" بالجزائر العاصمة، بمشاركة خبراء ومتخصصين من البلدين، حيث جرى الافتتاح بحضور المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد عبد المالك سايح وسفير فرنسابالجزائر أندري باران. وذكر السيد جودي أن الدولة الجزائرية "حرصا منها على مكافحة الفساد بكل صوره، قد انضمت إلى الجهود الدولية في هذا المجال، وعملت على تحيين منظومتها القانونية، وإنشاء هيئات مستقلة متخصصة لهذا الغرض، من بينها الديوان المركزي لقمع الفساد". وأبرز أن هذا الديوان يسعى إلى تطوير التنسيق والتعاون مع كل المصالح المعنية على المستويين الوطني والدولي. وبخصوص الملتقى المنظم من طرف الديوان الوطني لقمع الفساد بالتعاون مع مصالح سفارة فرنسابالجزائر، أشار الوزير إلى أن المراد منه هو أن يكون "منبرا" و«لبنة" للفكر القانوني والممارسات الإجرائية والقضائية في مكافحة الفساد، وفرصة لترقية وتعزيز التعاون بين المصالح المتخصصة في هذا المجال في كل من الجزائروفرنسا. وأضاف أنه من المنتظر أن يشكل هذا اللقاء "فضاء لتبادل الخبرات وتقريب الرؤى في إطار القوانين الداخلية واتفاقيات الأممالمتحدة المبرمة في هذا السياق". بدوره، أكد المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد، أن من مهام هيئته ترقية التنسيق والتعاون مع الهيئات المتخصصة الأخرى، وتطوير التبادل الدولي الثنائي في مجال تخصصاته، مضيفا أن تنظيم هذا الملتقى يُعد "ترجمة فعلية" لنشاط الديوان في هذا المجال. وأكد السيد سايح أن تنظيم هذا اللقاء يهدف إلى دراسة عدة مواضيع ترتبط ارتباطا "وثيقا" بمحاربة الفساد، منها التشريعات الوطنية في مجال مكافحة الفساد وتحديثها، وإدارة وتقنيات التحقيق وتحديد الحسابات البنكية، وحجز وتجميد ومصادرة العائدات الإجرامية، وكذلك التعريف بالهيئات المكلَّفة بمحاربة هذه الظاهرة في كلا البلدين. وأضاف في هذا السياق أن تنظيم هذا اللقاء "جاء في وقت نحن في حاجة ماسة إلى تبادل المعلومات مع خبراء لكلا البلدين، للاستفادة من تجارب بعضنا البعض".
40 ملفا من مختلف القطاعات الاقتصادية قيد الاستغلال من جهته، أكد المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد السيد عبد المالك سايح، أن 40 ملفا من مختلف القطاعات الاقتصادية قيد الاستغلال على مستوى الديوان، مشيرا إلى أن "لدينا على مستوى الديوان ملفات عالقة؛ لأنها لا توفر جميع عوامل التقييم، في حين أحيلت أخرى على العدالة، ويتم استغلال حوالي 40 ملفا آخر". كما أكد على ضرورة استحداث آليات أخرى على المستوى الوطني في مجال مكافحة الفساد؛ من أجل تعزيز التعاون الدولي والثنائي لمواجهة الظاهرة، مضيفا أن "آليات مكافحة الفساد في الجزائر موجودة، لكننا نسعى لاستحداث آليات أخرى للتحكم أكثر في الظاهرة". وقال في هذا الصدد: "لقد قمنا بإعداد مخطط أعباء مع عدة بلدان، ومن بينها فرنسا، من أجل تبادل التجارب في هذا المجال ومقارنة الآليات الجزائرية وآليات بلدان أجنبية". من جانبه، ركز سفير فرنسابالجزائر على أهمية هذا الملتقى، مشيرا إلى آفة الفساد "التي لها عواقب وخيمة على الدول والمجتمعات، ولا يمكن محاربتها إلا في إطار التعاون الدولي". ويتناول هذا اللقاء الذي ينعقد في مقر وزارة المالية والذي يدوم 3 أيام، عدة محاور، من أهمها التشريعات الوطنية في مجال مكافحة الفساد، وإدارة التحقيقات في مجال محاربة هذه الآفة وكذا التعاون الثنائي بين المصالح المكلفة بالوقاية من الفساد.