صدر مؤخرا عن مقامات للنشر والتوزيع كتاب للأستاذ شريف الأدرع بدعم من وزارة الثقافة، تحت عنوان: بريخت والمسرح الجزائري.. مثال بريخت وولد عبد الرحمن كاكي، صدر الكتاب في وقت نجد المسرح الوطني في حاجة ماسة لصدور مثل هذه الدراسات من قبل باحثين متخصصين ومهتمين بالمسرح الجزائري تاريخا وإنتاجا، ويعملون من أجل بعثه مرة أخرى إلى عصر عمالقة المسرح الجزائري. في الوقت الذي نجد المسرح الجزائري يبحث عن ذاته مرة أخرى نتيجة التخبط الذي عرفه كباقي المرافق الثقافية الأخرى في العشرية السوداء، بعد أن تصدّر الثقافة الجزائرية واستطاع أن يتجاوز الحدود الإقليمية إلى الدولية؛ من خلال نوعية العروض وجودتها، ها هو المسرح الجزائري يتعثر وهو يبحث عن طريقه رغم وجود رصيد ثقافي وتاريخ مسرحي هائلين. كثيرا ما نجد النصوص المسرحية قليلة ولا تعتمد على قصة مسرحية، مكتفية باستنساخ ما يطرأ على الساحة المسرحية وإعادة نشرها هنا دون دراسة أو بحث؛ جريا وراء المصطلحات من المسرح التجريبي إلى المسرح العبثي، وأسماء لم تزل بالنسبة للجمهور المسرحي الضئيل عندنا غير مفهومة إلا في أذهان أصحابها، وهذا ما لمسناه في العروض المسرحية أيام الجنوب المسرحية في الشهر الماضي. وإن دلت هذه السقطات على شيء فإنها تدل على تداخل الصلاحيات وجمع التخصصات في ذهنية واحدة؛ فالكاتب هو المخرج والممثل وهو المسرح والعرض؛ من رفع الستارة إلى إسدالها. الكتاب الذي بين أيدينا يُعد فرصة للمهتمين بالمسرح اهتماما علميا مبنيا على جهود معرفية وعلى بيّنة من أمر المسرح الوطني. ورغم أن هذه الأبحاث والكتابات المسرحية قليلة إلا أنها تغطّي جانبا من هذا الفقر العلمي بالمسرح، ومن هذا الباب المؤلف الأستاذ الشريف الأدرع في تقديمه لمؤلفه الذي صدر هذه الأيام بريخت والمسرح الجزائري.. مثال بريخت وولد عبد الرحمن كاكي، يرى أن الاهتمام بالمسرح مايزال ينصبّ على البحث في تاريخ المسرح وموضوعاته في الوقت الذي يتم تهميش الجوانب الفنية للمسرح الجزائري؛ من إخراج وكتابة، كما لاحظ المؤلف أن ما ترسّخ في ذاكرة المسرح الجزائري هو التجارب التي استلهمت فنيا تقنيات الموروث الشعبي، وصيغة السينوغرافيا، وضمتها إلى عُدّة فن الكتابة المسرحية وأشكال العرض المسرحي. كما لاحظ المؤلف أن النقد الصحفي الذي واكب المسرح في نقل الخطاب المسرحي، غير متخصص، وهذا ما دفعه، يضيف الكاتب، للقيام بهذه الدراسة: «بريخت والمسرح الجزائري: مثال بريخت وولد عبد الرحمن كاكي». وقسّم المؤلف بحثه هذا إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، بينما تناول في كل فصل من فصول هذا الكتاب، عدة موضوعات، عالج فيها مسألة من المسائل التي حددها الفصل. ففي البداية؛ أي في الفصل الأول من الكتاب تناول الشريف الأدرع المسرح الجزائري والاقتباس، ثم تناول في الفصل الثاني تجربة ولد عبد الرحمان كاكي ومساره المسرحي وتأثره وانتباهه إلى وجود فن المداح. أما فيما يخص الفصل الثالث من الكتاب، فقد أجرى المؤلف فيه دراسة تطبيقية مقارنة لمسرحيتي «الإنسان الطيب لستشوان» ومسرحية «القراب والصالحين»، مبرزا في ذات الوقت حكاية وموضوع وخطاب وشخصيات المسرحيتين وبناءهما الدرامي. الكتاب من القطع العادي، ويتوزع على 177 صفحة، صدر عن مقامات للنشر والتوزيع بدعم من وزارة الثقافة.