أصبحت انتهاكات حقوق الإنسان المقترفة ضد السكان الصحراويين في المدن المحتلة بمثابة شوكة في حلق المخزن المغربي، الذي لم يتمكن من نزعها، كونه المتسبب في غرزها وأصبح يتخبط في تبعاتها أمام مجموعة دولية حريصة على وضع حد لها. ولا يمر يوم إلا واستيقظ العالم على تقرير حقوقي جديد يفضح الانتهاكات الفظيعة التي تقوم بها قوات الأمن المغربية ضد المدنيين الصحراويين ذنبهم أنهم يصرون على رفض الاحتلال ويتوقون إلى تحقيق الاستقلال دحضا للزعم المغربي ب«مغربية الصحراء الغربية”. وأكدت ريجين فيلمون، الأمينة العامة لجمعية أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في هذا الشأن، أن مصادقة البرلمان الأوروبي على تقرير النائب الأوروبي شارل تانوك شكل ”فشلا ذريعا للنظام المغربي الذي بدا عليه العجز والارتباك في حقيقة أكدها مضمون الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان المغربي، بداية شهر أكتوبر، والذي اعترف من خلاله ولأول مرة بأن المقاربات التي سوقها لم تعد تقنع. وبدلا من تحمل مسؤولية إخفاقاته المتكررة وعجز وزراء خارجيته المتعاقبين عن تسويق هذه الفكرة راح الملك محمد السادس يحمل الشعب المغربي كله مسؤولية هذا الفشل البائن. وأضافت فيلمون أن قوة تقرير النائب الأوروبي تأكدت عندما ”وضع المغرب، القوة الاستعمارية، أمام مسؤولياته وواجباته وبما يتعين عليه توضيح دواعي اللجوء إلى الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الصحراوي لفرض الأمر الواقع وإحكام قبضته على إقليم مازال ينتظر استقلاله. وأكدت أنه رغم أن مضمون التقرير كان ضربة لأطروحات الضم المرفوضة إلا أن وسائل الإعلام المغربية لا تجد حرجا في القول بأن التقرير كان إيجابيا ويخدم موقف الرباط مما جعلها تبدي دهشتها من مثل هذه القراءة الزائفة والتي تتكرر تباعا منذ سنة 1976 في تزييف مفضوح لحقائق التاريخ.وأضافت أن الفشل الذي حاولت السلطات المغربية التكتم عليه انفضح من خلال موقف الملك محمد السادس الذي أبداه تجاه الجزائر وكأنها هي سبب الفشل الذريع الذي منيت به الدبلوماسية المغربية وعجزها في الدفاع عن مقاربات لم تعد تقنع أحدا.واعتبرت أن ”اختيار تاريخ أول نوفمبر لتدنيس العلم الجزائري في رد فعل غريب أكد على ارتباك واضطراب كبيرين في أعلى هرم السلطة المغربية”. ولأجل ذلك، فقد دعت إلى إيلاء عناية خاصة بمضمون تقرير شارل تانوك بعد أن أكد على وجود قناعة مشتركة بين الأممالمتحدة والولايات المتحدة والبرلمان الأوروبي بأن مشكلة الصحراء الغربية مشكلة تستدعي تسوية عاجلة والكف عن تجاهلها طيلة عقود أربعة. وتعهدت الأمينة العامة للجمعية سالفة الذكر بأنها ”ستعمل على الترويج لمضمون هذا التقرير كونه سيكون بمثابة ورقة إقناع ذات مصداقية وبالتالي توسيع شبكة المؤيدين لتقرير المصير في الصحراء الغربية. ولدى تطرقها إلى موقف فرنسا من نزاع الصحراء الغربية، اعتبرت أن مصادقة البرلمان الأوروبي على التقرير تشكل ”تحذيرا” بالنسبة لباريس التي ستجد نفسها وحيدة في دعم موقف مملكة توسعية. وبسبب هذا الموقف المنحاز فقد لفتت فيلمون الانتباه إلى ”صعوبة” مهمة الجمعيات الفرنسية الناشطة في فرنسا لدعم الشعب الصحراوي وعددت من بينها صعوبة التعريف بأنشطتها عبر الإذاعة والقنوات التلفزيونية الفرنسية مقارنة بالصحافة المكتوبة التي ”تبقى تولي نوعا من الاهتمام” مثل يوميات ”لا كروا” و«لومانيتي” وفي بعض المرات صحيفة ”لوموند”. وفي إطار استنكار الانتهاكات المغربية لأدنى حقوق الإنسان في المدن المحتلة، نظمت رابطة الطلبة الصحراويين الشباب بالعاصمة الفرنسية تجمعا للمطالبة بإلافراج «اللامشروط” عن السجناء السياسيين الصحراويين القابعين في زنزانات مختلف السجون المغربية تم خلاله رفع العلم الصحراوي وصور هؤلاء السجناء مرددين شعارات معادية للنظام المغربي ومطالبين باستفتاء لتقرير المصير تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة. وأكدت رئيسة الرابطة، عزيزة بنت حميدة، أن هذا التجمع جاء إحياء للذكرى الثالثة لتفكيك مخيم اكديم ايزيك ”بالقوة” يوم 9 نوفمبر 2010 ووصفته بالحدث الهام في تاريخ الصحراء الغربية وكفاح شعبها. ومن جهته، أكد ممثل جمعية عائلات السجناء الصحراويين المفقودين، بشير موتيك، أن هذا التجمع نظم ثلاث سنوات بعد تفكيك مخيم اكديم ايزيك لتوجيه رسالة قوية لدعم عائلات المعتقلين الصحراويين والمطالبة بإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين ودعوة فرنسا ل«وقف دعمها الأعمى للنظام المغربي واحتلاله للصحراء الغربية”. كما نددت جمعية عائلات السجناء والمفقودين الصحراويين، بشدة، بانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها المغرب ضد المدنيين الصحراويين كما أطلق نداء ”عاجلا” باتجاه المجتمع الدولي للتحرك ووضع حد للقمع المغربي في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية. وأكدت الجمعية في ردها على خطاب العاهل المغربي، بمناسبة ذكرى ”المسيرة السوداء” التي شكلت غطاء لمجزرة حقيقية ضد الشعب الصحراوي” أن الانتهاكات التي أدانتها المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان والأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ”لا تمثل سوى جزء يسير من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب الصحراوي”. كما طالب غالي زبير، المنسق العام للمرصد الصحراوي لمراقبة الثروات الطبيعية، هيئة الأممالمتحدة بالتدخل لوقف نهب المغرب للموارد الطبيعية الصحراوية التي يرهنها المغرب بأثمان بخسة لصالح لوبيات فرنسية واسبانية مقابل شراء صمتهم تجاه مطالب شرعية للشعب الصحراوي”. كما دعا الأممالمتحدة للتحرك في أقرب وقت لوقف الاستنزاف والنهب المغربي لثروات الصحراء الغربية خاصة في ظل إصرار المغرب على ضم المياه الاقليمية الصحراوية في بروتوكول اتفاقيات الصيد الذي هو محل نقاش حاليا في البرلمان الأوروبي.