استهل فيلم "مملكة النمل" للمخرج التونسي شوقي الماجري، سهرة أول أمس بقاعة "ابن زيدون" برياض الفتح، عروض أيام الفيلم المتوسطي بالجزائر "المتوسط أرض السينما"، بحضور المنتج نجيب عياد وعدد من السينمائيين الجزائريين والمشاركين في التظاهرة ب 12 فيلما روائيا طويلا. الفيلم من إنتاج سوري تونسي مصري، ألفه الكاتب الفلسطيني خالد الطريفي، ويؤدي أدوار البطولة فيه كل من صبا مبارك، جميل عواد، جولييت عواد، منذر رياحنة وغيرهم، ويتناول الفيلم قصة مقاوم فلسطيني يدعى "طارق" يهرب من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ويسكن في الأنفاق مع عدد من المقاومين أمثاله، كما يسلط الفيلم الضوء على ما يجري داخل هذه الأنفاق التي تشكّل متنفسا للمقاومين الفلسطينيين. ويروي كيف استطاع المقاوم الفلسطيني الاستمرار في الحياة رغم الهرب واللحاق به، واستطاع الزواج من حبيبته "جليلة"، رغم محاصرة قريتهم والبحث المستمر والمطول عنه، وأنجبت طفلهما في السجن، ليخرجا بعدها منه ويسجن طارق 12 عاما في سجون الاحتلال من دون أن يرى ابنه سالم الذي يستشهد أثناء مقاومة جنود الاحتلال في القدس. وفي نهاية الفيلم، يعود طارق وجليلة مرة أخرى لبعضهما ويتقاسمان التفاحة الخضراء، تأكيدا على أن الحياة ستسمر رغم كل المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. وتدور أحداث الفيلم (120 دقيقة) في إطار واقعي تغلب عليه الفانتازيا واسترجاع وقائع تاريخية حول الزوجين الشابين جليلة (صبا مبارك) وطارق (منذر رياحنة) اللذين يعانيان من قمع المحتل الإسرائيلي على مدار 12 عاما، بسبب انخراطهما في صفوف المقاومة، حيث يتعرض كلاهما للسجن والتعذيب، كما يستشهد ابنهما الذي لم يتجاوز الحادية عشرة برصاصة مباشرة، ردا على إلقائه الحجارة على مدرعات إسرائيلية في مدينة القدس. وبينما يقدم الفيلم الكثير من المشاهد التي تصور اشتباكات مباشرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن المشاهد الرومانسية التي تدور في كهوف جبلية واسعة ممتدة تحت الأراضي الفلسطينية تظل أبرز ما يميزه عن غيره من الأفلام التي تناولت القضية ذاتها، لكنها جاءت في مشاهد طويلة جدا وفي شكل يناسب المسلسلات التلفزيونية، إذ يبدو أن الأسلوب السوري في الدراما غالب على الفيلم، وفي مراحل كثيرة من الفيلم ينتابك شعور بالملل والميوعة في تناول القضية الفلسطينية، والخروج من الواقع نحو الخرافة أساء للفيلم أكثر مما نفعه، على غرار مشهد تقسيم التفاحة الخضراء بين الجدين العجوزين، فرمزية التفاحة حسب ما ورد في الفيلم هي إنجاب أبناء، فكيف يضع المخرج هذين العجوزين في هذا المشهد؟ ولا يميل الفيلم إلى إطلاق شعارات ضد الاحتلال الإسرائيلي بقدر ما يسرد بهدوء قصة الحب بين جليلة وطارق، ويشير في المقابل إلى أن القوة تخلق قوة مضادة وفنونا من المقاومة بالحيلة أو المواجهة. وتتواصل التظاهرة "المتوسط أرض السينما" في طبعتها الثانية بالجزائر العاصمة إلى غاية 14 نوفمبر الجاري، بعرض آخر أفلام حوض البحر الأبيض المتوسط.