انتخبت الجزائر، أول أمس، بأغلبية ساحقة، عضوا في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة لعهدة مدتها ثلاث سنوات، وذلك خلال جلسة للتصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك، حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية، الذي أشار إلى أن "تزكية الجزائر في هذا المنصب الحساس تأتي تتويجا للمجهودات الحثيثة التي مافتئت تبذلها لترقية وحماية حقوق الإنسان واعترافا دوليا بجدية الخطوات التي تقوم بها لترسخ ثقافة الحكم الراشد". وأضاف المصدر أن "الإصلاحات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، والهادفة إلى تكريس الديمقراطية وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الجزائر ماهي إلا دليل على النهج الصحيح للوصول إلى تنمية شاملة ودائمة وتعزيز دولة الحق والقانون. كما يعد هذا الانتخاب شهادة من المجتمع المدني على مساهمة الجزائر في الدفاع عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم وفي كل الظروف وكذا دورها في تعزيز مصداقية الآليات الأممية لحقوق الإنسان، حيث أشار بيان وزارة الخارجية إلى أن الجزائر ستعمل كعضو فعال في مجلس حقوق الإنسان على أن يبقى هذا الجهاز مجالا مفتوحا للنقاش خدمة للتعاون الدولي من أجل ترقية حقوق الإنسان. وكان وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، قد تطرق في سبتمبر الفارط أمام الأممالمتحدة إلى ترشح الجزائر لمقعد بمجلس حقوق الإنسان، حيث تم إيداع الترشح سنة 2012. وفي خطابه خلال النقاش العام للجمعية العامة الأممية، أكد السيد لعمامرة أن الجزائر تسعى في مختلف الهيئات الإقليمية والدولية وبالتعاون مع شركائها إلى "القضاء على العديد من العراقيل التي تعترض إقامة علاقات دولية سلمية ومتوازنة وعادلة". في الوقت الذي أشار فيه إلى أن الجزائر "تنمي قيم الحوار وهي متمسكة بترقية جميع حقوق الإنسان وحمايتها"، وأن "هذا الالتزام هو الذي يشجع ترشح الجزائر لمقعد في مجلس حقوق الإنسان للفترة 2014 /2016". وكانت هذه المناسبة فرصة للتأكيد على أن "الجزائر التي يحذوها حس عال من المسؤولية، تسعى إلى تحسين فعالية مجلس حقوق الإنسان وإلى تعزيز الطابع العالمي والمترابط لحقوق الإنسان وتجنيد المجتمع الدولي بالمجلس. كما يتعلق الأمر بالنسبة للجزائر، يضيف الوزير، "بتقاسم خبرتها في مجال حقوق الإنسان والسعي إلى تحسين أداءاتها" بما في ذلك تكييف وتنسيق تشريعها الوطني مع المعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع من خلال مشاركة فعالة لكل فئات المجتمع لاسيما المرأة التي تمثل 31 بالمائة من النواب بالمجلس الشعبي الوطني. ويعكس انتخاب الجزائر بأغلبية ساحقة في هذا المحفل الدولي الهام السمعة التي تتمتع بها في مجال احترام حقوق الإنسان وهي التي صادقت على أغلبية المواثيق الدولية الخاصة باحترام الحقوق المختلفة، بالإضافة إلى تعاملاتها مع معظم المنظمات الدولية التي تنشط في هذا المجال دون خلفيات. ونادرا ما تعترض الجزائر التعامل مع بعض المنظمات المشبوهة التي تتخذ من حقوق الإنسان كمطية لتحقيق أهداف معينة، وهو ما يتجلى من خلال حرصها على دراسة طلباتها للقيام بزيارات إلى بلادنا مع الاطلاع على حقيقة نواياها، وهو ما أكده مؤخرا وزير الخارجية في الندوة الصحافية المشتركة التي عقدها رفقة وزير الاتصال، السيد عبد القادر مساهل، عندما أشار إلى أن الجزائر لا تمانع في استقبال المنظمات الدولية شريطة دراسة طلباتها شريطة أن تكون صادقة في نواياها. والواقع أن للجزائر تجربة في التعامل مع هذه المنظمات لاسيما خلال العشرية السوداء التي مرت بها، حيث كانت بعض المنظمات الحقوقية تحاول استغلال الظروف الصعبة التي كانت تعيشها من أجل التغلغل داخل المجتمع وفق أجندات مشبوهة تخدم مصالح جهات معينة، ولذلك لطالما حرصت الجزائر على التعامل مع هذا الملف بتمحيص دقيق وبعد استجلاء الوضع القانوني والمعايير التي يفترض أن تتوفر في هذه المنظمات وتخولها لأداء هذه المهمة دون خلفيات سياسية. كما أفشل هذا الانتخاب كل محاولات التشويش التي صاحبت إعلان الجزائر للترشح في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، ولعل التقارير الوطنية حول وضعية حقوق الإنسان والتي تتناقلها منظمات دولية ذات مصداقية قد أفرغت هذه المحاولات من محتواها كما لم يكن لها أي تأثير كونها تفتقد لمبررات مقنعة في الوقت الذي أصبحت فيه تجارب الجزائر في التعاطي مع مسألة حقوق الإنسان كما هو الشأن لميثاق المصالحة الوطنية من النماذج الرائدة في العالم، بالإضافة إلى الصورة التي نقلتها منظمات دولية زارت السجون الجزائرية واطلعت على التشريعات الجزائرية في مجال احترام حقوق المرأة والطفل.