على هامش الصالون الدولي للصناعة التقليدية، نظم الديوان الوطني للسياحة، رحلة سياحية اكتشافية لفائدة الصحافة الوطنية من 13 إلى 15 من الشهر الجاري، ضمن برنامجه الترقوي على المستوى الوطني، بغية التعريف بالمتاحات السياحية والثراء والتنوع الذي تتميز به الجزائر في مجال الصناعات التقليدية والحرف، فمن مقر الديوان الوطني انطلقت رحلتنا نحو مدينة تيزي وزو عاصمة جرجرة كمحطة أولى لتمتد إلى جيجل الساحلية، ثم قسنطينة مدينة الجسور المعلقة التي سنوافيكم بتفاصيلها لاحقا. بقلب مدينة تيزي وزو، يقع المتحف الذي افتتح في سنة 2012 والذي يعتبر من أهم المعالم الثقافية بالمدينة، حيث يضم بين جنباته العديد من الشواهد الفنية والتاريخية المعبرة عن أصالة المنطقة وتاريخها، وخلال جولتنا بالمتحف شدنا ثراؤه المتنوع بين الصور الفوتوغرافية التي تحاكي جمال المنطقة بداية من نبتة "وزو" صفراء اللون التي سميت بها المدينة، مرورا بصور رجال ونساء الثورة الجزائرية وأبطالها الذين تترأسهم لالا فاطمة نسومر، كما تم وضع لوحة كبيرة رسمت عليها كل الوجوه الفنية والثقافية والعلمية للمنطقة تخليدا لها. وقد حمل جناح الحرف في المتحف مشغولات وأعمالا لحرفين من المنطقة استطاعت أن تستقطب اهتمام زوار هذا المعلم الذي احتضن بدوره الخزف والحرف التقليدية على غرار صناعة الزربية، السلال، الحايك، النسيج بتشكيلات تقليدية راقية، إلى جانب الجبة القبائلية والبرنوس المطرز والوشاحات زاهية الألوان، كما كان هناك حضور قوي للأدوات التقليدية الفلاحية التي تعبر عن حقب عابرة وأصالة راسخة، وقد أشارت السيدة نادية بوجمعة مديرة المتحف إلى أن المكان يحتضن إبداعات حرفيي المنطقة بغرض التعريف بها، خاصة أنه يستقطب الزوار على مدار السنة، علاوة على المكتبة التي تحتضن الشباب والطلاب طيلة أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة. الوجهة الثانية كانت دار الصناعات التقليدية المتربعة بقلب الولاية والتي يعتبرها الحرفيون والقائمون على الحرف بالمنطقة مكسبا ثمينا كونها تحتضن أعمالهم ومنتجاتهم التقليدية بصفة دورية طوال السنة، وفي هذا الصدد أشار السيد آيت رزوق سعدي مساعد مدير غرفة الصناعات التقليدية إلى أن الدار تحتضن 52 حرفيا يمارسون العديد من النشاطات، وتضم 10 محلات حرفية وهي تحتل المرتبة الثالثة بعد الجزائر وسطيف، وقد استفاد 22 حرفيا من محلات البلدية، ومن المقرر آن يستفيد كل حرفيي المنطقة من قاعة صناعات كبيرة هي في طور الإنجاز بالمدينة الجديدة، وأضاف محدثنا أن حرص الحرفيين على الحفاظ على الحرف التقليدية التي ورثوها أبا عن جد كبير، ومنها المشاركة في جميع النشاطات التي ترعاها الدار على غرار العيد الوطني للكسكسي في بلدية فريقات، عيد الزربية في آيت هشام بعين الحمام، عيد الفخار بمعاتقة، عيد الجبة في ايلولابوزقن. المحطة الثالثة من الرحلة كانت قرية آث لحسن ببني يني عاصمة الحلي الفضية، حيث أتيحت لنا الفرصة لدخول ورشة الحرفي كركوش محمد أورمضان الذي أطلعنا على طريقة صناعة الحلي التي تعتبر فخر المرأة القبائلية كما تحدث عن العوائق التي تقف في وجه الحرفي وعلى رأسها نقص المادة الأولية. في اليوم التالي، اتجهنا نحو جيجل مدينة الجمال الخلاب على مدار السنة، حيث كنا على موعد مع حرفيين في مجالات مختلفة اتفقوا على تطوير والتعريف بالمنتوج الوطني، حيث أشار السيد كرديد عبد الحق مدير دار الصناعات التقليدية بالولاية إلى أن الدار مفتوحة للتعريف بإبداعات الحرفيين عبر التراب الوطني، كما تتميز جيجل بصناعة الجلود والفلين وقد بلغ عدد الحرفيين بها 8502 بين ذكور وإناث. وأضاف محدثنا أن دار الصناعات التقليدية قد أمضت مجموعة من الاتفاقيات، منها اتفاقية مع وزارة العدل والتي تم بموجبها تكوين 461 نزيلا تم إدماج 56 منهم في سجل الصناعة التقليدية، إلى جانب الاتفاقيات مع الشركاء الدائمين مثل، "اونساج" و«الكناك" والتي بموجبها تم توزيع 28 محلا استفاد منها 32 حرفيا أي بنسبة واحد وستين بالمائة. وكذا الاتفاقية مع التكوين المهني والتي تم من خلالها تمهين 70حرفيا. وفيما يخص حرفة صناعة الجلود التي تميز الولاية قال السيد كردي إن هناك 114 حرفيا. وحول العراقيل التي تعانيها الحرفة قال محدثنا إن المنافسة غير الشريفة تعتبر مصدر إزعاج بالنسبة لهؤلاء الحرفين إلا أن وعي المستهلك الجزائري وميله لاختيار الأحسن يساعد في التصدى لها. المحطة الثانية كانت زيارة ورشة المجبود والفتلة للسيد خميسي بلحجي صاحب مؤسسة الأصالة التي تعتمد على العمل اليدوي في نشاطها، وتكون سنويا أكثر من 50 حرفيا ويحاول صاحبها من خلالها الحفاظ على الحرف التقليدية الجزائرية. كما حط الفريق رحاله بورشة السيدة وردة بوطالب المرأة المكافحة التي ساق لها الله رزقا من صناعة الفخار، حيث تعتبر رائدة تلك الحرفة في المنطقة والتي تعمل بدورها للحفاظ عليها، حيث أكدت لنا في ورشتها المتواضعة التي بنى فرنها ابنها الذي يساعدها أنها عمدت إلى تعليم أبنائها وكل من قصدها أبجديات هذا العمل الذي يقي صاحبه شر الفاقة. آخر ورشة قمنا بزيارتها مساء يوم عاشوراء هي ورشة الصناعة الجلدية للحرفي بومهراز الصديق ببلدية سيدي عبد العزيز والذي يعمل بدوره على حماية هذه الحرفة من الدخلاء، والذي أصر على تذكير المستهلك بأهمية شراء الأدوات الجلدية المحلية التي يثق المستهلك في أصحابها بسبب المخاطر الصحية والأمراض الجلدية التي تسببها بعض المنتجات الجلدية المستوردة.