شدد خبراء في مجال الأمن عبر الطرق، على أهمية التوعية والتكوين في السلامة المرورية كعاملين أساسين في مسار التقليل من حوادث المرور وما تخلفه من ضحايا. مؤكدين على أن هذه الحوادث ليست قدرا محتوما وإنما سببا مباشرا لإهمال سائقي المركبات وعدم احترامهم قواعد السلامة وقوانين المرور. اعتبر المتدخلون خلال ملتقى توعوي حول حوادث المرور، انعقد مؤخرا ببلدية الرويبة، أن عامل التوعية بالسلامة المرورية قضية مجتمع بكامله وليس جهة دون أخرى. في السياق، قال السيد الهاشمي بوطالبي مدير المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق؛ بأن محاربة حوادث المرور ترتكز أساسا على التوعية التي اعتبرها مهمة المجتمع المدني بالدرجة الأولى، ودعاه بالمناسبة إلى الرمي بثقله في مجال توعية السائقين والمشاة على السواء على مدار السنة وليس مناسباتيا فقط. واقترح بوطالبي اتخاذ المزيد من الإجراءات الرّدعية التي من شأنها تهذيب سلوك مستعملي المركبات، بانتهاج خطط على المدى البعيد، كالاهتمام بتربية النشء وتعليمه الإلمام بقواعد المرور، مع بث ثقافة احترامها والالتزام بها. ويبدو أن الحملات الإعلامية والتوعوية والتجنيد الكبير لمصالح الأمن المشتركة، عوامل لم تنفع في التقليل من ظاهرة “إرهاب الطرق”، كما اصطلح على تسميتها، لتبقى الطرق “مقبرة مفتوحة” لمئات الأشخاص، إذ تشير أرقام الأمن الوطني التي بحوزة “المساء” إلى أن العشرة أشهر الأخيرة من السنة الجارية شهدت تسجيل 14304 حوادث، خلفت 17469 جريحا و666 حالة وفاة، في حين خلف الأسبوع الأخير من نوفمبر الجاري الذي عرف اضطرابات جوية كبيرة 214 حادث مرور، خلف 243 جريحا و14 قتيلا. واعتبر محافظ الشرطة السيد رابح زواوي في مداخلته، أن العنصر البشري يأتي على رأس قائمة أسباب حوادث المرور، مشيرا في المقابل إلى عامل التكوين كعنصر محوري للحد من تفاقم الظاهرة، بغرض “التشديد على التكوين النوعي بمدارس تعليم السياقة وإعادة رسكلة متواصلة لمؤطريها”، يقول المتحدث، وفي سياق متصل، أشار الدكتور فتحي بن أشنهو، الخبير في مجال السلامة المرورية، إلى أهمية إعادة تكييف الاستعجالات الطبية بما يتماشى مع عامل التدخل الفوري لإسعاف ضحايا المرور، وأشار إلى أن “المسألة لا علاقة لها بالموارد المالية أو المادية أو البشرية، فكل هذا موجود، لكنها مسألة تنسيق فعال بين الجهات المختلفة لتحقيق تدخل سريع وفعال قصد إنقاذ الأرواح”. ودعا المختص الجامعة الجزائرية، خاصة علوم الاجتماع، النفس والأعصاب، إلى أن تكون طرفا إيجابيا في المعادلة، بإجرائها لبحوث ميدانية متخصصة حول “سلوك السائق الجزائري المؤدي إلى حوادث المرور”، كما دعا الجهات المعنية إلى تشديد الرقابة على عملية استيراد السيارات غير المطابقة للمقاييس الدولية التي تكون، حسبه، سببا أخر في تزايد عدد حوادث المرور، من جهتها، شددت الطبيبة النقيب في الحماية المدنية، سعاد مدني، على أهمية تكوين المواطنين في الإسعافات الضرورية لإنقاذ ضحايا المرور، مشيرة إلى أن “المواطنين يسارعون للتدخل بمجرد وقوع حادث مرور، بهدف تقديم العون وإنقاذ الأرواح، لكن ودون وعي منهم، قد يمثلون خطرا على الضحية بسبب عدم معرفتهم المسبقة بطريقة تعامل أمثل في مثل هذه الظروف”، كاشفة أن عملية الإسعاف تكون معقدة للغاية وتتطلب فرقة طبية وتقنية مدربة تعمل على إخراج الضحية من المركبة بعد تعرضها للحادث، وهي العملية التي قد تدوم من 30 إلى أكثر من 60 دقيقة. للإشارة، فان إحياء اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث المرور، كان من تنظيم جمعية “البركة” لمساندة الأشخاص المعوقين، بالتنسيق مع الجمعية الخيرية لمدينة الرويبة “بذرة الخير” واختير له شعار: “القيادة الآمنة مهمة الجميع”.