إحياء لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، بادرت نيسة علالو رئيسة مكتب الحركة الجمعوية على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي والتضامني لولاية الجزائر، تحت إشراف وزارة التضامن الوطني والأسرة، بتسطير برنامج ثري يتمثل في تنظيم أبواب مفتوحة انطلقت يوم 25 نوفمبر وتستمر إلى غاية 10 ديسمبر، حملت شعار “العنف حقيقة وليس حتمية”، يتم من خلالها تحسيس وتوعية المرأة بسبل كفيلة بحمايتها من العنف أو على الأقل التخفيف من حدة العنف الواقع عليها، خاصة بعد أن تم في السداسي الأخير من سنة 2013 تسجيل 7 آلاف حالة عنف ضد المرأة. واختارت السيدة علالو المركز الثقافي الكائن ببلدية وادي قريش لبرمجة النشاطات التوعوية التي ارتأت أن تشرك بها حوالي 19 جمعية من شتى التخصصات، كون العمل التحسيسي لا يقتصر على الجهات الرسمية، إنما ينبغي للحركة الجمعوية أن تثبت وجودها في الميدان. من بين مهام مديرية النشاط الاجتماعي، تقول السيدة علالو، الاعتناء بقضايا المرأة من خلال خلايا التقارب والاستماع الموجودة على مستوى ولاية الجزائر، والتي تقوم بعملها يوميا، ونحاول من خلال الأبواب المفتوحة في طبعتها الثانية أن نعرض حصيلة مختلف النتائج التي خرجنا بها من الدورة السابقة، ونحاول توعية المرأة بها. يتمثل البرنامج المسطر في تقديم شهادات حية لنساء معنفات، ففي سابقة، قامت نسوة بإدلاء شهاداتهن بوجه مكشوف كانت لديهن جرأة للتعبير عن حالة العنف التي عشنها، حيث جاءت بهن جمعية بهدف استفادة الأخريات من تجاربهن، فمن جهة، نبرز دور المديرية في كيفية التكفل بهذه الشريحة، مع دور الجمعيات التي تقدم من جهتها العون اللازم. إلى جانب تسطير بعض المحاضرات التي تمحورت حول الجانب النفسي والتنمية البشرية لعرض مختلف المشاكل التي تقود النساء إلى الوقوع في شباك العنف، إضافة إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الدينية لعرض الوضعية التي كان من المفترض أن تكون عليها المرأة وكيف ينبغي معاملتها، إلى جانب استحضار بعض المجاهدات اللواتي أبرزن دور المرأة المجاهدة وكيف كانت تعامل وتحترم، ناهيك عن تسطير بعض التدخلات من قبل مختصين نفسانيين، اجتماعيين ومختصين في القانون لتوعية النساء بحقوقهن، كما يتم عرض شريط وثائقي حول معاناتهن من مختلف حالات العنف الجسدي، اللفظي والجنسي. وفي ردها على سؤالنا حول سبب تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة رغم ارتفاع الوعي والمستوى التعليمي في مجتمعنا، قالت السيدة علالو: “في الحقيقية أطرح علامة استفهام كبيرة بشأن تنامي ظاهرة العنف في مجتمعنا، الأمر الذي يجعلنا نعيش حالة من التناقض، فمن جهة نلمس ارتفاعا في مستوى الوعي وتراجعا في الأمية، وفي المقابل، نجد حالات عنف تحدث في أرقي الأسر، تصدر عن أشخاص مثقفين، الأمر الذي يستدعي دق ناقوس الخطر والقيام بدراسة تحليلية لمعرفة الأسباب الحقيقية، كما أرجعت المتحدثة سبب سكوت المرأة عن بعض حالات العنف المرتكبة ضدها إلى البقاء عبدا تحت رحمة بعض العادات والتقاليد التي تحول دون دفع الأذى عنها، ولعل خير مثال على ذلك تقول: “زنا المحارم الذي يرتكب ضد الأخت أو البنت باستخدام القوة دون القدرة على التصريح به، لأنه لا يزال من الطابوهات المسكوت عنها، إلى جانب تراجع مستوى تربية الأطفال، إذ تعطي بعض الأسر أهمية للذكر أكثر من البنت، وهو ما يجعل الذكور يكبرون على فكرة أفضليتهم عن الإناث، وأنه يحق لهم ما لا يجوز للإناث حتى وإن كانوا إخوة وأخوات، دون أن ننسى الزواج المبكر الذي يعتبر هو الأخر واحدا من أهم أسباب تفاقم ظاهرة العنف ضد النسوة. ما تحتاج إليه المعنفات اليوم، حسب السيدة علالو، هو وجود من يصغي إليهن ويمد لهن يد العون، ولعل هذا ما بادرت إليه وزارة التضامن التي قامت بتدشين مركز بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، يعمل على المدى البعيد لدراسة المشاكل التي تعاني منها المعنفات من خلال تفعيل آلية الإصغاء. وعن دور المساعدة الاجتماعية، ترى السيدة علالو أن المطلوب هو إعادة تفعيل دور المساعدة الاجتماعية التي تلعب دورا كبيرا في إزالة النزاعات التي تؤدي إلى ظهور حالات عنف ضد النسوة والأطفال. كان من بين الجمعيات المشاركة في إنجاح الأبواب المفتوحة لمناهضة العنف ضد المرأة؛ جمعية الرحمة النسوية الخيرية الكائنة ببلدية وادي قريش، التي ارتأت أن تشارك في الأيام التحسيسية بغية إبراز دور الجمعية التي تعمل على مدّ يد العون لفئة المعنفات، وفي حديثنا إلى السيدة سامية طواهرية الملياني رئيسة الجمعية، قالت: “نستقبل على مستوى جمعيتنا حالات كثيرة لنسوة معنفات يتعرضن لشتى أنواع العنف المسلط عليهن من قبل أزواجهن تحديدا، في المقابل، نقوم كجمعية بتقديم الدعم المادي حسب إمكانياتنا من ناحية، ونباشر من جهة أخرى تعليم الراغبات منهن في تعلم بعض الحرف التي تمكنهن من تحصيل رزقهن بأنفسهن، بغرض حمايتهن من التسول. وأردفت قائلة: “أسعى كجمعية خيرية إلى الدفاع عن المرأة وتوجيهها حتى تكون قادرة على دفع العنف المسلط عليها بمعرفة حقوقها وكيفية الدفاع عنها”. من جهتها، حدثتنا الآنسة فطيمة عديل ممثلة جمعية عدل من الشراقة، عن حالات العنف التي تستقبلها الجمعية قائلة: “رغم أن نشاطنا كجمعية يتمحور حول تقديم يد العون للعائلات الفقيرة والمعوزة من الناحية الاجتماعية، مع القيام ببعض الأنشطة الثقافية، إلا أننا لمسنا في الآونة الأخيرة توافد عدد كبير من المعنفات إلى جمعيتنا يطلبن المساعدة والتوجيه، وهو ما دفعنا إلى تبني فكرة توعية وتحسيس النسوة المعنفات بالاعتماد على القانون، تحديدا المادة 264 من قانون العقوبات، من منطلق أن أغلب المعنفات يجهلن أبسط طرق تحصيل الحقوق، الأمر الذي يجعلهن غير قادرات على رفع الغبن الواقع عليهن". ومن خلال هذه الأبواب المفتوحة، نحاول تقول فطيمة فتح أعين النساء على الدور الذي تلعبه الجمعيات الفاعلة في الميدان وإطلاعهن على نوع المساعدات التي تقدمها لهن في سبيل تحقيق هدف واحد، وهو التخفيض قدر الإمكان من حالات العنف من خلال تقديم اقتراحات وحلول علاجية. وترى الأخصائية النفسانية خيرة مسعودي عضو بجمعية الابتسامة، أن تجربتها الميدانية مع الأطفال الذين يرفضون التمدرس، جعلتنا نقف على حالات العنف الممارس على أمهاتهم، لذا أعتقد، تقول، أن المطلوب لرفع العنف على المرأة هو إيجاد قانون يقدم لها الدعم الكافي وضمانات تمكنها من الإفصاح عما تتعرض له دون خوف.