في خرجه تضامنية هي الأولى من نوعها، بادرت شبكة ”وسيلة” للدفاع عن النساء المعنفات بتنظيم بيع تضامني لفائدة ضحايا الاعتداءات من نساء وأطفال، بعد أن عجزت الشبكة عن دعم هذه الفئات المحرومة نتيجة قلة العائد المادي وتنامي عدد المعنفات، الأمر الذي استوجب على الناشطات في الشبكة التفكير سريعا في حل لتغطية احتياجات المعنفات من نفقات التقاضي والعلاج. واختارت الناشطات في شبكة ”وسيلة” أن يتم تنظيم البيع التضامني بمطعم بنواحي الأبيار، أين عرضن مجموعة من الألبسة التي تباينت بين أطقم رجالية، أثواب نسائية وأخرى موجهة للأطفال، إلى جانب بعض الألعاب، الكتب، أجهزة منزلية وبعض الأواني، مع بعض الكتب التي دأبت الشبكة على تأليفها وطباعتها لتوعية المجتمع بخلفيات العنف في المجتمع الجزائري. ولدى تجول ”المساء” في المعرض، استوقفنا إقبال المواطنين الكبير على اقتناء المعروضات التي كانت تباع بأثمان رمزية، وفي حديثنا إلى فاطمة أوصديق عضو بشبكة ”وسيلة” وأستاذة في علم الاجتماع، قالت؛ ”بأن الشبكة ترغب من خلال هذا المعرض الصغير للبيع بالتضامن، فتح نقاش مع أفراد المجتمع حول إشكالية العنف الممارس ضد النساء، للتنبيه إلى فئة هامة تحتاج إلى الدعم والمساندة، وفرصة للتعريف بالخدمات التي تقدمها الشبكة في سبيل تأمين ولو جزء بسيط من الحماية لهذه لفئة، عن طريق النصيحة والتوجيه، في ظل عدم قدرة الشبكة على تسديد نفقات التقاضي لدى بعض المعنفات بسبب ضعف المورد المالي، وهو الإشكال الكبير الذي نعاني منه، خاصة بعد صدور قانون الجمعيات الجديد الذي منعها من الحصول على دعم مالي من جهات أجنبية”. التفكير في البيع التضامني ما هو إلا خرجه خيرية نسعى من ورائها لتأمين المال للواتي يتصلن بالشبكة، بعد تعرضهن للعنف، طلبا للمساعدة المادية بعد أن نقوم تقول أوصديق بتوجيههم قانونيا أو طبيا أو نفسيا، فلا يخفى عليكم أننا نملك على مستوى الشبكة مختصين قانونيين، إلى جانب أخصائيين نفسانيين، علماء اجتماع وأطباء يقدمون النصح والتوجيه اللازم، لكن من الناحية المادية نحتاج دائما إلى من يدعم الشبكة ليتسنى لنا مواصلة الكفاح في سبيل تأمين حقوق الضحايا من المعنفين سواء أكانوا نساء أو أطفالا”. ”يعتبر الدعم المادي بالنسبة للجمعيات الناشطة من أكبر الإشكالات التي تواجه الحركة الجمعوية، بحكم أننا نقوم بهذا العمل التضامني، ولأول مرة نحاول الاستفادة من هذه التجربة، إذ نحاول أن نتعلم كيف نحصل على المال، وكما ترون السلع التي قمنا بعرضها تعود ملكيتها لسيدات من الشبكة اللواتي قمن بتنظيمها وتسويتها حتى تكون صالحة للبيع”، تقول فاطمة أوصديق. وفي ردها عن سؤالنا حول تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة، قالت المتحدثة ”بأن الشبكة لا تملك إحصائيات دقيقة حول عدد المعنفات، بالنظر إلى الكم الكبير من المكالمات الهاتفية التي تستقبلها يوميا الشبكة، غير أن الأكيد أن العنف العائلي في تنام مستمر، وهو ما نحاول مواجهته بتفعيل النصوص القانونية التي لو طبقت كما يجب لتمكنا من الحد من الظاهرة أو على الأقل محاربتها”.
أكثر من 20 اتصالا من المعنفات يطلبن التوجيه والدعم من جهتها، قالت سهيلة ليفكي مكلفة باستقبال المكالمات الهاتفية بالشبكة، مختصة نفسانية، بأن ”الشبكة تتلقى يوميا العديد من الاتصالات الهاتفية لنساء معنفات من كل أنحاء التراب الوطني، يطلبن المساعدة المعنوية ومنهن من يطلبن التوجيه من الناحية القانونية كونهن يجهلن أبسط حقوقهن، بينما تطلب أخريات التنقل إلى الشبكة ليتم التكفل بهن، وعلى العموم تختلف احتياجات النسوة المتصلات، لكنها تصب في وعاء واحد، هو الكشف عن حالة العنف التي تعرضن لها سواء كانت مادية أو معنوية والرغبة في إيجاد حلول لها. وما أود التنبيه إليه ونحن نستقبل أزيد من 20 اتصالا يوميا، أن النسوة المعنفات لسن من اللواتي ينتمين إلى الطبقة الكادحة، أو يعانين من مشاكل اجتماعية صعبة، وهو في كثير من الأحيان الاعتقاد السائد عند الترويج لحالة عنف، لكن الواقع يكشف أن أكثر المعتدى عليهن نسوة ينتمين إلى الطبقة المثقفة الواعية، مما جعلنا نقر بأن العنف لا علاقة له بالمستوى الاجتماعي أو الثقافي، مادامت المرأة الطبيبة والمعلمة تتعرض للعنف هي الأخرى ومن قبل زوج أو أخ أو أب مثقف ومتعلم”. وحول المعرض التضامني، أفادت الأخصائية النفسانية سهيلة بأنها تعتبره بالنسبة للشبكة بمثابة تجربة لبحث سبل توفير المال اللازم، لدعم المعنفات اللواتي يتجهن للقضاء بغرض تسوية وضعيتهن، أو للمطالبة بحقوقهن في ظل عزوف المجتمع ممثلا في مؤسسات أو أشخاص تقديم المساعدة. وحول عدد المعنفات اللائي تم إحصاؤهن هذه السنة، أفادت سهيلة أنه بالاعتماد على إحصائيات السنة الماضية، تم إحصاء على مستوى العاصمة 8000 حالة والرقم مرشح للارتفاع، وما نود التأكيد عليه تضيف الأخصائية النفسانية هو وجوب النظر بطريقة جدية في ملف المعنفات وإرساء سبل أفضل للتكفل بالأطفال والنساء المعنفات. وترى المحامية سماتي بشبكة ”وسيلة” التي أخذت على عاتقها مهمة التكفل بالجانب القانوني للمعنفات، أن الانشغال الكبير الذي تواجهه المعنفات هو جهلهن لأبسط حقوقهن، من أجل هذا يقصدن الشبكة للاطلاع على الإجراءات التي ينبغي عليهن اتباعها لتحصيل حقوقهن، لأنها تتطلب توفر بعض المال بحكم أن الشبكة غير قادرة على تقديم الدعم المادي، ”بالتالي نلجأ إلى البحث عن بعض السبل لتأمينه منها ومساعدة النسوة على تحصيل حقوقهن، ونناشد في نفس الإطار المجتمع ضرورة التآزر مع هذه الفئات التي تعاني في صمت”.