حاولت الجمعيات المشاركة في الأبواب المفتوحة والمنظمة من طرف مديرية النشاط الاجتماعي والتي تدوم إلى غاية العاشر من شهر ديسمبر، استعراض جملة من الأسباب التي أدت إلى تفاقم ظاهرة العنف المسجل ضد المرأة والتفكير في بعض الحلول التي من شأنها الحد منه، خاصة أنها أخذت أوجها جديدة. الجمعيات المشاركة في الأبواب المفتوحة في تحليل ظاهرة العنف المسجل ضد المرأة، انطلقت من الأرقام التي كشفت عنها ممثلة مديرية النشاط الاجتماعي والتي أقرت بأن الجزائر تحصي 22 حالة اعتداء مسجل ضد المرأة، بناء على إحصائيات الأمن الوطني لسنة 2010، علما أن هذا الرقم يخص فقط الحالات التي يتم الإفصاح عنها بمراكز الشرطة أو على مستوى الطب الشرعي، ما يعني إمكانية وجود حالات اعتداء أخرى مسكوت عنها تعاني في صمت. قالت السيدة سهيلة كواش رئيسة جمعية الهناء من خلال تدخلها، انه من غير المعقول تخصيص يوم 25 نوفمبر من كل سنة للحديث عن ظاهرة العنف ضد المراة وبحث أسبابها لأن الظاهرة باتت معروفة عند الجميع، وأن ما ينبغي التركيز عليه هو البحث عن آليات تحيط المرأة المعنفة بالحماية القانونية اللازمة التي من خلالها يمكن أن تخرج عن صمتها وتدافع عن حقوقها. وجاء على لسان المتحدثة، أن المجتمع الجزائري اليوم يعيش ظهور أنواع أخرى من العنف، فبعدما عرفنا العنف الذي يمارسه الرجل على المرأة، نعيش اليوم حالة عنف تمارسها المرأة ضد نفسها بعد أن ضاقت بها السبل ولم يعد بإمكانها التعبير عن الحالة التي تعانيها نتيجة الخوف، ما يدفعها في كثير من الأحيان إلى الانتحار أو الإصابة ببعض الأمراض النفسية المستعصية، من أجل هذا تضيف المتحدثة تعد الجمعيات بمثابة الفضاء الذي تلجأ اليه النسوة للتعبير عن مشاكلهن، وهو ما نؤمنه لهن، غير أن الأمر يظل غير كاف، خاصة إذا علمنا أن الوعي بخلايا الإصغاء التي تمنح المرأة فرصة التعبير عن مشاكلها وإعطائها بعض الحلول، غير كافية، بدليل أن بلدية أولاد فايت مثلا لا تحوي مراكز إصغاء « ما يضطرني كرئيسة جمعية، إلى توجيه بعض النسوة إلى بلدية السويدانية لطلب المساعدة من مراكز الإصغاء». وعن بعض الحلول التي تقترحها رئيسة جمعية الهناء، قالت «بما أننا على علم بأن المشكل الذي لا تزال تعاني منه المرأة المعنفة هو الخوف، فإن الحل الأمثل هو التكثيف من مراكز الإصغاء على مستوى كل البلديات المتواجدة بكامل التراب الوطني، وبهذه الطريقة تتمكن المعنفة على الأقل من ايجاد فضاء تستريح فيه، وتعبر عن مشاكلها الى جانب التكثيف من الخطوط الخضراء التي من خلالها يمكن للمرأة طلب المساعدة، وبالتالي التخلص من خوفها ان صح التعبير. وحول أكثر صور العنف الممارسة ضد المرة اليوم، تقول المتحدثة أنها تعتبر العنف اللفضي أخطر أنواع العنف الذي تواجهه المراة اليوم، لأنها تعيشه يوميا منذ خروجها من بيتها وإلى غاية العودة إليه، ما يعني أنها تعيش صراعات نفسية دائمة تجعلها تعاني ضغطا دون معرفة سبب هذا العنف الذي يلجا إليه المعنف، من خلال اختيار أبشع العبارات فقط لأن المرأة لا تستجيب له أولا تعيره اهتماما أولأنها ترغب في حفظ كرامتها! من جهتها، تعتبر عائشة رئيسة جمعية ترقية الفتاة، أن هذه الأبواب المفتوحة بمثابة الفرصة الذهبية لالتقاء الجمعيات النسوية التي تهتم بالمرأة والفتاة والأسرة، لوضع بعض الحلول التي تعتقد أنها الأقدر على حماية المراة والحد من العنف الممارس ضدها من خلال توعيتها إلى ضرورة التمسك بحقوقها، وان مطالبتها بالمساواة مع الرجل لا يعطي للرجل الحق في إهانتها، حيث قالت « نسعى من خلال هذه الأبواب المفتوحة إلى توعية المرأة بضرورة الخروج عن صمتها والمطالبة بحقوقها لتعيش على الأقل من دون ضغوط نفسية، ولتثبت أن المجتمع يحتاج إلى كل من المراة والرجل ولا يقوم على مبدأ تفضيل الرجل على المرأة، وهذا اللقاء فرصة للحديث عن العنف الجنسي، إذ لابد من توعية المرأة بأبسط حقوقها حتى لا تظل ضحية». استعرضت المتحدثة بعض الحلول التي تعتقد أنها كفيلة للحد من الظاهرة، حيث قالت «أعتقد أن المطلوب هو ان يفهم الرجل مبدأ المساواة، لأن المقصود من المساواة هو تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، هذا من ناحية، كما أن الحد من الظاهرة يتطلب تضافر جهود كل المؤسسات إذ يقع على عاتق كل إدارة أو مؤسسة ان تقوم بالتوعية على مستواها على غرار المساجد مثلا والمدارس، لان تضيع المجتمع الجزائري لبعض قيمه الأخلاقية أسهم في تفاقم الظاهرة، وإلا كيف نحصي اليوم حالات اعتداء الابناء على ذويهم وتحديدا على الأمهات! من جهة أخرى، نوهت المتحدثة بأن الجمعيات اليوم تطالب بضرورة ايجاد فضاءات جديدة تتكون من أخصائيين نفسانيين واجتماعيين يصغون إلى النساء المعنفات، وفي المقابل تعتبر النسوة المعنفات الفضاء ملجأ لمعرفة حقوقهن ومساعدتهن على الخروج من حالة العنف التي تعانيها لتحقيق هدف واحد هو توعية المرأة وتوجيهها وبالتالي التقليص من الظاهرة. ولدى تصنيفها لأكثر صور العنف خطورة بالمجتمع الجزائري، قالت المتحدثة أنها تعتقد أن العنف الجنسي أخذ حيزا كبيرا، بدليل أن المراة تعاني منه يوميا أينما ذهبت، بوسائل النقل وببعض أماكن العمل، يليه العنف الجسدي الذي تسبب في تشويه وإعاقة عدد كبير من النسوة.