اعتبر الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أن الزيارات التي أدّاها إلى 38 ولاية إلى حد الآن، تُعد سابقة في تاريخ الجزائر. وقال: "بلغ عدد الزيارات التي قام بها الوزير الأول رفقة أعضاء من الحكومة 38... ولا أحد قام بذلك منذ الاستقلال... لأننا تعهّدنا أمام البرلمان وبتعليمة من رئيس الجمهورية، أن يكون عملنا جواريا، يسمح لنا بمعرفة النقائص، ومن ثَم معالجتها وأخذ التدابير اللازمة بشأنها"، مجددا التأكيد على أن هذه الزيارات لا تحمل طابع "الحملة الانتخابية"، ومشددا على أنها تدخل في إطار العمل الحكومي "لا أكثر ولا أقل". وأكد الوزير الأول أن النقائص المسجلة سيتم أخذها بعين الاعتبار في "البرنامج الإنمائي 2014"، مضيفا بأن سنة 2014 التي وصفها ب "الحاسمة"، ستكون انطلاقة ل "مستقبل آخر ستحققه الجزائر... لأن مكانتها أكبر وأقوى وأبعد من تلك التي توجد فيها اليوم".
العودة بالجزائر إلى الوراء "مهزلة" وأوضح بأن الجزائر تسير نحو "بناء اقتصاد قوي وحضارة قائمة على الإسلام واللغتين العربية والأمازيغية واكتساب العلم والمعرفة... وسنكون، عن قريب، في طريق أخرى تبعث على الأمل". لكنه ربط بناء هذا "المستقبل" ب "تعزيز وتدعيم الجبهة الداخلية وتقويتها، وأن نعمل مع بعضنا البعض دون كراهية أو حقد" من جهة، وببناء "اقتصاد قوي" يقوم على الاستثمار والتصدير، خاصة الاستثمار في الموارد البشرية من جهة أخرى. أما القول بغير ذلك فهو مجرد "أكاذيب وسياسة سياسوية"، يضيف السيد سلال. واعتبر الوزير الأول أمام سكان قالمة، أن من المستحيل التفكير في أن الجزائر ستعود إلى الوراء، قائلا: "التاريخ لا يعيد نفسه"؛ لأنه في حال العكس، سنكون أمام "مهزلة"، و«لن يكون الأمر كذلك"، مضيفا أن "الحكومة ساهرة، ودرست آفاق 2014 وأبعد من ذلك"؛ فالأكيد أن الحكومة "محكوم عليها بإيصال البلاد إلى مكانتها الحقيقية".
سنقدّم حصيلتنا بضمير مرتاح وقبل ذلك فهي ملزَمة بتقديم حصيلة عن إنجازاتها، وهو ما سيتم، يؤكد الوزير الأول، الذي قال في هذا الصدد: "سنقدّم الحصيلة أمام البرلمان بكل فخر واعتزاز... لأنها واضحة كل الوضوح... وإنجازاتنا بادية للعيان باعتراف كل دول العالم حتى الأعداء... وسنقدّمها بقلب مفتوح وبضمير مرتاح" رغم اعترافه بوجود ما وصفه ب "أخطاء طفيفة". وذكّر في هذا السياق بأهمية الاستقرار الذي تنعم به الجزائر بفضل العمل الذي قام به رئيس الجمهورية، والذي مكّن من استرجاع الأمن والطمأنينة، مشيرا إلى أن الاستقرار هو "السر وراء التطور وبناء دولة قوية".
صارمون مع المخلّين بالأمن العام ومختطفي الأطفال كما أكد الوزير الأول عزم الدولة على الوقوف بصرامة أمام كل من يحاول المساس بالأمن العمومي أو بمقومات المجتمع الجزائري. وقال: "نحن حكومة نفضّل الحوار ولا نريد الاصطدام مع شعبنا... لكن من يسعى للإخلال بالنظام العام والمس بمقومات المجتمع الجزائري أو محاولة إعادة فتنة التسعينيات... نقول له إن ذلك مستحيل... نحن نسير قدما، ولقد ركبنا القطار، وهناك فرصة لأن يلتحق المتأخرون بالركب قبل أن ينطلق القطار". وأضاف سلال أن ما هو مسموح به هو الحوار و«حل المشاكل بالتي هي أحسن" و«الخروج إلى الشارع بهدوء"؛ للتعبير عن وجود نقائص وعدم تطبيق القانون والعدالة في بعض الحالات، لكن التفكير بعقلية "البايلك" للمساس بالمنشآت والهياكل، أمر غير مقبول. ولأول مرة تطرق الوزير الأول لقضية اختطاف الأطفال، التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وذلك بعد تسجيل حادثة اختطاف بقالمة، انتهت بعودة الطفل إلى أحضان والديه. وكان سلال منزعجا جدا وهو يتحدث عن هذه الحادثة، معتبرا أنه لا يمكن القبول تماما بهذه الظاهرة. وإذ ذكّر بالتدابير التي اتخذتها الحكومة بعد حادثة قسنطينة التي راح ضحيتها طفلان، والتي اتسمت بتعزيز القوانين الردعية لمكافحة ما وصفه ب "المرض"، عبّر الوزير عن اقتناعه بأن مثل هذه الظاهر دخيل عن المجتمع الجزائري "السليم"، قائلا: "هذه الاختطافات ليست من مقومات مجتمعنا"؛ ولهذا شدد على ضرورة عدم التأثر السلبي بالمجتمعات الأخرى. وأقسم الوزير الأول بعدم الرجوع عن "التطبيق الصارم للقانون" في حالات اختطاف الأطفال. وقال: "الذي يختطف بنتا أو ابنا... أقسم أنني لن أتركه بدون عقاب، وسنكون صارمين في ذلك". كما عاد للحديث عن أهمية الاستثمار، معتبرا أن من استثمروا "هم على صواب"، داعيا إلى أهمية الذهاب نحو التصدير للخارج؛ لتعزيز الاقتصاد الوطني. وجدّد وعوده بمنح تسهيلات للمستثمرين، دون أن يهمل جانب الاستثمار في الموارد البشرية، وقال إنه عامل رئيس في تطور البلاد.
بين بومدين وبوتفليقة "علاقات قوية" وخيّمت روح الرئيس الراحل هواري بومدين على اللقاء الذي جمع الوزير الأول السيد عبد المالك سلال بممثلي المجتمع المدني في قالمة، وذلك عشية الاحتفال بذكرى رحيل الزعيم. سلال الذي رفض قراءة الخطاب المكتوب مفضلا الارتجال، قال إن تزامن الزيارة مع ذكرى رحيل ابن المدينة كان "صدفة"، مذكرا بالعلاقات "القوية" التاريخية والإنسانية بين الراحل بومدين و«صديقه في كل الأزمان التي عرفتها البلاد مع الرئيس بوتفليقة".. علاقات كانت قوية، و«تركت بصماتها حتى يومنا هذا". كما ذكّر بالتاريخ الثوري للولاية، مترحما على روح أول شهيد في مجازر 8 ماي 1945 عبد الله بومعزة، وكل الرجال الذين صنعوا تاريخ قالمة، التي قال سلال إن مروره بها في السبعينيات جعله يتعلم الكثير، لاسيما من الأسلاف.