ترك العام المنصرم بصماته المؤلمة ورفض الرحيل دون أن يأخذ معه مبدعين ونجومًا لهم بالغ الأثر في حياة الناس، إذ فقدت الساحة الثقافية الجزائرية العديد من الوجوه الفنية والمسرحية والأدبية التي ساهمت في الارتقاء بالثقافة الجزائرية، والحال نفسه مسجل على الصعيدين العربي والعالمي. في عام 2013 عرف النسيج الثقافي والفني الجزائري فقدان عدد من ركائزه في شتى الروافد، وتتالت أخبار رحيل أسماء إلى الدار الآخرة دون سابق إنذار تاركة فراغات يصعب ملؤها وحسرة في الأفئدة، إذ لم يمر شهر من هذه السنة إلاّ ونُعي فيه علم من أعلام الجزائر.
من بوقرموح إلى الشرشالي تلقت عائلة السينما الجزائرية مع مطلع السنة، يوم 26 جانفي، خبر وفاة المخرج التلفزيوني سيد أحمد سجان (76 سنة) الذي عمل إلى جانب مخرجين سينمائيين أمثال موسى حداد ومصطفى بديع، وبعد أسبوع أصيبت الحياة الثقافية بفاجعة أخرى ألمت بها، وبالضبط يوم 3 فيفري، حيث توفي المخرج عبد الرحمن بوقرموح عن عمر ناهز ال77 عاما. ويعدّ بوقرموح من روّاد الفيلم الأمازيغي الطويل، حيث قام بإخراج أوّل فيلم بالأمازيغية “الربوة المنسية” سنة 1996 المقتبس عن رواية بنفس العنوان للكاتب الكبير مولود معمري، وقد أنجز أيضا خلال مسيرته الفنية أفلاما طويلة أخرى منها “عصافير الصيف” سنة 1978 و«كحلة وبيضاء” في 1980 المهدى لأنصار فريق وفاق سطيف و«صراخ الصخر” (1986). وفي 24 مارس، رحل عن عالم الشريط المرسوم عبد الرحمن ماضوي (88 عاما) الذي أسّس خلال الستينيات مجلة “امقيدش” التي تعدّ أولى المجلات المختصة في الشريط المرسوم في الجزائر والتي ساهمت في إبراز العديد من الأسماء الجزائرية المميزة منها سليم وهارون وعيدر وعرام وبوصلاح وآخرون. كما كان لرحيل الفنان مصطفى تومي يوم 3 أفريل عن عمر ناهز 76 سنة وقع على الثقافة الجزائرية وعالم الأغنية الجزائرية الملتزمة، حيث ألّف كلمات “سبحان الله يا لطيف” لعميد أغنية الشعبي محمد العنقى، بالإضافة إلى “رايحة وين” التي أداها العديد من الفنانين ولا يزال صداها يصدح في الساحة الفنية. وغداة وفاة مصطفى تومي، توفيت الممثلة سليمة لعبيدي التي سجلت حضورها كممثلة في العديد من الأفلام والمسلسلات الجزائرية لتلتحق بها في7 ماي فنانة الفخار ويزة باشا التي استطاعت أن تصنع من الفخار قطعا بسيطة وجميلة تجمع بين التقاليد والعصرنة. وعن عمر ناهز 64 عاما، توفيت الأديبة يمينة مشاكرة، صاحبة روايتي “أريس” و«المغارة المتفجرة” التي صمم غلافها محمد اسياخم وكتب مقدمتها الأديب كاتب ياسين، وبعد أسبوعين، في 25 ماي توفي مدير التصوير مصطفى بلميهوب عن عمر يناهز ال71 سنة، ليفقد بعدها الفن الرابع، المسرحي الكبير حبيب رضا، يوم 29 ماي عن عمر ناهز 94 عاما، واستهل المسرحي، محمد حطاب، المعروف باسم حبيب رضا مساره المسرحي في 1939 ضمن فرقة “محيي الدين بشطارزي” التي كان يعدّ من أهم ممثليها. وفي 14 جوان، بالرباط (المغرب)، توفي مطرب أغنية الراي الشاب عقيل إثر حادث مرور ليلتحق به في 10 جويلية، الكاتب الجزائري بوخالفة بيطام الذي وافته المنية عن عمر ناهز 93 عاما، وتوفي الجامعي الجزائري والمختص في الأدب العربي والترجمة، حمدان حجاجي في 6 أوت بباريس (فرنسا) عن عمر ناهز75 سنة، وكان قد فقد من قبل، قطاع السمعي البصري في 14 جويلية، المخرج التلفزيوني، عبد الله تيكوك، المعروف بسلسلة من الأفلام الوثائقية حول الطبيعة التي كانت تبث عبر التلفزيون الجزائري. وفقد المسرح الجهوي لوهران خلال أسبوع ممثلين هما علي كوشا (55 عاما) في 25 أوت ومحمد بلعروسي (60 عاما) في 30 أوت، وفي 14 سبتمبر، توفيت المغنية الوهرانية صوريا كنان (55 عاما)، باسبانيا ليلتحق بها بعد أسبوع، الفنان التشكيلي لزهر حكار(68 عاما) الذي تألق في عدة تخصصات فنية على غرار المنمنمات والزخرفة والنحت والتصوير والخط. وفي 7 أكتوبر، توفي مغني الشعبي أحسن السعيد عن عمر ناهز86 عاما، واحتك الفقيد بأكبر “شيوخ” الشعبي الجزائري على غرار الشيخ مريزق وبوجمعة العنقيس وغيرهما، ليعلن في أسبوع لاحق عن وفاة الفكاهي دحو مزيان في 13 أكتوبر عن عمر ناهز 79 عاما. ويعد رحيل شيخ المؤرخين أبو القاسم سعد الله يوم 14 ديسمبر أكبر مصاب ألم بالمشهد الثقافي بالجزائر، وقد وافته المنية عن عمر ناهز 83 عاماً بعد مرض عضال ألزمه الفراش، ويعدّ سعد الله من أكبر المؤرخين الجزائريين ومن رجالات الفكر البارزين وأعلام الإصلاح الاجتماعي والديني وهو من مواليد 1930 بضواحي قمار بولاية وادي سوف بالجنوب الشرقي للجزائر بالصحراء، وحفظ سعد الله القرآن في سن مبكرة وتلقى مبادئ العلوم من اللغة والفقه بمسقط رأسه مدينة قمار. وله سجل علمي حافل بالإنجازات ومن حيث الوظائف التي تقلدها أو المؤلفات التي تركها في العديد من المواضيع كالتاريخ وعلم الاجتماع واللغة وحتى المواضيع الدينية. وحصل على الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة العام 1965 والماجستير عام 1962 وشهادة ال”بي .أش .دي” عام 1956 من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وتخصّص الفقيد في تاريخ الجزائر الحديث وتاريخ أوروبا الحديث والمعاصر، وتاريخ المغرب العربي الحديث والمعاصر، وتاريخ النهضة الإسلامية الحديثة والدولة العثمانية منذ 1300، ومن أهم ما ألف الفقيد موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي في 9 أجزاء فضلاً عن كتب في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية. ورحل يوم 23 ديسمبر المطرب محمد الشرشالي، وهو واحد من أهم شيوخ أغنية الشعبي، صاحب رائعة “مولات العين الزرقا” التي مازالت تعرف شهرة منقطعة النظير، وقد توفي عن عمر يناهز 65 عاما بعد صراع طويل مع المرض، تاركا رصيدا مهما من الأغاني الملتزمة على غرار “سيدي ابراهيم الغبريني” و«السعد يا السعد” وغيرها.
رحيل “قديس الطرب”، العيسى والفاجومي وآخرون على الصعيد العربي، شهد عام 2013 رحيل الكثير من نجوم زمن الفنّ الجميل، أبرزهم وديع الصافي “قديس الطرب” و«صوت الجبل”، ووحيد سيف وإسماعيل عبد الحافظ، والشاعر السوري الكبير سليمان العيسى، الذي رحل يوم 09 أوت، عن عمر ناهز 92 عاما في العاصمة السورية دمشق، بعد صراع طويل مع المرض. ويعتبر الشاعر الراحل من أهم الشعراء السوريين، وقام بكتابة كافة النصوص الشعرية في كتب التعليم الابتدائي في سوريا، وعرف بمساندته للثورة الجزائرية، حيث بدأ العيسى بكتابة الشعر في ال9 من العمر، وكتب أول ديوان شعري له في القرية التي ولد فيها، قرية النُّعيرية، وتحدّث فيه عن هموم الفلاحين وبؤسهم. وغيّب الموت هذا العام الفنان، وديع الصافي، الملقّب بعميد الأغنية، وهو ما أحدث صدمة كبيرة في نفوس جمهوره وتلاميذه، فرحل بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز الثانية والتسعين عامًا في أحد مستشفيات لبنان. ومنذ أيّام غيّب الموت الفنانة، زهرة العلا، عن عمر يناهز الثمانين عامًا بعد عناء مع المرض، وذلك بعد أن أنهت الإشراف على قصّة حياتها التي ستتحوّل إلى عمل درامي عن مشوارها الفني، وفي اليوم نفسه رحل الفنان المصري جمال إسماعيل، عن عمر يناهز الثمانين عامًا بعد رحلة عطاء طويلة في الفن، علمًا أنه انتهى قبل رحيله بثلاثة أيام من تصوير آخر مشاهده من مسلسل “مكان في القصر” للمخرج عادل أديب الذي لم يمهله القدر للاحتفال بنجاحه. وحصد الموت عددًا من نجوم الكوميديا من بينهم وحيد سيف عن عمر يناهز الرابعة السبعين عامًا، وهو الذي تميّز في عشرات الأعمال من بينها مسلسل “المال والبنون” و«رحلة السيد أبو العلا البشري”، مسرحية “شارع محمد علي” وفيلم “رجب فوق صفيح ساخن”، ولحق به الفنان نبيل الهجرسي عن عمر يقترب من السادسة والسبعين عامًا وذلك بعد إصابته بهبوط في الدورة الدموية. ورحل عمدة الدراما الصعيدية الكاتب محمد صفاء عامر إثر إصابته بجلطة دماغية، وذلك بعد تعرّضه لمشكلات صحية في القلب والتنفس، ونجح عامر في إثراء الشاشة بالأعمال الصعيدية من بينها “ذئاب الجبل” و«حدائق الشيطان” و«مسألة مبدأ”، وترك وراءه مسلسل “شفيقة ومتولي” من دون أن ينتهي من كتابة كل أحداثه. وغاب المخرج المسرحي أحمد عبد الحليم، أحد أهم مؤسسي المسرح المصري والكويتي في برلين أثناء تلقيه العلاج من أزمته الصحية الأخيرة، وصاحبته وقتها زوجته الفنانة عايدة عبد العزيز، كانت له إسهامات كبيرة في العمل المسرحي في مصر والكويت ومن أشهر أعماله “الملك لير وشمشون الجبار”، “بلقيس” و«الشاطر حسن”. وفي العام نفسه، رحل المخرج الكبير توفيق صالح عن عمر يناهز السابعة والثمانين عامًا، وكانت له إسهامات كبيرة في عالم الإخراج حيث أطلق عليه لقب “مخرج الواقعية” نظرًا لطبيعة أفلامه ومن بينها “يوميات نائب بالأرياف”، “درب المهابيل”، “صراع الأبطال” و”المخدوعون”، وواجه توفيق صالح الكثير من الأزمات بسبب موقفة السياسي المعارض. رحل عمدة الإخراج إسماعيل عبد الحافظ مخرج الروائع وأحد روّاد الدراما التليفزيونية، ومن بينها “الشهد والدموع”، و”عفاريت السيالة”، و”ليالي الحلمية” و”الوصية”، وشكّل خلال مشواره دويتو ناجحًا مع الكاتب الكبير أسامه أنور عكاشة، توفي أثناء رحلته العلاجية في أحد مستشفيات باريس بعدما نصحه الأطباء بضرورة العلاج خارج مصر. رحل أيضًا الفنان الكوميدي، فؤاد خليل، عن عمر يناهز 72عامًا بعد صراع مع المرض استمر 8 سنوات تنقل خلالها بين المستشفيات وانتهت بأمراض في القلب والشيخوخة إلى جانب شلل رباعي، وغاب هذا العام أيضًا الفنان سيد عبد الكريم نجم مسلسل “ليالي الحلمية” الشهير ب«المعلم زينهم السماحي”، وشارك “في خالتي صفية” و«الدير” و«زيزينيا” بعد أن بلغ عامه السادس والستين، وكان قد عمل أستاذًا في كلية الزراعة بعدما تخرّج من المعهد العالي للسينما. كما عرف العام رحيل العديد من مشاهير الدراما العربية الذين أثروا الحياة الدرامية بالعديد من الأعمال التي ستبقى تذكرنا بهم دوما ونعرض في هذا التقرير أهم نجوم الدراما العربية الذين وافتهم المنية العام الماضي، حيث شهد العام وفاة الفنان السوري صباح عبيد عن عمر يناهز 63 عاما إثر تعرّضه لجلطة دماغية أدخلته المستشفى، الفنان الراحل من مواليد عام 1950 وكانت له عدة مسلسلات مميزة أبرزها مسلسل “البركان” و«الجوارح” وغيرها. كذلك تم تسجيل وفاة الفنان وحيد عزت، عن عمر يناهز 81 عاماً، وهو ممثل مصري شهير، له العديد من الأعمال المميزة، وتوفي لطفي الدزيري، وهو فنان تونسي شارك في العديد من الأعمال المسرحية والدرامية وله 39 فلما أجنبيا و8 أفلام تونسية. ورحل الفنان نضال سيجري، عن عمر يناهز 48 عاماً، بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو فنان سوري له العديد من الأعمال الدرامية والكوميدية المميزة التي قدمها خلال حياته وكان أبرز الأعمال التي قدمها المسلسل الكوميدي الناقد “ضيعة ضايعة” من تأليف ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو. كما عرف العام الفائت وفاة الفنان السوري سليم كلاس عن عمر ناهز ال77 عاما إثر نوبة قلبية ألمت به في العاصمة دمشق، وكان الراحل يستعد لتصوير أدواره بعدة أعمال درامية تعرض في الموسم الرمضاني المقبل وكان للراحل بصمته الواضحة في التلفزيون السوري والعربي، واشتهر بتقديمه البارع لشخصيّة “الحلاق” في أعمال البيئة الشامية، مثل “الخوالي” و«ليالي الصالحية”، و«أيام شامية”. وعن عمر يناهز 25 سنة، توفيت الممثلة السورية غادة الشعشاع، في بيتها أثناء استحمامها، حيث توفيت مختنقة، وقدمت غادة العديد من الأعمال الدرامية بالإضافة إلى بعض الأعمال التركية المدبلجة بصوتها. وفي الثالث من ديسمبر2013 توفي أحمد فؤاد نجم الشهير ب«الفاجومي” الذي يعدّ أحد أهم شعراء العامية في مصر وأحد ثوار الكلمة واسم بارز في الفن والشعر العربي، عن عمر ناهز 84 عاما، وعرف الفاجومي بنقده الحاد وبأشعاره المناهضة للسلطة والتي تسبّبت في سجنه خلال فترة رئاسة كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات، كما عرف عنه بأنه “نصير الفقراء”، وفي عام 2007 اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة “سفيراً للفقراء”.
العالم يودع هيسيل، مونتيس وجين فوندا وعلى الصعيد الدولي، خسر عالم الأدب الكاتب والشاعر والدبلوماسي الفرنسي، ستيفان هيسيل، الذي توفي في 27 فبراير عن عمر ناهز 59 عاماً، والذي يبرز من بين أعماله “وقت الغضب” الذي انتقد فيه السياسات الإسرائيلية كما دعا للمعاملة بالمثل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أمّا الشاعر والكاتب المسرحي الأرلندي شيموس هيني، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1995، فتوفي في 30 أوت بأحد مستشفيات العاصمة الأرلندية دبلن عن عمر ناهز 74 عاماً، وألّف هيني العديد من الأعمال البارزة في الشعر والمسرح من بينها “موت عالم طبيعة”، “شمال”، “العلاج في تروي”، “الدفن في طيبة”، “جزيرة المحطة”، “أبصار الأشياء”، و«عمل ميداني” كما رحل الكاتب الإنكليزي الشهير، جيمس هربرت، الملقب بملك روايات الرعب في بريطانيا والذي ترجمت أعماله إلى 34 لغة، في 21 مارس، وفي عالم الأدب الناطق باللغة الإسبانية رحل ألفارو مونتيس وهو أديب وشاعر يعتبر من أبرز كتاب أمريكا اللاتينية المعاصرين، ويبرز من بين أعماله ديوان، عناصر الكارثة والأعمال المفقودة و«ثلج الأميرال”. وخسرت هوليوود النجم بول واكر وكانت المفارقة في طريقة وفاته، فقد رحل نتيجة حادث سيارة في 30 نوفمبر عن 40 عاماً، على رغم أنه بطل سلسلة أفلام “السرعة والغضب” التي تحدثت عن سباق السيارات، وودّعنا في هذا العام أيضا الممثل الكندي الشاب كوري مونتيه، أحد أبرز نجوم مسلسل “غلي” التلفزيوني الشهير، والذي عثر عليه ميتاً في غرفته بأحد فنادق مدينة فانكوفر، ليرحل وهو في ال28 من عمره بسبب تعاطيه مزيجاً من المخدرات والكحول. وفي 21 ديسمبر فارقت النجمة المخضرمة جين فوندا الحياة عن عمر ناهز 96 عاماً، وهي التي فازت بجائزة الأوسكار مرتين وبجائزة إيمي، وقبلها بستة أشهر وتحديداً في 21 جوان توفي الممثل الأميركي جيمس غاندو لفيني، الذي اشتهر بدوره في بطولة مسلسل “ذي سوبرانوز”، إثر إصابته بأزمة قلبية في إيطاليا، التي كان يزورها للمشاركة في الدورة ال59 من مهرجان تارومينا السينمائي.