أكد وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، أن المغرب لم يقدم اعتذارات للجزائر، إثر الاعتداء على مقر القنصلية العامة بالدار البيضاء وتدنيس الراية الوطنية، مضيفا في هذا الصدد أنه “سواء كنا على توافق أو على خلاف حول مسألة ما، فأنا لا أعتقد بأن تكون الطريقة الوحيدة للتعبير عن الخلاف هي تدنيس الراية الوطنية”. ووجه السيد لعمامرة رسالة إلى الرباط من خلال تجديد موقف الجزائر من القضايا التي تربطها مع دول الجوار قائلا في هذا الصدد “يجب أن نكون مسؤولين وأن نتعلم كيف نكون مختلفين بطريقة حضارية” وأن “الخلافات الموضوعية” يجب ألا تمنع البلدان المتجاورة من العيش معا والتعاون والتقليص من مجالات الخلاف. واستغرب وزير الخارجية الموقف المغربي الرافض لتقديم الاعتذار عكس فرنسا التي أعربت عن أسفها بخصوص تصريحات الرئيس فرانسوا هولاند حول الأمن في الجزائر، موضحا لدى نزوله ضيفا على حصة “على الخط” التي بثتها القناة التلفزيونية “كنال ألجيري” يوم الأربعاء، “كانت هناك اتصالات هاتفية من وزير الشؤون الخارجية الفرنسي بنظيره الجزائري ومن الرئيس الفرنسي بالرئيس الجزائري ولقد تضمنت عبارات في غاية الأهمية فيما يخص العلاقات بين البلدين أما مع المغرب فلم يحدث ذلك”. وأضاف في هذا الصدد انه لا يحق له الحكم على طريقة رد فعل أي بلد في أوضاع مماثلة، مشيرا إلى أنه “قد وقع حادث كذلك مع فرنسا وكان بوسع الجميع ملاحظة المكالمات الهاتفية والبيانات واعتذارات هذا البلد. فهل صدرت اعتذارات من الرباط؟”. وأبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية المسلمات الأساسية للسياسة الخارجية للبلاد والتي ترتكز على احترام سيادة الآخرين، مضيفا في هذا السياق أن الجزائر التي تربطها علاقات صداقة مع معظم بلدان العالم “حريصة جدا على توازن المصالح ولا تستغل أحدا وليس لها نية توسعية على حساب أحد”. وأن المبادئ التي يؤمن بها البلد “جد مشجعة لجميع البلدان المجاورة ولباقي المجموعة الدولية”. وكانت الجزائر قد طلبت من الرباط إشراكها في التحقيق عقب الاعتداء الذي قال عنه السيد لعمامرة في وقت سابق بأنه ترك جرحا في الضمير الجماعي للشعوب المغاربية، من منطلق أن الفعل يتنافى والمواثيق الدولية ضد ممثلية دبلوماسية محمية بقوة القانون، غير أن المخزن لم يأبه بكل ذلك وفضل مواصلة استفزازاته ضد الجزائر من خلال الاكتفاء بإصدار عقوبة الحبس لشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها 250 درهم (22 اورو) فقط على مقتحم القنصلية “حميد النعناع”. وكان وزير الشؤون الخارجية، قد أشار في آخر حوار له للمجلة الشهرية “أفريك ازي”، الأسبوع الماضي، إلى حجم الضرر الذي لحق بالعلاقات الثنائية إثر الاعتداء على قنصلية الجزائر بالدار البيضاء في الفاتح من نوفمبر، أي اليوم الذي شهد تسارع وتيرة مسار الشعوب المغاربية نحو التحرر التضامني من الهيمنة الاستعمارية، مشيرا إلى أن المغربيين يعرفون جيدا ما يجب فعله حتى يتسنى للعلاقات الثنائية أن تسير بطريقة عادية وباستقلالية، وأن العلاقات الثنائية لا يمكن أن تنحصر في مسألة غلق الحدود البرية. وفي انتظار تسوية مسألة الصحراء الغربية التي هي مسألة تصفية استعمار. وبخصوص هذه القضية، أكد وزير الشؤون الخارجية للقناة التلفزيونية أن الجزائر تساند مساعي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة من أجل الصحراء الغربية، كريستوفر روس، وتدعو لتكثيف جهوده في المنطقة من أجل التوصل إلى استفتاء لتقرير المصير. وأوضح السيد لعمامرة في هذا الصدد “نحن نساند كريستوفر روس الذي يحتاج لأن يكون مبدعا في طريقة القيام بجهوده. المهم هو أن تكثف جهوده وجهود الأمين العام للأمم المتحدة وألا يحصر ملف الصحراء الغربية في مجرد نشاط ظرفي”. في الوقت الذي دعا فيه لمعالجة الملف الصحراوي بجد من خلال رزنامة زيارات ميدانية ولقاءات أكثر طموحا والتوفيق بين مناهج العمل”. وفي رده على سؤال حول المفاوضات غير المباشرة القادمة بين المغرب وجبهة البوليساريو التي قد تعقد حسب بعض وسائل الإعلام في السويد في جلسات مغلقة من دون حضور الجزائر وموريتانيا بصفتهما ملاحظين، قال السيد لعمامرة “إذا ارتأى السيد روس بأنه لا ينبغي أن يحضر البلدان في مرحلة ما من المفاوضات فنحن لا نرى مانعا في ذلك”. وبعد أن أكد أن الجزائر لم تتلق دعوة للمشاركة في المفاوضات بصفة ملاحظ، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الأممالمتحدة موجودة في المنطقة للتوصل إلى استفتاء لتقرير المصير، مضيفا أن “الطرفين طرحا أفكارهما وخططهما الخاصة بالتسوية وللسيد روس أن يعمل على تجسيدها وتشجيع تقارب وجهات النظر” وذكر أن “القاسم المشترك” يبقى “تنظيم استفتاء نزيه لتقرير المصير”.