سقطت مدينة الفلوجة، الواقعة غرب العراق، أمس، بين أيدي مسلحي العشائر السنية، الذين أعلنوا قيام "الدولة الإسلامية" في مشهد أكد خطورة الانفلات الأمني الذي يتخبط فيه العراق منذ مدة. وأكد مصدر أمني رفيع المستوى، أمس، أن "الفلوجة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام". وأضاف أن "المجموعات السنية المتطرفة" في إشارة إلى مسلحي العشائر قاموا بتشكيل حكومة خاصة بالمدينة التي أعلنوا فيها قيام "الدولة الإسلامية". مشيرا في الوقت نفسه إلى أن القوات الأمنية تتواجد حاليا بمحيط المدينة الواقعة حوالي 60 كلم إلى الغرب من العاصمة بغداد. وفقدت القوات النظامية سيطرتها على هذه المدينة الاستراتيجية بعد معارك ضارية اندلعت قبل خمسة أيام بينها وبين مسلحي العشائر من جهة وبينها وبين مقاتلي تنظيم القاعدة من جهة ثانية، أسفرت عن سقوط 32 قتيلا مدنيا وأكثر من 75 مسلحا. وخرج سكان غرب العراق الذي تقطنه أغلبية سنية على طاعة السلطة المركزية في بغداد بعد سنوات من التفاعل السلبي في علاقة الحكومة العراقية مع هذه المحافظات التي تتهم سلطات بغداد بتهميشها. وشكلت العملية العسكرية التي شنتها القوات العراقية منذ خمسة أيام لتفكيك مخيم اعتصام مناهض لرئيس الحكومة الشيعي نوري المالكي بساحة الرمادي عاصمة محافظة الانبار السنية بمثابة النقطة التي أفاضت كأس الغضب لدى الطائفة السنية.وتحججت الحكومة العراقية بتحول مخيم الاعتصام إلى معسكر يأوي عناصر تنظيم القاعدة لتنفيذ تلك العملية العسكرية التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المعتصمين في مشهد أمني منفلت عجزت القوات النظامية في احتوائه. وهو ما أثار مخاوف داخلية متصاعدة من انعكاساته الخطيرة على وحدة العراق.ورفع هذه المخاوف ائتلاف "متحدون" الذي يرأسه أسامه النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي والذي وصف الوضع بمحافظة الأنبار ب«الخطير" ويهدد ب«تمزيق وحدة الوطن" ودعا الائتلاف في بيان اثر اجتماع عقدته قيادته لمناقشة الوضع السياسي والأمني في الأنبار الحكومة إلى "اتخاذ إجراءات شجاعة لتلبية مطالب المعتصمين".وأضاف بضرورة التوصل إلى "حل سياسي على اعتبار ان الخيار العسكري لن يحسم الأمر مع المواطنين... والشعب في الأنبار يستحق أن يكافأ على مواقفه من تنظيم القاعدة وفلولها". وأضاف أن "أي انتقاد موجه إلى إجراء حكومي أو إدانة طريقة تصرف أو أسلوب عمل... لا يعني بأي شكل من الأشكال بأننا نوافق أو نتعاطف مع كل من يريد بالعراق سوءا أو يحاول ضرب الوحدة الوطنية". ورأى النجيفي بأن "استباحة وتغلغل فلول القاعدة إلى بعض مناطق الأنبار خطأ كبير تتحمله الحكومة بسبب إجراءاتها القاصرة عن استيعاب الوضع وكسب المواطنين في هذه المحافظة لأنهم قادرون ويمتلكون التصميم والعزيمة على دحر الإرهاب".وكان ائتلاف "متحدون" أعلن الاثنين الماضي استقالة نوابه من البرلمان احتجاجا على تطورات الأوضاع في محافظة الأنبار في وقت أعلن فيه النجيفي انسحابه من وثيقة السلم الاجتماعي (وثيقة الشرف) لنفس السبب. وتشهد محافظة الأنبار التي تقطنها الطائفة السنية منذ خمسة أيام معارك واشتباكات عنيفة بين المسلحين الذين سيطروا على عدد من مدن المحافظة وبين قوات الجيش العراقي. وكانت الحكومة العراقية قررت الأربعاء الماضي إعادة نشر قوات الجيش في مدن الأنبار بعد يوم واحد من سحبها.