العائلات العنابية تحتفل برأس السنة الأمازيغية بالأكلات الشعبية والبوقالة تستقبل العائلات العنابية، رأس السنة الأمازيغية بالأكلات الشعبية، الحلويات التقليدية والمكسرات حيث تقام الاحتفالات في مختلف الأحياء الشعبية العريقة ببونة، من خلال تقديم دعوات للأهل والأقارب لقضاء ليلة مع العائلة الكبيرة، وهذا ما تعتبره بعض المسنات فال خير على الموسم الفلاحي الجديد حيث تذبح الدواجن والخرفان في الاحتفال. كما تعتبر هذه التظاهرة احتفالا بذكرى انتصار الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثاني فرعون مصر. وهناك من أهالي عنابة من يفضل تحضير طبق الشخشوخة والفطير المرصع بلحم الخروف الجبلي ومرق الزبيب وهي لواحق ضرورية تعطي نكهة لهذه السنة الجديدة باعتبارها مباركة على الفلاحين، العازبات والمتزوجات حديثا. وفي هذا السياق تختلف عادات وتقاليد سكان عنابة من عائلة إلى أخرى، باعتبار أن هذه المنطقة تضم سكانا من الولايات الأخرى، خاصة تلك القادمة من باتنة ومنطقة القبائل، والتي تمركز أغلبها في قلب بونة النابض بالحركية، ويظهر ذلك جليا من خلال تنوع الطقوس، أين تجد المدينة العتيقة بلاص دارم عشية الاحتفالات بالسنة الأمازيغية قبلة لمختلف الأطباق الشعبية، في حين يهم العنانبة بشراء المكسرات وبعض الحلويات التقليدية مثل المقروض العنابي الذي يجد مكانا له في كل جلسة مع الأهل باعتباره سلطان الصينية العنابية، وفي الليل يكون الأقارب قد اجتمعوا في صحن المنزل الكبير حيث تكون الجدة هي المسؤولة عن توزيع الأطباق اللذيذة، وقبل ذلك بساعة، توزع هذه الأكلات خاصة منها الشخشوخة، الفطير والرشتة على الفقراء والمصلين في المساجد، إلى جانب تقديم أطباق أخرى على عابري السبيل وهي عادات حميدة يعتبرها العنانبة جلبا للرزق. تتواصل السهرة في فناء المنزل بتقديم صينية الشاي المرفوقة بالحلوى والمكسرات، أو ما يسمى بطبق ”القشقشا”، وهو خليط من حلوى الحلقوم، الحلوى الفضية، اللوز والجوز، وتوزع هذه الحلويات على الضيوف، وتستمر القعدة إلى منتصف الليل، أين يتبادل الأهل أطرف الحديث والأحجيات والحكايات الطريفة وآخرون يتذكرون أقاربهم الذين يعيشون خارج الجزائر، فيما تستغل الفتيات فرصة الاحتفالات بشهر يناير بالبوقالة وانتظار الفال الزين، حيث تتوسط الجدة العازبات، وتأمر كل واحدة بالخروج إلى الشارع وانتظار فالها للعام الجديد، حيث تعلو الزغاريد والتصفيقات ومباركة كل فتاة تكون كلمات البوقالة متطابقة لأمانيها. أما الرجال يقضون ليلتهم في المقاهي الشعبية بعد صلاة العشاء، فيما تقام حفلات راقصة بدور الشباب ومديرية الثقافة، وفي هذا الشأن برمجت دار الثقافة بعنابة لهذه السنة سهرة فنية مع فنانين محليين وفي مختلف الطبوع، حيث تزين الفوانيس المساجد والشوارع احتفالا برأس السنة الأمازيغية. وعلى صعيد آخر تستمر أفراح أهل القرى بعنابة ليومين، فالسهرة الأولى تخص الأكلات الشعبية والجلوس مع الجدة والأقارب، واليوم الثاني تخرج فيه النسوة إلى حقول الزيتون، المزراع والمروج الخضراء تبركا برزق الله بعد أن يكون العشب قد غطى الأراضي الجرداء خلال تهاطل الأمطار، ويتم طهي طبق اسمه العصيدة والتي تحضر بطريقة تقليدية على طابونة الفحم في الغابة ويضاف لها زيت الزيتون والسكر وتؤكل حينها، وتعتبر من الأكلات التي تزيد من الحيوية وهي فال خير تعبيرا عن بداية عام جديد للزرع والبذر بضواحي منطقة عنابة. فيما تستمتع العائلات ببعض اللحظات الممتعة في أحضان الطبيعة واستنشاق الهواء النقي وارتشاف القهوة التي تطهى على الجمر.